إعداد عبدالاله مجيد: كتب الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ادوارد لاتواك مقالاً في صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; الصادرة اليوم الاربعاء يناقش فيه النهج الذي قرر الرئيس الاميركي باراك اوباما اعتماده في التعامل مع النظام الايراني وفرص نجاحه. وجاء في المقال: شرح باراك اوباما بوضوح قبل تنصيبه كيف سيتعامل مع ايران. وقال خلال الحملة الانتخابية انه quot;سيتواصلquot; مع القادة الايرانيين مقترحًا اجراء محادثات بلا شروط ـ حتى من دون ان يطلب منهم ان يكفوا عن انهاء خطاباتهم بهتاف quot;الموت لاميركاquot;.

كان موقفه ينهض على اساس ان سياسة الرئيس جورج بوش كانت سياسة متناقضة وغير ناجحة في وقف اندفاع ايران نحو امتلاك اسلحة نووية وصواريخ باليستية. وكلا الاتهامين صحيحان. إذ كان من غير المنطقي بكل تأكيد أن ينبري بوش لشجب ايران بوصفها من اركان quot;محور الشرquot; ثم يطلب دعمها في افغانستان لدى تشكيل حكومة كرزاي الانتقالية الأولى ، ومرة أخرى في العراق لتهدئة الخطيب الناري مقتدى الصدر وميليشيا جيش المهدي التي تمارس العنف بقيادته.

ولكن انتقادات اوباما لم تعترف بأن سياسة بوش المتناقضة أثبتت جدواها. فان ايران ساعدت في توطيد الحكومات التي اقامتها الولايات المتحدة في افغانستان والعراق بعد الغزو حتى وهي تزود بالسلاح كل من يبدي استعدادا لمهاجمة الاميركيين.

مع ذلك يتبدى فشل ادارة بوش في وقف برامج ايران النووية والصاروخية على نحو ظاهر. فلا شيء أثبت جدواه ـ لا التهديدات الخافتة من حين لآخر بضرب المنشآت النووية ولا الجهود الدبلوماسية التي أُنيطت بالبريطانيين والفرنسيين والالمان. وكانت محادثات الدول الاوروبية الثلاث بدأت بداية ايجابية ببيان طهران في 21 تشرن الأول/اكتوبر الذي تعهدت فيه ايران بوقف تخصيب اليورانيوم مؤقتا. وانتهت نهاية مزرية في عام 2006 عندما تباهى كبير المفاوضين الايرانيين حسن روحاني بأنهم أبقوا الاوروبيين يتحدثون فيما كانوا هم يبنون منشآتهم النووية.

لدى النظر الى الوراء يكون واضحا لماذا بدت مفاوضات الثلاثي الاوروبي بهذا النجاح في عام 2003. فقد شهد القادة الايرانيون لتوهم غزو الولايات المتحدة للعراق وتدمير نظام صدام حسين تدميرًا سريعًا بلا عناء تقريبًا. وإذ توجسوا خيفة من ان يكون الدور التالي عليهم اوقفوا برنامج التسلح النووي الذي كانوا دائمًا ينفون وجوده وبرنامج التخصيب النووي الذي اعترفوا به أخيرًا في عام 2002 ـ بعدما كشف عنه معارضون. ولاحقا عندما رأى قادة ايران ان الولايات المتحدة غارقة في مستنقع العراق وما عادوا يخافون من الزحف على طهران استأنفوا تخصيب اليورانيوم علنا ، وكذلك برنامج الاسلحة السري بلا ريب.

وكانت هناك خطوة واحدة أخرى قبل ان يبدأ quot;التواصلquot;: خطاب اوباما من القاهرة في 4 حزيران/يونيو الذي اعتذر فيه عن اسقاط رئيس وزراء ايران محمد مصدق في آب/اغسطس 1953. بالنتيجة ارتد اعتذار اوباما ومقترحه اجراء محادثات بلا شروط الى نحره.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الايرانية في 12 حزيران/يونيو سنحت للمرشد الأعلى علي خامنئي فرصة الاستعاضة عن محمود احمدي نجاد الذي لا يمكن الاعتداد به والمتطرف بصوت عال برئيس آخر معقول يكون شريك اوباما في التفاوض. وكانت هذه الاستراتيجية استُخدمت من قبل ، في عام 1997 ، عندما كان النظام بحاجة الى تهدئة الاضطرابات الداخلية واسكات الرأي العام في الخارج فأناط الرئاسة بصاحب الصوت الناعم والعباءة الأنيقة والتوجه الليبرالي المفتَرَض محمد خاتمي. كان خاتمي الرجل المناسب لتقديم واجهة معتدلة لدكتاتورية رجال الدين.

ومن الواضح ان خامنئي رفض خيار المجيء بمعتدل وبدلاً من ذلك اسبغ على احمدي نجاد فوزًا quot;إلهيًاquot; بأغلبية مستبعدة للغاية ـ نالها حتى في معاقل منافسيه. مشكلة اوباما ان خامنئي ما كان ليختار احدًا غير احمدي نجاد لأنه لا يريد التحادث مع الولايات المتحدة. ومن الواضح ان حساباته تذهب الى ان النظام سينهار من دون ايديولوجيا quot;معادة اميركاquot;. وهو محق في حساباته.

ما لم تتغير سياسة ايران ستبوء سياسة اوباما بالفشل. وسيحتاج في هذه المرحلة الى سياسة جديدة حقا تقوم على فرض عقوبات قاسية بصورة متزايدة في ظل التهديد بالقصف ـ سياسة بوش القديمة على وجه التحديد. ولكن مع تقدم برنامج ايران النووي لا يعود ثمة متسع من الوقت لعمل هذه السياسة بنجاح.