طلال سلامة من روما: يواصل جان فرانكو فيني، رئيس البرلمان الإيطالي، التشكيك بتحسين قانوني أضافته رابطة الشمال الى سلة القوانين الأمنية، العادية والطارئة، التي حولها روبرتو ماروني الى quot;حصان طروادةquot; يؤازر وزارة الداخلية في مشاداتها مع الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين وزوارقهم، في أفريقيا الشمالية. يعطي هذا القانون جميع الأطباء العاملين على الأراضي الإيطالية حق إبلاغ الشرطة عن أي مهاجر غير شرعي يقصدهم للمعالجة. في هذا الصدد، يقف العديد من نقابات الأطباء، بشتى شرائحها الإدارية والفردية، بوجه هذا القانون. في الواقع، لم يتمكن فيني من الاختفاء وراء قناع مؤسساتي مزيف، وهاهو اليوم يقف علناً ضد تبني هذا القانون. فالأخير غير مقنع إطلاقاً ومن غير المستبعد أن يقف رئيس الجمهورية، جورجو نابوليتانو، ضده. في الحقيقة، بدأ الارتياب يهيمن على وجوه العديد من الشخصيات المؤسساتية رفيعة المستوى. للآن، لم يبد برلسكوني أي موقف حيال ظاهرة تجريم المهاجرين غير الشرعيين عن طريق أطباء المستوصفات والمستشفيات!

علاوة على ذلك، يتمسك فيني، ربما لأنه طبيب بدوره، بواجب قيام أي طبيب بمعالجة المحتاجين للعناية الطبية من دون رؤية سيرتهم الأمنية، ان كانوا شرعيين أم لا في حال كانوا أجانب. فالمسألة لا تقتصر اليوم على الأمن إنما على الصحة العامة. صحيح أن أجهزة الشرطة والشرطة العسكرية يتوجب عليها المحافظة على الأمن الداخلي إنما ما سيحصل، في حال توقيع البرلمان ورئيس الجمهورية، على هذا التحسين القانوني، لن ينصب لا في صالح الشرطيين ولا في مصلحة الأطباء. ماذا لو كان المهاجر غير الشرعي مصاب بمرض معدي لدى وصوله الى ايطاليا. في المقام الأول، فانه سيفهم بسرعة، حتى لو كان جاهلاً للغة الإيطالية، من رفاقه ما هي أهم القوانين والإجراءات التي تستهدفهم هنا. وبصورة شبه طوعية، سيلجأ هذا المهاجر أم ذاك لطرائق التطبيب البديلة التي من شأنها، على الأرجح، تعقيد الأمور عليه وعلى محيطه.

لا بد من المؤسسات الحكومية مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية المتفاقمة، بيد أن فيني يؤمن بأن جرح حقوق الإنسان ليست صلاحية يمكن لحزب من أحزاب ائتلاف برلسكوني الحاكم فرضها على الأطباء والمهاجرين معاً. وإلا فإننا أمام أخلاقية سياسية مسوسة وظالمة تُبرز لون الجلد والعرق!