بغداد: أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون اليوم السبت التزام بلادها بالوقوف الى جانب العراق الى أن يصبح دولة مستقرة ذات سيادة قادرة على الدفاع عن نفسها في مواجهة التحديات.
وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها العراقي هوشيار زيباري ببغداد، quot;سنعمل على انتقال المسؤوليات من القوات الأميركية الى القوات العراقية من خلال تدريب الأخيرة وإعدادها لتتمكن من حماية بلادهاquot;.
وندّدت بأعمال العنف التي شهدها العراق في الآونة الأخيرة، والتي قالت إنها quot;تستهدف إعاقة تقدم البلادquot;.
وبشأن لقاءاتها مع المسؤولين العراقيين قالت، quot;لقد لمست التقدم في العراق من خلال هذه اللقاءات وبشكل خاص خلال لقائي مع ممثل الامم المتحدة بالعراق (ستيفان) ديميستورا الذي استعرض لي مضامين التقرير الذي أعدّه بشأن المناطق المتنازع عليهاquot;.
وتابعت كلينتون أن quot;استراتيجية الرئيس (الأميركي) باراك اوباما تتمثل بالعمل معكم في هذه المرحلة الانتقالية وقد ركزت في كل اللقاءات التي أجريتها في بغداد اليوم على إيصال هذه الرسالةquot;.
وقالت الوزيرة الأميركية إن quot;الشعب العراقي صمد أمام التحديات وسوف لن ينجح أعداؤه في النيل منه (...) ان الذين يريدون أن يمزّقوا نسيج العراقيين لن ينجحوا ولقد ضحّى العراقيون وشاركناهم التضحيات التي قدمناهاquot;.
وأضافت quot;مع انخفاض عديد قواتنا والى حين انسحابها من العراق عام 2011، سنبدأ مرحلة جديدة من العلاقات مع العراق ستعمّق الأوجه المدنية حسب اتفاقية الاطار طويلة الامد لزيادة وتعزيز الانماء وتعزيز أمن حدود العراق والتعامل مع قضية اللاجئينquot;.
وكانت كلينتون التي وصلت الى بغداد اليوم في زيارة مفاجئة للعراق هي الأولى منذ تسلمها منصبها، التقت الرئيس العراق جلال الطالباني في وقت سابق اليوم.
وذكر بيان رئاسي عراقي اليوم أن الطالباني وكلينتون بحثا في بغداد تطوّرات الاوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في العراق، وما وصف بـquot;الانجازاتquot; التي حققتها الدبلوماسية العراقية على الأصعدة العربية والاقليمية والدولية.
ونقل البيان عن الطالباني تشديده في اللقاء الذي حضره وزير الخارجية هوشيار زيباري والسفير الأميركي الجديد المعيّن لدى العراق كريستوفر هيل، على أهمية مشاركة الشركات الأميركية في عملية الاستثمار وبناء العراق، مؤكدا دعم الحكومة العراقية للاستثمار وتوفير الظروف الملائمة لانجاح عمل هذه الشركات، quot;لاسيما بعد ان تحقق الاستقرار الامني في البلادquot;.
وأشاد بـquot;الدور الكبير الذي لعبته الولايات المتحدة في مساعدة العراقيين في التخلص من الدكتاتورية وبناء عهد جديد يقوم على أسس ديمقراطية وتعدّدية واتحاديةquot;.
وشدّد الطالباني على ضرورة استمرار هذا الدعم للحفاظ على quot;الانجازات التي شهدها العراق في هذا المجال وتطوير العملية السياسية و انجاح المصالحة الوطنية في البلادquot;.
كما نقل البيان عن كلينتون قولها إن زيارتها جاءت لتجديد دعم بلادها للعراق الجديد ولحكومته وللعملية السياسية الجارية في البلاد، مؤكدة حرص حكومتها على المضي قدما في مساعدة العراقيين للنهوض بالواقع السياسي نحو الافضل، وصولا الى تحقيق الاستقرار الكامل و الازدهار.
وأشادت كلينتون بالدور quot;البارزquot; الذي يقوم به الرئيس العراقي في تجسيد التناغم الوطني وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، لتحقيق الوئام الوطني والتآخي المصيري بين الاطياف المتنوعة في العراق، معربة عن أملها باستمراره في بذل الجهود الحثيثة لترسيخ وحدة الصف العراقي.
وأكد الطالباني وكلينتون أهمية توسيع التعاون المشترك وتعزيز العلاقات الثنائية المتينة بين العراق والولايات المتحدة في مختلف المجالات.
وكانت كلينتون بحثت مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي آلية تنفيذ الاتفاقية الأمنية المبرمة بين البلدين نهاية عام 2008 الماضي، كما التقت زيباري وناقشت معه الآليات المناسبة لتحقيق الانسحاب الأميركي من العراق بموجب الاتفاقية المذكورة.
وقال مصدر حكومي طلب عدم ذكر اسمه، إن كلينتون أشادت خلال الاجتماعين بالجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لإرساء دعائم الأمن في عموم العراق.
وأضاف المصدر أن الوزيرة الأميركية ناقشت مع المالكي وزيباري الأسباب التي تقف وراء تجدّد أعمال العنف الدامية في العراق خلال الأيام القليلة الماضية خاصة في بغداد، والتي تتصاعد مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية نهاية حزيران/يونيو المقبل.
وكانت كلينتون التقت في وقت سابق اليوم في بغداد عدداً من الناشطين في مؤسّسات المجتمع المدني من مختلف المهن والتخصّصات بينهم نساء أرامل، وأكدت دعم بلادها للعراق.
وردّت خلال اللقاء المفتوح على أسئلة هذه الشخصيات التي تركزت حول الدور الذي يمكن ان تلعبه الولايات المتحدة في إعادة بناء العراق، وبخاصة في مجالات الزراعة والصناعة والكهرباء والخدمات الضرورية الاخرى.
وأكدت استعداد بلادها للتعاون مع الحكومة العراقية لتلبية حاجات المجتمع العراقي خاصة في ميادين التعليم والزراعة والمياه.
وقالت الوزيرة الأميركية quot;لسنا بحاجة إلى أن نقول ما أنتم بحاجة إليه، لكن المهم أن نستمع إلى احتياجاتكم وكيفية تلبيتها لمساعدتكم في اختيار ما هو الأنسب لكم ولبلدكمquot; .
وأكدت عزم إدارتها على تقديم الخبرة والدعم، ليس للحكومة المركزية في بغداد فحسب، وإنما لكل الحكومات المحلية العراقية لتحقيق نهضة زراعية باستخدام المكننة الزراعية الحديثة .
ومن المقرّر أن تجري كلينتون مباحثات مع القادة العسكريين الأميركيين في مقدمتهم قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ريموند أوديرنو، للاطلاع على ملابسات الهجمات الانتحارية الأخيرة التي شهدها العراق والتي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى.
وتأتي زيارة الوزيرة الأميركية الى العراق قبل 9 أسابيع من موعد انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية بموجب الاتفاقية الامنية المبرمة بين بغداد وواشنطن نهاية العام الماضي، كما تأتي بعد سلسلة من التفجيرات الانتحارية الدامية التي شهدتها بغداد وديالى خلال الايام القليلة الماضية.