أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: أضحى مشروع إصلاح القضاء في المغرب مطلبا إنسانيا ووطنيا، خاصة بعد المبادرة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، بمناسبة مرور 50 سنة على تأسيس المجلس الأعلى للقضاء، بدعوته إلى إقرار ميثاق وطني للقضاء. ويعد هذا المطلب مشروعا لمواكبة الانتقال الديمقراطي، الذي يعرفه المغرب، كما أنه بات يحظى بإجماع كل المتدخلين. ووقعت عشر جمعيات حقوقية مغربية على المذكرة تتعلق بإصلاح القضاء.

وانتهت وزارة العدل، التي يحمل حقيبتها عبد الواحد الراضي، من وضع مشروع خطة لإصلاح القضاء، بعدما تم تكليفها من قبل الملك محمد السادس بتلك المهمة، إثر الخطاب الملكي في مارس2007، لدى افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية للبرلمان.

ومن المنتظر أن يخاطب العاهل المغربي الملك محمد السادس، قريبا، الشعب بخصوص هذا الموضوعquot;، إذ قال في خطاب العرش، quot;إدراكا منا بأن الحكامة الجيدة لن تستقيم إلا بالإصلاح العميق للقضاء، سنخاطبك قريبا بخصوص الشروع في تفعيل هذا الإصلاح بعد توصلنا بخلاصات الاستشارات الموسعة في هذا الشأنquot;.

ويرى متتبعون أن المدخل الطبيعي لأي إصلاح لمؤسسة القضاء في المغرب هو إجراء إصلاحات دستورية، لأن الدستور ينص على الفصل بين السلط واستقلالية القضاء.

وقال توفيق الإدريسي، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، إن quot;إصلاح القضاء موضوع مهم وخطير جداquot;، مشيرا إلى أن quot;الإصلاح يبدأ من الإنسان أولا، إذ أن المسألة ترتكز بالأساس على التكوين الأخلاقي، بهدف محاربة كل ما هو فاسدquot;.

وأكد الإدريسي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;نتوسم خيرا من هذا المشروع، وأعتقد أنه يجب أن نحدد من أين يجب أن نبدأ، هل من الكلية، أو المعهد القضائي أو ما بعد ذلكquot;، مبرزا أن quot;كل هذه الأمور يجب أن تعالجquot;.

وأضاف المحامي توفيق أن quot;أسرة القضاء يجب أن تعالج نفسها بنفسهاquot;، مضيفا أن quot;لدينا حاليا قضاة نزهاءquot;.

ومن بين الأولويات في هذا المشروع زيادة عدد القضاة، إذ في المغرب هناك 3320 قاضيا يتعاملون مع أزيد من ثلاثة ملايين قضية كل سنة.

وللتغلب على النقص الحالي في قطاع العدل، تحتاج الوزارة إلى نحو 2600 قاضيا آخرا.
ويجمع خبراء القضاء المغاربة على أن آفة الرشوة تبقى واحدة من المشاكل البارزة التي يعاني منها مجال القضاء بالمغرب.

وتتجدد الدعوات في كل مرة إلى تتبع ممتلكات القضاة من طرف خلية خاصة للتفتيش تتكلف برفع تقاريرها إلى المجلس الأعلى للقضاء، بالإضافة إلى سن قانون لحماية الشهود والمبلغين عن الفساد، وإشهار العقوبات التأديبية للقضاة والمحامين وكتاب الضبط وباقي مساعدي العدالة.

يضاف إلى ذلك تفعيل المتابعة الجنائية بحق المتورطين، واسترداد الأموال المختلسة، وتفعيل جميع صيغ الشفافية في الإدارة والتسيير لضبط آلية الاشتغال داخل محاكم المملكة.
وكان ويزر العدل أكد، في مناسبات سابقة، أن quot;إصلاح القضاء سيهتم بمجالين، المحكمة من جهة التي هي في اتصال مباشر مع المواطنين، ومن جهة أخرى هناك إصلاحات مؤسساتية تخص جانب استقلال القضاء وضمان نزاهتهquot;.