أشرف أبوجلالة من القاهرة: أعدت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريرا ً تحدثت فيه عن الوضعية الحرجة التي يمر بها الآن الرئيس الأميركي باراك أوباما فيما يتعلق بإستراتجيته العسكرية في باكستان، وكذلك العوامل التي تقف ضد مساعيه الرامية إلى إحراز تقدم هناك على كافة المستويات. وكشفت الصحيفة في البداية عن أنَّ إدارة أوباما طلبت بصورة ملحة خلال الفترة الماضية أن تحصل على تقديرات استخباراتية جديدة لمعرفة مدى حظوظ الحكومة الباكستانية في الاستمرار، وذلك عقب تمكن قوات طالبان من الدخول مسافة قدرها 60 ميلا ً في العاصمة إسلام آباد نهاية شهر أبريل / نيسان الماضي. بينما أشارت الصحيفة في الوقت ذاته إلى ما سبق وأن صرح به الأسبوع الماضي مسؤولون أميركيون عن أن هناك معلومات قد تم تمريرها إلى الرئيس أوباما ومجلس الأمن القومي تتحدث عن أن احتمالي فرض طالبان لسيطرتها أو حدوث انقلاب عسكري ليسا وشيكين، كما أن ترسانة البلاد النووية في آمان.

ومع هذا، فقد أكدت الصحيفة نقلا ً عن مسؤولين استخباراتيين على أن التقارير الاستخباراتية كانت مطمئنة للغاية فيما وراء المستقبل القريب. فالأمن كان يتدهور بصورة سريعة، وبخاصة في المناطق الجبلية المحاذية للحدود الأفغانية التي تستضيف القاعدة وطالبان. كما أشار هؤلاء المسؤولين إلى وجود علامات تفيد بأن تلك الجماعات كانت تعمل مع المتطرفين الأصليين في قلب ولاية بنجاب الباكستانية. ثم أردفت الصحيفة بقولها أن الحكومة الباكستانية كانت غارقة في خلافات سياسية. كما أن الجيش، الذي لا يزال يركز اهتمامه على الخصم التاريخي الهند، لا زال إلى الآن غير مجهز وغير مستعد للدخول بثقله قي التصدي لحركات التمرد.

لكن وعلى الرغم من التهديد الذي نقلته التقارير الاستخباراتية، إلا أن أوباما ليس أمامه سوى عدد محدود من الخيارات للتعامل معه. فالشعور المناهض للولايات المتحدة يبلغ ذروته في باكستان، كما يحظر تواجد القوات الأميركية هناك بغرض القتال. هذا وتقوم الولايات المتحدة بمحاربة المتطرفين الموجودين في باكستان بالوكالة، من خلال جيش لا تملك عليه قدر كبير من السيطرة، بالتحالف مع حكومة لا تثق فيها كثيرا ً. فيما أكدت الصحيفة على أن معظم الأدوات الجاهزة للاستخدام هي الأموال والأسلحة وعلاقة إرشادية مع الحكومة والجيش الباكستاني التي تناوب ما بين النصيحة الجادة والانتقادات القلقة.

وفي الوقت الذي تعالت فيه حدة الانتقادات خلال الأسابيع الأخيرة، بالتزامن مع خروج تقارير تتحدث عن أن الإدارة الأميركية تتودد لأكبر الخصوم السياسيين للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، وهو رئيس الوزراء الأسبق، نواز شريف، أصيبت الشراكة بين الجانبين بمزيد من أجواء التوتر. وفي هذا الإطار، قال مسؤول باكستاني بنزق :quot; ماذا يحاول الأميركان أن يصنعوه، تجزيء سياساتنا؟ - نحن هنا لسنا في جنوب فيتنامquot;. فيما عاودت الصحيفة لتشير إلى الطلب الذي تقدمت به الإدارة الأميركية إلى الكونغرس من اجل الإسراع في المصادقة على تخصيص مبلغا ً يقدر بمئات الملايين من الدولارات يقدم في صورة مساعدات عسكرية طارئة لباكستان، وذلك بالتزامن مع وصول زرداري هذا الأسبوع إلى واشنطن للقيام بأول زيارة رسمية له مع أوباما ndash; كجزء من القمة الثلاثية التي ستجمع أيضا ً الرئيس الأفغاني حامد قرضاي.

وقالت الصحيفة أن الرئيس باراك أوباما سوف يحث نظيره زرداري عند الجلوس إليه يوم الأربعاء المقبل في البيت الأبيض على بذل المزيد من الجهد لبناء الدعم المحلي عن طريق تلبية احتياجات الشعب الهامة وأن يقوم بحل خلافاته مع نواز شريف وغيره، كي يتمكن من التركيز على الحكم، وذلك وفقا ً للمسؤولين الذين ناقشوا قضايا باكستان الحساسة دون الكشف عن هويتهم. وقال مسؤولون أميركيون أن أكثر ما يثير القلق هو نزوح مئات الآلاف من الباكستانيين من منازلهم نتيجة لأعمال القتال التي نشبت في المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية. ومن المنتظر أن يتم مناقشة مجموعة من الاقتراحات الأمنية مع زرداري وباقي أعضاء وفده رفيع المستوى خلال زيارته المقبلة للولايات المتحدة، والتي سيكون من بينها تدريبات مكافحة التمرد لقوات الجيش الباكستاني في القواعد الأميركية بمنطقة الخليج وأفغانستان والولايات المتحدة أو في أي مكان آخر.