التعاون خطة لتأمين عقود ربحية لشركات المفاعلات الأميركية
آفاق الاتفاق النووي الإماراتي الأميركي

أشرف أبوجلالة من القاهرة: بعد أن تمت مؤخراً إحالة الاتفاقية الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية للتعاون في مجال الطاقة النووية السلمية إلى الكونغرس الأميركي لمراجعتها بعد أن وقعها يوسف مانع العتيبة سفير الإمارات لدى واشنطن مع مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، تواصلت ردود الأفعال على المستوى الدولي بشأن التداعيات المحتملة لتلك الاتفاقية التي اختلفت حولها الآراء ما بين مؤيد ومعارض. ولدى إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما تأييده لتلك الاتفاقية، جاء رصد وتحليلات صحف ووسائل إعلام أجنبية متبايناً وإن مالت معظمها نحو فرضية أن الاتفاقية سوف تُشكل بصورة لا تدع مجالا ً للشك حلقة من حلقات الإثارة خلال الفترة المقبلة.

من جانبها، قالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أنه في الوقت الذي يتأهب فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما لاستعراض رؤيته الخاصة بتعاون الولايات المتحدة المستقبلي مع الدول الإسلامية من العاصمة المصرية، القاهرة، يوم الرابع من شهر يونيو القادم، يتم النظر للاتفاقية النووية الإماراتية ndash; الأميركية على أنها وسيلة مضادة لمواجهة برنامج إيران النووي وعلاقات البلاد الخلافية مع المجتمع الدولي. وبرغم أن المسؤولين الأميركيين حرصوا عند تأييدهم للاتفاق على تسليط الضوء على أن تعمل الاتفاقية المبرمة مع الإمارات على التخلي عن إنتاج الوقود النووي، الذي قد يستعان به في نهاية المطاف لإنتاج السلاح النووي ndash; وهو موضوع الخلاف المحوري بين إيران والولايات المتحدة وباقي القوى العالمية.

لكنَّ الصحيفة قالت أن معارضين لتلك الاتفاقية قد اعتبروها بمثابة الخطة قصيرة المدى التي تهدف إلى تأمين عقود مربحة للشركات الأميركية التي تقوم ببناء مفاعلات نووية، وأشاروا إلى أنه قد يؤدي على الرغم من ذلك أيضاً إلى إنشاء سلسلة من المفاعلات المنتجة للوقود النووي عبر هذه المنطقة المضطربة للغاية. ونقلت الصحيفة في ذات السياق عن جوزيف كيرينكيون، الخبير في منع انتشار الأسلحة النووية ورئيس صندوق quot;بلاوشيرزquot;، تلك المنظمة التي تروج لخلو العالم من الأسلحة النووية، حيث قال أن quot;الولايات المتحدة لا تمتلك إستراتيجية للتعامل مع مسألة انتشار السلاح النووي. ولا ينبغي علينا أن نُغرق الشرق الأوسط بمفاعلات الطاقة النووية إلى أن نتمكن من تحديد طريقة نوقفهم بها عن إنتاج قنابل نوويةquot;.

وفي الوقت الذي صرح فيه الناطق باسم الخارجية الأميركية، إيان كيلي، بقوله :quot; نعتقد أننا قطعنا خطوة هامة نحو بناء شراكة طويلة ومثمرة لتعزيز أمن الطاقة ومنع انتشار السلاح النووي quot;. إلا أنَّ مراقبين يقولون أنه من المتوقع أن يقوم الكونغرس بتمرير تلك الاتفاقية رغم أن جميع أعضاء الكونغرس لا يرونها بنفس الصورة الوردية التي تراها بها الإدارة الأميركية. أما عضو الكونغرس الأميركي براد شيرمان فقال أن واشنطن فوتت على نفسها فرصة لتفعيل هذا الاتفاق في إقناع دولة الإمارات العربية المتحدة بتحسين نظام رقابتها على الصادرات وفرض سيطرتها على الشركات الإيرانية التي تستخدم الأراضي الإماراتية في الحصول على تكنولوجيات حساسة لبرامج التسلح الإيرانية. بينما قال هنري سوكولسكي، التي تعترض منظمته الرقابية ( مركز تعليم انتشار السلاح النووي ) على تلك الاتفاقية الإماراتية منذ البداية :quot; الدرس هنا هو كلما استمعوا ( السلطة التنفيذية ) للكونغرس، كلما تحسنت تلك الاتفاقاتquot;.

وعلى صفحة الرأي بصحيفة الغارديان البريطانية، تساءل الصحافي البارز سيمون تيزديل، في مقال تحت عنوان بقوله ( هل ينهار الاتفاق النووي الأميركي ndash; الإماراتي ؟ ) - حيث قال في البداية أن خطط الولايات المتحدة لبيع التكنولوجيا والخبرات النووية لدولة الإمارات العربية المتحدة لمست سلسلة من العقبات من بينها تصاعد حدة المخاوف ومشاعر القلق حيال الناحية الأمنية، والحكم غير الديمقراطي وكذلك حقوق الإنسان. لكن السؤال الأكبر الذي طرحه تيزديل في معرض حديثه هو : كيف سيتمكن أوباما من تغليف صفقة البيع مع التزامه بمحاربة انتشار السلاح النووي، خاصة ً في الشرق الأوسط، وتخليق عالم خال من الأسلحة الذرية.

وفي موقع التدوين الأميركي الشهير quot;هافينغتون بوستquot; ، كتب الصحافي البارز رايموند ليرسي قائلا ً quot; لقد كانت الإمارات واحدة من المحاور الرئيسية لشبكة السوق السوداء النووية التي يديرها العالم الباكستاني المثير للجدل عبد القادر خانquot;. وقال جوزيف كيرينكيون، الخبير النووي الأميركي البارز، في مقالة له بمجلة فورين بوليسي الأميركية الشهيرة أن تلك الاتفاقية كانت quot;خطأ جسيمquot; وحذر من أن قادة الإمارات المستقبليين قد لا يشعروا بأنهم ملزمين بتنفيذ التعهدات التي قطعها أسلافهم على أنفسهم. أما إيدوارد ماركي ، عضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي الذي سبق له الاعتراض على اتفاقات نووية مشابهة سبق لإدارة بوش أن أبرمتها مع المملكة العربية السعودية والهند، بدعوى أنها تساعد برنامج إيران النووي، فقال :quot; علينا أن نكون جادين في مساعينا الرامية لوقف برنامج إيران النووي وليس العمل على مساعدة جيرانها في دخول النادي النوويquot;.

يجدر الإشارة أيضا ً إلى ما تناقلته وسائل إعلام أميركية مؤخراً عن مسؤولين أميركيين كبار أن شريط التعذيب الذي يظهر فيه أحد أفراد العائلة الحاكمة في الإمارات قد يحول دون تمرير الاتفاق النووي بين واشنطن وأبو ظبي في الكونغرس. ونقلت وسائل إعلام إخبارية أميركية عن مسؤولين أمريكيين كبار إن النواب الذين انتقدوا الصفقة قد يستغلون شريط التعذيب الذي يظهر فيه الشيخ عيسى بن زايد آل نهيان، الأخ غير الشقيق لرئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زياد آل نهيان وهو يعذب تاجراً أفغانياً. وقال المسؤولون أن منتقدي الصفقة في الكونغرس يجادلون بأن على الولايات المتحدة ألاّ تتعاون نووياً مع دولة لا يحترم فيها حكم القانون وتنتهك فيها حقوق الإنسان.