طلال سلامة من روما: يسود القلق في مدارس الحرب بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حول أوضاع القواعد الجوية الأميركية الموجودة في مدينتي quot;أفيانوquot; وquot;فيتشينساquot; بإيطاليا. علاوة على ذلك، ثمة quot;عناصر معاديةquot; في المجتمع الإيطالي تثير شكوك الأميركيين. هذه بعض الأسباب التي تحض الاستراتيجيين الأميركيين الى طرح خطة نقل طائرات quot;اف 16quot; الأميركية من هذه القواعد بإيطاليا الى بولندا. لغاية اليوم، تنتمي هذه الخطة الى مجرد quot;نظرية أكاديميةquot;.

وفق الدراسات المؤخرة التي نفذها خبراء البنتاغون فان نقل هذه الطائرات الى قواعد ببولندا تتجانس مع مصالح حكومة واشنطن التي تنقل تدريجياً قواتها العسكرية بأوروبا الى أوروبا الشرقية نظراً للتغييرات التي طرأت على السيناريوهات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة (الجولة الأولى منها؟). وتظهر الدراسة أن بولندا دولة مخلصة مما يدفع حكومة واشنطن الى توطيد العلاقات معها في ضوء تحركات روسية طموحة يصفها الأميركيون بالمتعجرفة.

بالطبع، فان تحويل خطة نقل طائرات quot;اف 16quot;، من ايطاليا الى بولندا، من نظرية بحتة الى أمر واقع، لن يمر quot;مرور الكرامquot; بصمت أمام أعين حكومة موسكو بخاصة في فترة عصيبة ترى جدلاً حاداً حول مستقبل الدرع المضاد للصواريخ التي تنوي واشنطن بناؤه ببولندا، لا سيما بعد ترحيب حكومة وارسو باحتضانه على أراضيها من دون شروط. ويأتي هذا الترحيب برغم المعارضة الروسية شديدة اللهجة.

هذا ويسارع البنتاغون الى التوضيح أن مسألة نقل هذه الطائرات مجرد تدريب أكاديمي. بمعنى آخر، فان هذه الخطة ما تزال حبراً على ورق أي أن إدارة القوات الجوية الأميركية لم تدرجها بعد في قائمة أعمالها. كما أن الوحدة المركزية للقوات الأميركية بأوروبا والناتو والحكومات المعنية بالأمر لم تناقشها رسمياً بعد. مع ذلك، فان هذه النظرية، التي قد تتحول من كلام فارغ الى حدث صاعق بصورة مباغتة، تفتح نافذة قلق أميركية حول المجتمع الإيطالي. صحيح أن ايطاليا حليفة مخلصة لأميركا، بغض النظر عن لون حكوماتها السياسي، بيد أن بعض القطاعات في المجتمع الإيطالي تتمسك تاريخياً بسلوك سياسي واجتماعي عدواني يرفض تقديم الدعم لسياسة أميركا الخارجية.

في أكثر من مناسبة، تم تنظيم تظاهرات تندد بوجود قاعدة أميركية جوية بمدينة quot;فيتشينساquot; مثلاً. ما يعكس وجود عناصر بشرية قد تهدد أمن القواعد الأميركية الجوية هنا بصورة مباشرة. أما بولندا فهي تعرض فرصاً أكثر لتدريب القوات الأميركية. كما تعرض قيوداً أقل حول المجال الجوي وتقدم للطيارين الأميركيين مساحات أوسع للتدرب.