كامل الشيرازي من الجزائر: أعلن الدرك الجزائري انّ دوائر الرقابة حجزت أكثر من 1200 شجيرة لإنتاج مادة الأفيون وُجدت موزعة على أربعة حقول جنوب البلاد بالمنطقة المسماة quot;قصر آغنتquot; التابعة لمدينة تيميمون ما يرفع عدد الحقول المُكتشفة إلى 43 حقلا، ويدفع هذا الكشف الجديد إلى طرح مخاوف إضافية إزاء خطر تحوّل الجزائر من محطة عبور للمخدرات إلى بلد منتج لها، وينظر مختصون بارتياب إلى تنامي الظاهرة بالتزامن مع الأرقام المخيفة المتداولة عن أعداد المتعاطين والمهرّبين ما يتطلب معالجة منهجية لجذور آفة تؤشر إلى خطر.

وقال بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، إنّه جرى إيقاف ثلاثة أشخاص وحجز مائتي غرام من بذور شجيرة الأفيون خلال نفس العملية، كما استرجعت مصالح الدرك بولاية عين تموشنت الغربية 66 كلغ من الكيف المعالج أخرجتها خلال اليومين الأخيرين، إضافة إلى 30 كلغ على مستوى شاطئ الورود ببلدية سيدي بن عدة و30 أخرى بشاطئ العين ببلدية أولاد الكيحال، وستة كيلوغرامات بشاطئ السبيعات المجاور.

واكتشفت السلطات خلال الأشهر الأخيرة، عشرات مزارع المخدرات ما أدى إلى نشوب قلق كبير وسط الرأي العام المحلي، خشية من انتشار حقول الأفيون والحشيش وشتائل القنب الهندي هناك، وبلغ إجمالي ما احتوته مزارع المخدرات المكتشفة مؤخرا في الجزائر، قرابة 77 ألف شجيرة أفيون، 8530 شجيرة حشيش، و15 كيلوغراما من البذور، علما أنّه جرى اكتشاف 39 حقلا كان ينشط فيها 38 متورطا، وإذا ما قورنت هذه الأرقام مقارنة بما شهدته الفترة نفسها من العام المنقضي، نلحظ تطورا لافتا، بزيادات وصلت إلى حدود ثلاثة آلاف شجيرة أفيون، وأكثر من ذلك في الشق المتعلق بمساحات الحشيش، وهو ما يقود إلى الجزم بأنّ هذه الظاهرة quot;تبعث فعلا على القلقquot;، خصوصا مع ما تكشفه معلومات متوافرة، أنّ كل ولايات الجنوب الجزائري فيها حقول للأفيون، نظرا لما تتميز به من صعوبة المسالك والتضاريس ووجود تلك المنطقة في منأى عن المراقبة.

ويقول عارفون طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إنّ الظاهرة الجديدة أخذت أبعادا كبيرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وكان منعرجها الأشدّ وطأة خلال شهر مارس/آذار المنقضي، حينما تم اكتشاف أربع مزارع جديدة للأفيون تتربع على مساحة ثلاثة هكتارات في منطقة تيميمون التابعة لولاية أدرار (أقصى جنوب البلاد)، واحتكاما لبيانات الدرك الجزائري، فقد تم إيقاف 8 أشخاص وحجز 15 شجيرة أفيون، ناهيك عن حجز 4.32 طن من الحشيش في ولاية بشار المجاورة، ويشتبه في اتجاه عشرات المزارعين إلى الخوض في زراعتي الأفيون والحشيش بداعي المكاسب المالية الضخمة، ويفسر المعطى المذكور تراجع محاصيل الزراعات الأخرى في جنوب الجزائر، والندرة التي صارت تعانيها مادة أساسية كالقمح هناك.

وعادة ما تتم زراعة الأفيون والحشيش على مستوى بلدات وقرى موصوفة بكونها صعبة المنال لما تنطوي عليها من خصوصيات العزلة ووعورة المسالك المؤدية إليها، ويلجأ عرّابو مزارع المخدرات إلى التظاهر باستئجار آلات الحفر، لإنشاء بساتين، بيد أنّهم سرعان ما ينفذون خططهم في أماكن مجهولة وغير مأهولة في الغالب، حيث يقومون بغرس مساحات غير محدودة وسط الكثبان، لكن الدوريات المكثفة والفجائية التي صارت الشرطة الجزائرية تواظب عليها، جعلت من نشاط مزارع المخدرات يتضاءل نسبيا، بعد الضربات القاسية التي تلقاها مزارعو الأفيون.

وتقول بيانات رسمية أنّ إجمالي ما حجزته الجزائر خلال العام الأخير بلغ 30 طنا من المخدرات، وصارت المتاجرة بالسموم تمثل معضلة حقيقية في الجزائر، في وقت يدعو مختصون إلى تشديد الرقابة، طالما أنّ ارتفاع كمية المحجوزات من المواد المهلوسة يدفع إلى التحرك سريعًا خصوصا بالجنوب الجزائري الذي يشهد نشاطا مكثفا لمجموعات التهريب على مستوى الحدود.

وحرّكت الجزائر في السنتين الأخيرتين، مذكرات إيقاف ضدّ نحو 310 من مهربي المخدرات، لا يزالون في حالة فرار، ويشتبه في تواجدهم حاليًا بفرنسا والمغرب، علمًا أنّه تم إصدار أوامر بتوقيفهم بناء على معلومات أفاد بها مهربون موقوفون، عادة ما ينشطون تحت أسماء مستعارة وهويات مزيفة في ممارسة أنشطة مشبوهة لا تكتفي بتهريب المخدرات فحسب بل تمتد إلى إنشاء شبكات مختصة بتزوير الوثائق والسيارات، مع الإشارة إلى نجاح السلطات الجزائرية خلال السنوات الماضية في إيقاف المئات ممن يوصفون بكونهم quot;بارونات تهريب المخدراتquot; تسببوا على طريقتهم في إغراق الجزائر بكم هائل من السموم والمهلوسات.

وجاء في دراسة ميدانية للشرطة القضائية الجزائرية، أنّ 82 قضية مخدرات تورّط فيها أحداث في السن، حيث مثّل الشباب من 18 الى 25 سنة نسبة 34.55% من اللائحة العامة، إضافة إلى عاطلين عن العمل تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 45 سنة بنسبة 56.32 % من الموقوفين، ويوجد أيضا بين المتورطين نساء وقاصرون، حيث يقول الديوان الجزائري لمكافحة المخدرات أنّ استهلاك المخدرات امتدّ بين أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 12 سنة، ورعايا دول عربية، بينهم تونسيون ومغاربة وفلسطينيون وكذا آخرون من مالي والنيجر ونيجيريا إضافة إلى فرنسا.