يوم الحسم للمرشحين مرّ كيوم عطلة في العاصمة
بوتفليقة يفوز بولاية رئاسيَّة ثالثة في الجزائر

*74.54 % نسبة المشاركة النهائيَّة
* بوتفليقة يحصد90.24 % من الأصوات


الجزائر: نسبة مشاركة كبيرة وتأكد خلافة بوتفليقة لنفسه


عملية فرز الأصوات تظهر تقدم بوتفليقه على بقية المرشحين

كامل الشيرازي من الجزائر، وكالات: أعلن وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني فوز الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في انتخابات الرئاسة بنسبة 90.24 في المئة من الأصوات. وكما كانت التوقعات، جاءت النتائج وحقّق بوتفليقة فوزًا بأغلبيَّة ساحقة من الأصوات، بينما لم يحصل منافسوه على نسبة تذكر. وتوزّعت باقي الأصوات كما يلي: لويزة حنون 4.22 بالمئة، وموسى تواتي 2.31% ومحمد جهيد يونسي 1.37% وعلي فوزيرباعين 0.93% ومحمدالسعيد 0.92%. وبلغت نسبة المشاركة الإجماليَّةفي الانتخابات الرئاسيَّة، بما في ذلك الجالية الجزائريَّة في الخارج 74.54%.

فرنسا تهنىء بوتفليقة

اولى ردود الفعل كانت من فرنسا حيث هنأت بوتفليقة على فوزه رافضة التعليق على ارقام المشاركة والنتيجة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية اريك شوفالييه ان quot;فرنسا تقدم تهانيها لرئيس الدولة وتتمنى له النجاح التام في مهامه العليا خلال ولايته الجديدةquot;. وردا على سؤال عن ارقام النتائج قال quot;ليس لدينا تعليق خاص على هذه الارقام. وليس لفرنسا ان تعلق على ارقام المشاركة او ارقام النتائجquot;. واضاف quot;يوجد مراقبون من الاتحاد الافريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية في الجزائر. وسنطلع على تقريرهمquot; موضحا ان quot;الاقتراح سار على كل حال في هدؤ وفقا لما لدينا من معلومات اليومquot;.

اعتداءات quot;ارهابيةquot; وقعت خلال الانتخابات

وفي سياق قريب أعلن زرهوني اليوم أن قوات الأمن نجحت في صدّ 6 عمليات quot;إرهابيةquot; نفذتها جماعات مسلحة خلال الإنتخابات، وأدّت الى مقتل شرطي واحد. وقال زرهوني في مؤتمر صحافي اليوم أعلن خلاله نتائج الانتخابات، إن معظم هذه العمليات quot;الارهابيةquot; نفذتها الجماعات المسلحة مساء أمس الخميس قبل وبعد إغلاق مكاتب الاقتراع، في محاولة لاستهداف عملية نقل صناديق الاقتراع. وأكد أن quot;الانتخابات تمّت على الرغم من بعض الحوادث ومحاولات عرقلتها، وهذا هو التقدم والانتصار الممنوح للأمة والأجيال الصاعدة لبناء ديمقراطية وتجسيد دولة القانونquot;.

وأضاف زرهوني، الرجل القوي المقرّب من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن العملية الأولى وقعت في بلدية سطح بنطيس في ولاية تبسة، نحو 700 كم شرق العاصمة الجزائرية، حيث أدى انفجار قنبلة استهدفت دورية للدرك الوطني كانت تحرس عملية نقل صناديق الإقتراع إلى إصابة عنصرين أمنيين بجروح متفاوتة.

ووقعت العملية الثانية في بلدية أولاد عطية في ولاية سكيكدة، 500 كم شرق العاصمة، حيث أدى انفجار قنبلة تقليدية الصنع إلى جرح جندي، فيما وقعت العملية الثالثة بمنطقة الناصرية في ولاية بومرداس، 70 كم شرق العاصمة، حيث انفجرت قنبلة تقليدية بالقرب من مدرسة أدت إلى إصابة طفيفة لشرطي.

وفي بلدية عين الحمام في ولاية تيزي وزو، 110 كم شرق العاصمة، وقع اشتباك بين الجيش ومجموعة مسلحة أدى إلى إصابة جندي على بعد 10 كم من أقرب مكتب اقتراع.
وأكد زرهوني أن quot;كل هذه العمليات تمّ صدها ونأسف لوفاة شرطيquot;، من دون أن يحدّد المكان الذي قتل فيه. وفي عملية أخرى، ألقى معارضون لتنظيم الإنتخابات الرئاسية زجاجات حارقة على حافلة صغيرة تسبّبت في بعض الخسائر.

عين على الصندوق و أخرى على النتائج

المتجول في مختلف شوارع العاصمة الجزائرية ومختلف المدن الكبرى، يوم أمس الخميس، يكاد يجزم أنّ اليوم الذي كان مخصصا للحسم بين المرشحين الستة لسدة الرئاسة الجزائرية، بدا كما لو أنّه quot; عطلة مدفوعة الأجر quot; حيث خلت الساحات والميادين من الحركة المعتادة، وافتقدت المتاجر والتجمعات السكنية الكبرى لنكهتها المعتادة، حيث فضل كثير من السكان المحليين الخلود إلى الراحة ببيوتهم، ما جعل الأمر يبدو مغايرا لانتخابات أيام زمان التي كانت تشهد دبيبا متصلا. انطلاقتنا كان من حي القصبة الشهير أعالي العاصمة، السكون كان يلف المكان والمرح قليلا ما يرتسم على وجوه أبناء الحي، هؤلاء لما علموا بوظيفتي، فندوا أي صلة لهم بالانتخابات، وقالوا إنّهم (كفروا) بالسياسة منذ فترة ليست بالقصيرة، وعبثا حاولنا (استفزازهم) بالحديث عن حتمية معانقة مراكز التصويت لإحداث التغيير سلميا.

بحي باب الوادي المجاور، لم تختلف النظرة كثيرا، المقاهي ومحلات الأكل السريع ممتلئة عن آخرها، في وقت كانت مكاتب الاقتراع غارقة في رتابة سعى أحد رؤساء المكاتب لتبديدها عبر القول بأنّ الكثير من مواطنيه يفضلون نيل حظا وافرا من النوم، قبيل التصويت، ولإقناعنا بانتفاء السلبية، أرشدنا المسؤول ذاته إلى سرب من النساء والفتيات أتينا بكثافة للتصويت.

بادرتنا الحاجة فطّة والسيدات خديجة وأسماء والطالبة إيمان، أنهنّ انتخبنّ من أجل التنمية والاستقرار السياسي والأمن ولغرض إتمام المصالحة الجزائرية، وأيّدهنّ عمي البشير الذي انضم إلينا لتوّه، حيث أبدى حماسته للاشتراك في اختيار الرجل المؤهل لقيادة قاطرة البلاد نحو الأمان، وأظهر تشبثا بأمل التغيير، بيد أنّ حسين، زوبير وحميد أظهروا انطباعا معاكسا وقالوا بثقة quot;نسبة المشاركة ستكون ضعيفةquot;، وأيدهم السعيد صاحب مطعم محاذي:quot;الفعل الديمقراطي جرى تمييعه في الجزائرquot;.

نظرة أعوان الإدارة وممثلي المترشحين عبر المكاتب لم تختلف عن آراء الناخبين، بجرأة أوعز عون إداري:quot;المهم عندي هو الحصول على مقابل جزاء هذا العملquot;، وأردف مراقب:quot;سأغادر المكتب بعد الحصول على الألف دينار التي وعدوني بهاquot;.

وشهدت مراكز التصويت تشهد نوعا من التنظيم، بيد أنّ كثيرين أعابوا سيطرة علامات العشوائية والفوضى، بمدرسة طلحة علي ببلدة الكاليتوس، توافد الناخبين كان محتشما في الصباح، غالبيتهم من المسنين و(المتطفلين)، واللافت أنّ مكاتب التوجيه اكتظت بالمواطنين أكثر من مكاتب التصويت، حيث كان يفتقر الكثير منهم إلى بطاقات انتخابية، هذه الفوضى جعلت أحد المسنين يصيح غاضبا ويتكلم بتذمر عن إقصائه، وهي لقطة سعى رئيس مركز المقراني بالحراش للتهوين من شأنها بالقول:quot;الأمور على ما يرام وتسير في الطريق الصحيح ومستعد لإعطائكم أي معلومات تريدونهاquot;.

عبد القادر موظف (29 سنة)، كان الشاب الوحيد الذي انتخب في الصباح بمركز طلحة علي، قال بلغة الواثق من نفسه:quot; نعم انتخبت وسأنتخب دائما ولم أقل لأحد أني لن أنتخب، هذا واجب وطني يجب القيام بهquot;. بدوره، صرّح لنا محمد (38 سنة) موظف:quot;انتخبت وأديت واجبي واصطحبت في هذه العملية طفلاي حتى يتعلما حب الوطن ويتعرفا على عملية الانتخاب عن قربquot;. حفيظة 30 سنة موظفة، قالت:quot;انتخبت لأنّ الانتخاب واجب وطنيquot;، بينما قاطعها رفيق 21 سنة طالب جامعي:quot;لم أصوت ببساطة لأني لا أنتظر شيئا من هذه الانتخاباتquot;.

طائرة حلقت في سماء الرئاسيات

وتحوّل مقر حزب العمال الجزائري وزعيمته اليسارية المرشحة quot;لويزة حنونquot;، إلى خلية نحل يوم الاقتراع، كان انهماك أتباع حنون ظاهرا في تحديد التجاوزات واستقبال الشكاوى، واستقبال الضيوف، حتى بدا كما لو أنّ هذا المبنى الضيّق تحوّل إلى طائرة حلقت في سماء الرئاسيات، وكان مدرج الهبوط مطار الداخلية الجزائرية، والرواق بساط أحمر تحلم لويزة حنون الملقبة بـquot;ميغاواتي الجزائرquot; بوشاحها الأبيض، أن تسير عليه يوما.

كان الجو باردا، تهاطل مستمر للأمطار ونزول للحرارة إلى حدود 18 درجة مئوية، الأصوات بدأت تتعالى في محيط حزب العمال، والأبواق والطبول ارتفع صداها منذرة باستعداد لويزة حنون لخوض السباق كأول امرأة عربية وافريقية تترشح للانتخابات الرئاسية مرتين متتاليتين.

شهد الطريق المقابل لمقر حزب العمال حركة محسوسة، كانت صور المرأة الموصوفة بـquot;الحديديةquot; منمقة بكثافة على جدران المقر، الساعة كانت تشير إلى التاسعة والنصف صباحا، الأمطار بدأت بالانخفاض بالتدريج والحركة تزداد شيئا فشيئا، استقبلنا جلول جودي مدير الحملة الانتخابية لحنون، فجأة هرع مسرعا بعدما وصله نبأ وقوع تزوير ببلدة بني مراد المجاورة، حيث تم العثور على 148 ورقة انتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة، ما جعل أمانة الحزب تسارع بإعداد تقرير.

لحظات من بعد، أتت حنون بحلة خاصة لتأدية واجبها الانتخابي، لكنها لم تكن متسامحة كعادتها مع السلطات، وصفت التجاوزات بـquot;ممارسات الحزب الواحدquot;. وعلى متن سيارة بيجو 407 سوداء اللون، وبلباسها الكلاسيكي الأسود، حيث كانت ترتدي وشاحا أبيضا طويلا من الحرير وبلمسة خفيفة من الماكياج كعادتها، قالت حنون إنّ الأبيض والأسود له معنى في فلسفة حزب العمال ويعني عند السيميولوجيين الحياد والوفاء بالعهد، بيد أنّها واصلت حدة انتقادتها للسلطات: سلوكيات الحزب الواحد ما زالت مستمرة وهي التي ستمنعنا من الذهاب إلى الدور الثاني، حيث هناك مكاتب في الكثير من المراكز تم نزع صورتها نهائيا، وأخرى وضعت فيها أوراق المترشح بوتفليقة، كما أشارت إلى ممارسة العنف الجسدي ضدّ مراقبي حزبها بمحافظة قسنطينة الشرقية، ومع ذلك كشفت حنون واثقة: quot;نحن متفوقون في انتخابات الجالية بالخارجquot;.