عبدالخالق همدرد من إسلام أباد: العملية العسكرية التي بدأت ضد المسلحين في وادي سوات بعد 7 مايو/أيار المنصرم، قد تسببت في العديد من المشاكل للمواطنين الباكستانيين على الكثير من الأصعدة. ولعل أهمها - بعد الخسائر في الأرواح والممتلكات- تشرد المليوني نسمة من بيوتهم للمرة الأولى في حياتهم. وهذا أكبر نزوح جماعي على المستوى الدولي خلال الخمسة عشرة سنة الماضية.

وقد أدى النزوح الجماعي من المناطق المتضررة من العملية العسكرية إلى إنشاء مشاكل في المناطق التي آوت المشردين. ومن المعروف أن عددًا قليلاً منهم تمكن من الوصول إلى الأقاليم الثلاثة الأخرى، بينما بقي معظهم في داخل إقليم الحدود الشمالية الغربية.

وأشارت إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن 80% من المشردين يعيشون مع أقاربهم أو أصدقائهم، في حين يعيش 20% منهم في المخيمات التي أنشأتها الحكومة الباكستانية أو المنظمات الدولية والمحلية. أضف إلى ذلك أن وكالة الأمم المتحدة للأطفال تؤكد أن نحو 3,500 مدرسة في 9 مديريات استضافت المشردين، لا تزال يعيش فيها المشردون وعددهم 145,000 نسمة.

ومن الصعب أن يتم إخلاء تلك المدارس قبل شهر سبتمبر القادم عندما يعود الأطفال إلى المدارس بعد قضاء العطلة الصيفية التي تبكرت هذه المرة بسبب قدوم المشردين إلى المنطقة في أوائل شهر مايو المنصرم.

ومن الجدير بالذكر أن المدارس المذكورة أعلاه تؤوي نحو نصف المليون من الطلاب. ويقول فؤاد علي شاه رئيس المجموعة التعليمية النابعة عن الأمم المتحدة، إذا لم ينزح المشردون من تلك المدارس، فإن هؤلاء الأطفال لن يتمكنوا من العودة إلى المدارس.

ويضيف أنه إذا فرضنا أن العملية العسكرية تنتهي إلى ذلك الوقت والمشردون يعودون إلى بيوتهم، على الرغم من ذلك فإن تأهيل تلك المدارس أيضًا سوف يتطلب وقتًا.

وإن استئناف الدراسة في المدارس للأطفال المحليين أصبح محط انتباه الناشطين في قطاع التعليم الذين يديرون المدارس في 16 مخيمًا، على الرغم من الميزانيات الشحيحة.

ولا يخفى أن قطاع التعليم قد تكبد الخسائر الفادحة في سوات إذ أصيبت 224 مدرسة بالتلفات خلال العملية العسكرية وقبلها في نشاطات طالبان. ومن بينها 122 مدرسة خاوية على عروشها، حسب فؤاد علي شاه.

من جهة أخرى تم إيواء المشردين من منطقة باجور ومهمند القبليتين إثر نزوحهم من المنطقة بسبب العملية العسكرية ضد المسلحين، خلال شهر يناير الماضي في 275 مدرسة بمديرية دير السفلى. وعددهم بلغ 550,000 نسمة.

وقد تم تأهيل تلك المدارس للدراسة بعد عملية تصليح وترميم دامت أربعة أشهر عقب إخلاء المشردين لها؛ لأن قاعات الدرس لم تكن تصلح للدراسة. كما وأن مواسير المياء والمراحيض تضررت إلى حد كبير وقد استخدم المشردون أثاث المدارس كوقود للطبخ والاستدفاء.

وإذا كان الأمر كذلك في حالة 275 مدرسة، يمكن لأحد أن يخمن ما ذا سيكون الآن عندما يستخدم المشردون 3,500 مدرسة.

وما يزيد الطين بلة هو أن الحكومة تأمر بتحويل المدارس إلى ملاجئ طارئة. وهذه الأيام بدأت 380 مدرسة تتحول إلى الملاجئ كل أسبوع، مع اشتداد الحرارة في المخيمات. وقد أمرت الحكومة بذلك للمرة الأولى في وسط شهر أيار/مايو المنصرم.

وقد تمكنت الأمم المتحدة والجهات الأخرى من إنشاء 51 مدرسة ابتدائية و31 مدرسة متوسطة في المخيمات، بينما الجهود مستمرة لإنشاء المزيد منها. وهي تؤوي هذه الأيام 18,000 تلميذ.

وقد أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة عبد العزيز الركبان الذي قام بزيارة إلى مدرسة في مردان ويسكنها المشردون، أن العديد من الأسر مضطرة للإقامة بالقاعة الواحدة.

أما المسؤولون في الحكومة الإقليمية فإنهم يرون أن الحكومة كانت مضطرة لإيواء المشردين في المدارس؛ لأن الأوضاع في المخيمات طبعا كانت أسوأ مقارنة؛ لكنهم يستدركون بأن الوضع سيعود إلى الطبيعة إثر مغادرة المشردين للمنطقة. وقد بدأت عملية عودة المشردين وعاد أكثر من 7,000 نسمة إلى سوات وعدد مقارب منه إلى بونير والمناطق الأخرى.

وعلى الرغم من أنه ليس هناك أحد ليؤكد موعدًا محددًا لإنجاز عملية العودة؛ إلا أن الجميع يأملون بأنها ستكون مختصرة ووشيكة.

ويرى المراقبون للوضع أن عملية عودة المشردين إلى بيوتهم لن تكون بتلك السهلة لأسباب عدة. منها أن الوضع لم يعد هادئا بعد في المناطق المضطربة ولا تزال الاشتباكات تحدث في سوات والمناطق الأخرى.

كما وأن الحكومة ترغب في عملية عودة منتظمة. وهذا أيضًا سيكون سببًا في تأخير توجه الناس إلى بيوتهم. ولا يمكن أي تكهن حول موعد محدد لعودة المشردين حتى يتم إعلان إنهاء العملية العسكرية في مقاطعة مالاكند. وهو أمر ينتظره الجميع.