طلال سلامة من روما: يواجه برلسكوني راهناً رؤساء النقابات العمالية، من جهة، وتذمر البعض في فريقه التنفيذي عليه، من جهة أخرى. لا بل نستطيع التحدث عن حركة عصيان عمالية وسياسية ضد برلسكوني الذي يسارع في إيجاد الحل المناسب لإسكاتها قبل أن تتحول الى شوكة في حلقه. فما لديه يكفيه ويزيد، ولا أحد لديه القدرة على معالجة جميع المشاكل وحلها في يوم واحد! ويعزي البعض تفاقم أزمة الصناعيين هنا الى بعض الصحف المحلية التي تسعى الى غرز الخنجر بعمق في قلب حكومة روما النابض. وحتى لو كانت آراء برلسكوني أوامر على وزرائه إلا أن المساعدات الحكومية، التي يريد برلسكوني عرضها على شتى القطاعات الصناعية المنتجة هنا، وأولها قطاع إنتاج السيارات، شطرت المياه في فريقه التنفيذي الى بحرين، وكل تيار في هذين البحرين يسير ضد الآخر.
بالطبع، لا يكفي تخصيص مساعدات مقدارها 300 مليون يورو الى قطاع السيارات في حين خصصت حكومة باريس له خمسة بليون يورو تقريباً! بمعنى آخر، دخلت المساعدات الحكومية الإيطالية، لتلك الشركات الواقعة في شتى المشاكل ثقيلة العيار، إطاراً إنقاذياً يتخذ طابعاً سياسياً. وما يخطط له برلسكوني من مساعدات عليه أن يكون تنافسياً مع ما خططت حكومتا باريس وبرلين له! علماً أن برلسكوني سيواجه معارضة شديدة اللهجة، من حزب رابطة الشمال، الذي يتوعد رئيس الوزراء علناً باتخاذ إجراءات انتقامية بحقه في حال تصويت البرلمان الإيطالي على أي برنامج مساعدات خاص بشركة quot;فياتquot; الطليعية لانتاج السيارات.
صحيح أن ما قد يتجرأ برلسكوني على تنفيذه quot;جنونيquot; لكن المراقبين لا يستبعدون اتفاقية أخرى، شبيهة بالصفقة، بين برلسكوني وجزء من وزرائه مع الحزب الديموقراطي اليساري لتسيير الأمور. في أي حال، لن يوافق حزب فلتروني على برنامج دعم مالي هزيل مما قد يحض برلسكوني على رفع سقف المساعدات الحكومية، ولو قليلاً، لانتزاع موافقة اليسار عليه. من جانب آخر، يعلم برلسكوني جيداً أن خطواته القادمة قد تثير غضب رابطة الشمال بيد أنه مستعد لتقديم بعض التنازلات، في شؤون أخرى، لارضاء أومبرتو بوسي، رئيس رابطة الشمال، التي لم تتوقف مطالبه بعد عقب إحلال النظام الفيدرالي وتحقيق إصلاحات العدالة هنا. إذ ينبغي مراقبة الأوضاع الداخلية والخارجية، عن كثب، لرسم خططاً وطلبات جديدة للضغط على برلسكوني أكثر فأكثر.
التعليقات