أنقرة: فاز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في الانتخابات المحلية التي جرت يوم الأحد لكن رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان لم يتمكن من تحقيق فوز كاسح الأمر الذي ربما يزيد من صعوبة الأمر عليه للمضي قدما في إصلاحات من اجل الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.

وفي تطور محبط لاردوغان اخفق حزبه في الفوز في تحقيق الفوز في مدينة ديار بكر اكبر مدينة في جنوب شرق البلاد الذي تقطنه أغلبية كردية وفي عدة مدن رئيسية أخرى منها ازمير. وحققت المعارضة العلمانية مكاسب أيضا في اسطنبول اكبر المدن التركية.

وأظهرت النتائج غير الرسمية بعد فرز نصف أصوات الناخبين حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على 39 في المئة من الأصوات في المجالس المحلية لكنه ما زال متقدما على المعارضة العلمانية حيث ما زال الناخبون مقتنعين بان اردوغان هو الأفضل لقيادة تركيا خلال الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقال مراد يتكين وهو كاتب عمود بصحيفة راديكال التي غالبا ما تنتقد الحكومة quot;إذا حصل حزب العدالة والتنمية الحاكم على اقل من 40 في المئة وخسر في اسطنبول فان هذا سيمثل خطرا على اردوغان.quot; وقال اردوغان في مقابلة يوم الجمعة انه إذا فاز حزبه في انتخابات المجالس المحلية بأقل من النسبة التي حصل عليها في انتخابات عامة سنة 2007 وهي 47 في المئة فانه سيعتبر ذلك هزيمة.

وقالت مصادر أمنية وطبية لرويترز إن انتخابات رؤساء البلديات والمجالس البلدية والإقليمية شابتها أعمال عنف قتل خلالها خمسة أشخاص في الجنوب الشرقي الذي تسكنه أغلبية كردية حيث دارت اشتباكات بين أنصار المتنافسين على مناصب رؤساء البلديات في عدد من القرى.

وأصيب حوالي 100 شخص في أعمال العنف. ونظم اردوغان حملة قوية في الجنوب الشرقي على امل ان يؤدي الفوز هناك الى حدوث تغيير في منطقة تؤثر بشكل كبيرعلى التنمية الاقتصادية والسياسية في البلاد. وتحتل الانتخابات المحلية أهمية تقليدية في تركيا حيث تصبح الحكومات مقيدة بشكل كبير إذا لم تتمكن من تحقيق نتائج جيدة.

وأشارت النتائج إلى أن معدلات البطالة التي وصلت إلى مستوى قياسي وتراجع الاقتصاد الذي من المتوقع أن يدخل في حالة ركود هذا العام بعد سنوات من نمو لم يسبق له مثيل أثرت على حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي وصل إلى السلطة بعد أن اكتسح العلمانيين في انتخابات عام 2002.

وتعرض الحزب لانتقادات من أصحاب المصانع بسبب رد فعله البطيء تجاه الاقتصاد العالمي الأخذ في التراجع. ولا تزال النتائج تقف على النقيض مع ردة الفعل القوية تجاه الحكومات في شرق أوروبا حيث تضررت اقتصادياتهم بصورة اكبر جراء الأزمة الاقتصادية العالمية والذي أدى أيضا إلى سقوط بعض الحكومات.

وحصلت المعارضة العلمانية التي تتهم حزب العدالة والتنمية بان لديه جدول أعمال إسلامي غير معلن على 21 في المئة لتفشل في الاستفادة كثيرا من الأزمة الاقتصادية لصالحها.

وقال دينيز اولكه اريبوجان وهو معلق في صحيفة ميليت quot;في أجواء الأزمة الاقتصادية ليس من المهم أن يخسر حزب العدالة والتنمية اثنين في المئة من الأصوات، ولكن إذا لم تستطع المعارضة زيادة أصواتها في أوقات الأزمة الاقتصادية بشكل كبير فان هذا يمثل إخفاقا تاما.quot;

واتسمت الانتخابات التي تبدو مثل انتخابات عامة اكثر منها انتخابات محلية باتهامات بالفساد وتبادل الاتهامات بين المرشحين. ومنتقدو اردوغان يتهمونه بأنه فقد روحه الإصلاحية منذ بدء محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2005 ويقولون إن حكمه بات شموليا.

وقال محمد دمير الموظف وهو يدلي بصوته في إحدى المدارس بانقرة quot;لست ضد حزب العدالة والتنمية لكني سأعطي صوتي لحزب الشعب الجمهوري (حزب المعارضة الرئيسي) هذه المرة لأنني اعتقد أننا في حاجة إلى التغيير.quot;

وحزب العدالة والتنمية له جذور إسلامية لكنه يضم عناصر قومية وأخرى تنتمي ليمين الوسط. وكادت المحكمة الدستورية أن تأمر بإغلاق الحزب لممارسته نشاطات إسلامية عام 2008 في قضية هزت الأسواق المالية وأثارت انقسامات عميقة داخل تركيا.

وتعهد اردوغان بإصلاح الدستور الذي وضع الجيش مسودته عام 1982 وتغيير طريقة عمل المحكمة الدستورية وهي خطوات ستزيل بعض العوائق أمام انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لكنها تهدد بإثارة التوترات مع العلمانيين الذين يتهمونه بتطبيق أجندة إسلامية، وينفي اردوغان هذا الاتهام.

ويجري صندوق النقد الدولي محادثات مع تركيا منذ شهور حول اتفاق ترى الأسواق أنه مهم لحماية الاقتصاد التركي الذي تقدر قيمته بنحو 750 مليار دولار من آثار الأزمة العالمية. وتتوقع الأسواق أن يستكمل اردوغان تلك المحادثات بعد انتخابات يوم الأحد.