بيروت: مر أكثر من سنة على وجود ثمانين سيدة إثيوبية رهن الاعتقال في سجن النساء بطرابلس شمال لبنان بتهمة عدم امتلاكهن لجواز السفر. وعادة ما يتم سحب الجواز من هؤلاء النساء عند بدأهن العمل كخادمات في البيوت، في حين لا يملك البعض منهن جوازا في المقام الأول.

ويتم إلقاء القبض على معظمهن في الشارع بعد هروبهن من أرباب عملهن بسبب الانتهاكات التي يتعرضن لها والتي عادة ما تتراوح بين الحبس القسري والتجويع وإلحاق الضرر الجسدي أو حتى الاغتصاب. كما أن بعضهن يهربن بعد أن يتعرضن للاتهام بالسرقة. وغالبا ما تجد هؤلاء الخادمات أنفسهن في مأزق يصعب عليهن الخروج منه، بعد خرقهن لعقود عملهن التي تضمن لهن رحلة العودة إلى الوطن عند انقضاء سنتين من الخدمة، وفقدانهن لجوازات سفرهن.

وفي هذا السياق، تشرح رولى المصري، منسقة مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي، وهي منظمة غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق العمال، أن quot;السبب وراء استمرار اعتقال هؤلاء النسوة هو رفض أرباب عملهن دفع ثمن تذاكر عودتهن إلى بلدهن. فالأمن العام (وكالة المخابرات اللبنانية) لا يملك المال لذلك، كما أن سفاراتهن غالبا ما لا تكون مدركة لموضوع احتجازهنquot;.

ومن بين المحتجزات، مواطنة سودانية تدعى خلود، تقول أنها تعيش في لبنان منذ 18 عاما. حيث كانت قد أتت إليه برفقة زوجها وطفليها هربا من النزاع المسلح والبطالة. وتشكو خلود من أن زوجها تعرض للترحيل آخذا معه جميع الأوراق الرسمية الخاصة بالعائلة، وتقول: quot;أنا الآن لا استطيع إثبات كوني سودانية حتى أتمكن من الحصول على جواز سفر جديد. وهذا يتركني عالقة هناquot;.

وتناضل خلود لدفع مبلغ 110 دولار أميركي مقابل الإيجار الشهري لشقة من غرفة واحدة دون مطبخ أو ثلاجة أو مياه. وتعتمد على التبرعات التي يقدمها لها الأصدقاء لتغطية تكاليف تعليم طفليها.

من جهتها، تقول جماعات حقوق الإنسان أن قوانين العمل اللبنانية لا توفر أية حماية لعمال المنازل الذين يناهز عددهم 200,000 عامل وعاملة، معظمهم نساء من الفلبين وسريلانكا وإثيوبيا .

صفقة جديدة؟

بعد عامين من تضافر جهود جماعات حقوق الإنسان التي تعمل مع وزارتي العمل والعدل وكذا مع الأمن العام ، وعدت السلطات الشهر الماضي بوضع مشروع قانون جديد موحد للمهاجرين العاملين في مجال الخدمة المنزلية من شأنه تحسين ظروف عملهم.

وسيتمكن العمال لأول مرة، في ظل هذا القانون، من الاطلاع على عقود عملهم بلغتهم الأصلية، تماما مثلما هو الشأن بالنسبة لأرباب عملهم. كما سيتم تمديد مدة العمل من سنتين إلى ثلاث سنوات، وستنص العقود على ألا يتعدى عمل النساء 10 ساعات في اليوم لمدة ستة أيام في الأسبوع، وسيتم منحهن ثمان ساعات متواصلة من الراحة. كما ينص القانون الجديد على ضرورة دفع الرواتب، التي كانت منظمة رصد حقوق الإنسان Human Rights Watch قد ذكرت أنها غالبا ما تحتجز كعقاب للخادمة، بالإضافة إلى ضرورة توقيع الخادمة على استلامها راتبها شهرا بشهر.

في المقابل، لن يلغي القانون الجديد حق صاحب العمل في فسخ العقد لأي سبب من الأسباب، مما سيجعل الخادمة مسؤولة عن دفع ثمن تذكرة عودتها إلى الوطن ، أو سداد أي ديون مستحقة عليها. كما أن هذا القانون الجديد لن يضمن للخادمات حق حيازة جوازات سفرهن.

وبالرغم من هذا التحرك، يقول النشطاء أنه لا بد من حدوث تغيير في القانون لضمان خضوع العقود الجديدة وعمل وكالات التوظيف للتنظيم. حيث يقول نديم حوري، باحث أول في منظمة رصد حقوق الإنسان بلبنان، أن quot;تجربة بلدان أخرى، مثل الأردن التي طبقت نظام عقد العمل الموحد وحددت الحد الأدنى لأجور عمال المنازل، تبين أن العقد وحده لا يكفي بل هناك حاجة ماسة لوضع قوانين كفيلة بحماية هؤلاء العمالquot;.

وكان شهود عيان قد أفادوا في فبراير/شباط أنهم شاهدوا خادمة تسقط من على شرفة في الطابق السادس في حي الحمراء وسط بيروت، مما أدى إلى وفاتها. وأوضحت منظمة رصد حقوق الإنسان أن خادمات المنازل يمتن بمعدل واحدة كل أسبوع في لبنان، معظمهن في محاولات انتحار أو فرار فاشلة.