بهية مارديني من دمشق: أكدت مصادر سورية مطلعة لإيلاف ان الرئيس السوري بشار الأسد لم يلتق محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال زيارته الى النمسا ، واعتبرت ان quot; التقاه ام لم يلتقه فالقصة ليست هنا quot;، وأشارت المصادر الى quot;ان الوكالة زارت موقع الكبر الذي طلبت زيارته ، وقضي الأمر وعلى الوكالة ان تسحب الملف السوري المزعوم عن طاولة البحث quot;، وقالت المفتشون لن يزروا سوريا ، فالموضوع اُقفل من كل جوانبه ، وأكدت إن quot;الموقف من الوكالة الدولية لم يتغيرquot;.
هذا ويسود في الشارع السوري شعور بالغبن والخيبة اذ انه بدلا من ان تُعاقب اسرائيل على عدوانها على أراضي دولة مستقلة فإن العالم يتوجه الى الضحية ويحاول ابتزازه بذريعة ان quot;الضحيةquot; أخل بتعهداته ازاء المعاهدات الدولية او حتى الشك بأنه أخل رغم ان التقارير حول مزاعم الاخلال -المتعلقة بمفاعل نووي مزعوم قصفته اسرائيل- مصدره اسرائيل نفسها الجهة العدوة لسورية .
والشارع السوري رغم انه يعرف التوازنات وموازين القوى وسياسة الكيل بمكيالين الا انه لا يمكنه تقبل ذلك.
ويعتبر مراقبون ان القصة الحقيقية تدور رحاها حاليا بين السوريين والأميركيين، ومن ورائهم الأوروبيين فالجميع اليوم ينفتح مع سوريا ، فواشنطن تغدق عليها طلبات الحوار والزيارات ، وهيلاري كلينتون تصف الحوار بين الطرفين بالمشجع ، وجيفري فيلتمان يزور دمشق ويعانق السفير السوري في واشنطن بحرارة ويشهد حفل الاستقبال الذي نظمته السفارة السورية في واشنطن بمناسبة عيد الاستقلال السوري تزاحما من المسؤولين الأميركيين وأعضاء الكونغرس ومجلس النواب بحيث بدا الأمر وكأنه حقا فصل جديد في العلاقات السورية الاميركية.
أما الأوروبيين فيتحدثون بصيغة يقينية عن توقيع اتفاقية الشراكة السورية الاوروبية حيث جاءت كلمة سر اميركية اسقطت الاعتراضات على الاتفاقية التي يسعى السوريين للتوقيع عليها منذ سنوات وسط صد أوربي يتحول هذه الايام الى دعم مفاجىء بالسوريين .
و اعتبر المراقبون ان زيارة الرئيس الأسد الى النمسا بعد تأجيل منذ عام 2003 والى سلوفاكيا في هذه الظروف مؤشر على ان السوريين باتوا في وضع مريح فالخارج بدأ يرى في سوريا واجتذابها فرصة ثمينة للضغط على ايران ومحاولة تقليم أظافرها الاقليمية والسوريين خاضوا اللعبة، ولكن وفق شروطهم ايضا وتصريحاتهم الجادة.
ويتساءل المراقبون فيما اذا اُبرم اتفاق سلام سوري اسرائيلي كان الطرفان قريبان جدا من ابرامه بشهادة الرئيس بشار الاسد خلال تصريحات ادلى بها في النمسا ، ويقولون quot;من المفروض ان من يبرم السلام فإنه لن يستمر في دعم الطرف الاخر الذي وقع معه الاتفاقية وهنا تبدو معضلة مستعصية على الإجابة فهل حقا باستطاعة السوريين ان يبرموا اتفاقية سلام وان يستعيدوا الجولان وبعد ذلك يستمروا في دعم حزب الله واستضافة حماس والجهاد وحركات المقاومة الاخرى والاهم استمرار الترابط العضوي مع ايرانquot; .
الرهان يبدو صعبا جدا ولكن ربما ما يدور في اذهان السوريين هو اجندة سياسية مختلفة تماما فهم يعتقدون بأن الحكومة الاسرائيلية الحالية لايمكنها ان تصنع سلاما لا مع السوريين ولا مع الفلسطينين وبالتالي فإن نية سوريا تبدو في نية جادة للسلام مع المراهنة على ان الطرف الآخر غير جاهز بالمطلق للخوض في عملية سلام حقيقي .
ويؤكد محللون ان الأوراق في المنطقة اختلطت بشكل كبير بعد وصول الرئيس الاميركي باراك اوباما الى البيت الابيض الى درجة صرنا نرى فيها أن انقرة تجري مناورات عسكرية-وان قيل ان لها طابع امني- مع دمشق رغم ان هناك من يغمز من قناة اقامة المناورات بعد فترة قصيرة جدا من مغادرة اوروبا لانقرة فهل باتت انقرة العضو في حلف شمال الاطلسي تغرد خارج السرب ام ان اوباما اعطاها اشارة واضحة وتفويضا لاستمالة السوريين؟.
ويعتبر محللون سوريون انه لن يطول انتظار الجواب كثيرا فالمنطقة تتغير، ولكن لا احد يعرف ان كانت سوريا تتغير ايضا ، فمن يراهنون على تغير السوريين كانوا دوما يصابون بخيبة الأمل ، فهم متمرسون يعرفون متى وكيف ولماذا وبأي ثمن يبيعون وكيف فلننتظر ونرى ؟
التعليقات