أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: فتحت التحريات التي تخوضها الأجهزة الأمنية مع الخلية الإرهابية المفككة، مؤخرا أبواب التأويلات على مصراعيها حول تطور عمل الجماعات المتطرفة، بالانتقال من تفجير الذات بالأحزمة الناسفة إلى تنفيذ اعتداءات بواسطة سيارات مفخخة لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا بالمغرب.
كما تظهر علاقات الأشخاص الموقوفين في هذا النوع من الملفات السعي المتوصل لـ quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot;، وهي التسمية الجديدة للجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، لاختراق المغرب وزرع خلايا نائمة به.
وتنطبق هاتين النقطتين على خلية عبد الله (أ)، الملقب بأبو ياسين، إذ تشير إفادات مصادر أمنية أنها خططت لاعتداءات إرهابية بواسطة سيارات مفخخة ضد منشئات سياحية وأخرى عمومية في شمال المملكة.
وسبق لـ quot;أبو ياسينquot;، quot;، وهو من مواليد 1975 بتطوان ومقيم بسبتة المحتلة، أن كان معتقلا في إطار تنظيم quot;السلفية الجهاديةquot;، محكوما عليه بسنتين حبسا نافذا، في إطار ما يعرف بخلية quot;أنصار المهديquot;، التي فككت سنة 2006.
وكان quot;أبو ياسينquot; يعمل منذ إطلاق سراحه، في يوليوز 2008، على تشكيل هذه الخلية بسبتة السليبة، واضعا رهن إشارة أعضائها تجربته كناشط إسلامي متمرس، ومهرب سابق للمخدرات في إسبانيا، على حد تعبير المصادر نفسها.
وأفادت التحريات أن المتهمين في هذه الخلية، التي تنشط بين المغرب وإسبانيا، تمكنوا من ربط علاقات مع نشطاء آخرين في مجال التهريب بكل أنواعه بالمغرب، كما ربطوا، من باب الانتهازية، علاقات تجارية بالمغرب مع الإرهابي الفرنسي روبير ريتشار انطوان بيير، الملقب بـ quot;أبي عبد الرحمانquot;، مشيرة إلى أنه، على المستوى الدولي، توجد علاقات لهذه الخلية من خلال روابط زعيمها أبو ياسين مع نشطاء تنظيم إرهابي في السويد وبمغاربة أفغان.
وقال محمد ضريف، الخبير المغربي في شؤون التنظيمات الإسلامية، إنه quot;لا يمكن الحديث عن تطور في أساليب التنظيمات الإرهابية من الأحزمة الناسفة إلى السيارات المفخخة، بقدر ما يمكن الحديث عن الإمكانيات المتاحة، إذ تلجأ الجماعات الإرهابية إلى كل تقنية حسب الضرورة، وما تحتمه الأوضاع السائدةquot;، مشيرا إلى أنها quot;لا تفضل تقنية على أخرى، بل تستخدمهم جميعاquot;.
وأكد ضريف، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;تقنية السيارات المفخخة لم يسبق أن استعملت في المغرب، حيث أن الخلايا التي لجأت إلى العنف كانت تستعمل الرشاشات، كما حدث في أطلس آسني بمراكش سنة 1994، والأحزمة أو الحقائب الناسفة كما حدث في اعتداءات 16 أيار (مايو) سنة 2003 في الدار البيضاءquot;.
لكن هذا، يشرح الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، لم quot;يمنع السلطات الأمنية من الأخذ بالاعتبار لجوء الخلايا الإرهابية إلى استعمال هذا الأسلوب بالمملكة، خاصة أن المعلومات المتوفرة تؤكد تسلل مغاربة إلى معسكرات القاعدة في الجزائر وخضوعهم للتدريب على تصنيع المتفجرات وتفخيخ السيارات، قبل إرسالهم للمغربquot;.
وذكر محمد ضريف أن quot;هذه التقنية استعملت بشكل مكثف في عدد من الدول، لكونها غير مكلفة، إذ لا تحتاج سوى إلى خبير في تفخيخ السيارات ومواد متفجرةquot;.
ومنذ اعتداءات 16 أيار (مايو) 2003 قامت مختلف الأجهزة الأمنية المغربية بعمليات تطهيرية واسعة وتحقيقات دقيقة شملت الجماعات الإسلامية المتطرفة هذه العمليات والتحقيقات أدت الى تفكيك أهم الشبكات الإرهابية التي كانت وراء أحداث الدارالبيضاء الوحشية أو تلك التي كانت بصدد القيام بعمليات أخرى أكثر بشاعة من طرف المجموعات المكونة لتيار السلفية الجهادية.
ولكن رغم نجاعة هذه التدابير الزجرية والوقائية التي قامت بها مختلف الأجهزة الأمنية المغربية يبقى التهديد والخطر الإرهابي قائما، على اعتبار أنه مازال يوجد تصعيد للنزعة المعادية للسامية، عند فئات واسعة من الشباب المقتنعة بأن المسلمين هم مجرد ضحايا لتعامل قسري، وغير عادل نظرا إلى ما يحدث في بعض البقع العربية مثل فلسطين والعراق.
يشار إلى ان آخر تفجيرات شهدها المغرب كانت من تنفيذ أشخاص ينتمون لخلية بعد الفتاح الرايدي، الذي فجر نفسه في مقهى للإنترنت بسيدي مومن في 11 مارس 2007 بالدار البيضاء.
وفي نيسان أبريل، من السنة نفسها داهمت عناصر الأمن منزلا كان يختبئ فيه انتحاريون، قبل أن يصيبوا الأول بالرصاص، في حين فر الثاني إلى السطح وفجر نفسه.
وبعده بساعات فجر الانتحاري أيوب الرايدي (شقيق عبد الفتاح) نفسه على رجل أمن، الذي لفظ أنفاسه في المستشفى، ثم بعدها بساعات فجر ثالث نفسه بالقرب من مسؤولين أمنيين صحافيين، بعد ان تسلل من وسط الحشود التي كانت تتجمهر لمتابعة ما يحدث.
التعليقات