رام الله: تحولت بطاقة إطراء من وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إلى رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، إلى quot;لعنةquot;، على ما يبدو بدل أن تكون بمثابة الدعم والتأييد لهذا الرجل وذلك خلال جولتها الشرق أوسطية الأسبوع الماضي. استقالة فياض، التي تقدم بها السبت الماضي، تشي بأن دعم واشنطن ربما أدى إلى إنهاء مصير المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي الذي أدخل شكلاً من الشفافية على السلطة الفلسطينية.

علنياً، قيل إن استقالة فياض جاءت لتمهد الطريق أمام تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطيني، تضم أعضاء من حركتي فتح وحماس المتنافستين، وهي التي قد تتمخض عنها جلسات الحوار التي تستضيفها القاهرة، والتي يشارك فيها مسؤولون مصريون. فقد برر فياض استقالته بأنه يريد دعم الجهود المبذولة لتشكيل حكومة وحدة وطنية في الأراضي الفلسطينية، قائلاً إن استقالته ستدخل حيز التنفيذ فور تشكيل تلك الحكومة.

في حين ترى حركة المقاومة الإسلامية، حماس، أن الاستقالة لا علاقة لها بالحوار الوطني، ولا بحكومة الوفاق. المصريون بدورهم، وبتوصية من واشنطن، ربما يحاولون إعادة فياض إلى السلطة، ولكن في منصب آخر، ألمح البعض إلى أن هذا المنصب قد يكون منصب quot;رئيس السلطة.quot; على أن هذا لن يكون سهلاً، فحركة حماس أوضحت منذ وقت طويل أنها لا تعترف بشرعية فياض بوصفه رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، وهو المنصب الذي عيّنه فيه رئيس السلطة، محمود عباس، في العام 2007.

وزعمت مصادر في السلطة أن تربيتة كلينتون على ظهر فياض، كانت بمثابة نقطة تحول مفاجئ بالنسبة لكثير من المسؤولين في حركة فتح، التي استاءت من فياض الذي ليس لديه أي توجه سياسي محدد، رغم أنه انتخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، كمرشح عن حزب الطريق الثالث. ورغم أن أسلوب فياض في إدارة المصارف قد أذهل الحكومات الغربية، إلا أنه (الأسلوب) أثار غضب الورثة الثوريين للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في حركة فتح.

وربما تكون مغادرة فياض للسلطة مؤشر لتراجع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قليلاً عن خططها في الشرق الأوسط، وخصوصاً أن وسائل إعلام إسرائيلية زعمت أن كلينتون حذرت الفلسطينيين من أن الولايات المتحدة لن تتعامل مع حكومة فلسطينية لا يرأسها فياض.

وبصرف النظر عن صحة هذه التقارير الصحفية، إلا أن معظم الفلسطينيين مستاؤون من التدخل الأميركي في شؤونهم السياسية الداخلية. فقد فرضت الإدارة السابقة على الفلسطينيين إجراء انتخابات ديمقراطية، ثم رفضت واشنطن نتائجها التي انتهت بفوز حركة حماس بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني، بل وبدأت بفرض ضغوط دبلوماسية واقتصادية للتراجع عن هذه الانتخابات.

وأظهرت استطلاعات رأي جرت مؤخراً أن غالبية الشعب الفلسطيني تعارض ما ذهبت إليه وزيرة الخارجية الأميركية من تأييدها لفياض وعباس. بل وكشفت الاستطلاعات تنامي التأييد لحماس في الضفة الغربية، وكذلك تأييداً أكبر لرئيس وزراء السلطة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية وذلك على حساب حركة فتح وزعيمها عباس.

أظهر استطلاع جديد للرأي العام الفلسطيني هبوطاً في شعبية الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء المستقيل سلام فياض، وارتفاعاً بارزاً في شعبية إسماعيل هنية، رئيس الحكومة المقالة في قطاع غزة وحركة حماس.quot; وأضافت: quot;لكن الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الفترة ما بين 5 - 7 آذار (مارس) الجاري، بعد أسابيع من الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة وبدء حوار المصالحة الفلسطينية، بيّن أيضا أن حركة فتح لا تزال أكثر شعبية من حركة حماس (40 في المائة للأولى في مقابل 33 في المائة للثانية).quot;

وكشفت أن الاستطلاع الذي شمل عينة من 1270 شخصاً، بيّن quot;أنه لو جرت انتخابات رئاسية اليوم (الثلاثاء)، وكان المرشحان المتنافسان على موقع الرئيس هما هنية وعباس، فإن هنية يحصل على 47 في المائة من الأصوات فيما يحصل عباس على 45 في المائة. وكان استطلاع مماثل أجراه المركز قبل ثلاثة أشهر بيّن أن عباس يحصل على 48 في المائة من أصوات الناخبين فيما يحصل هنية على 38 في المائة.quot;

يقول مشير المصري، المتحدث باسم حركة حماس إن quot;فياض رجل أميركا في المنطقة، ولهذا السبب لا يريده الفلسطينيون بينهم.quot; وفي الحوار الفلسطيني، تطالب حركة حماس حكومة عباس في الضفة الغربية بإطلاق سراح أسراها، الذين تقدر عددهم بحوالي 400 عنصر، قبل الشروع في بحث تشكيل حكومة اتفاق وطني. في حين دعا المسؤولون المصريون المتحاورين الفلسطينيين إلى تشكيل حكومة غير فصائلية، وهو ما ترفضه حركة حماس.