خلطة إشارات سياسية أردنية توحي بنهج جديد

عاهل الأردن أمام خيارات ومتغيرات

التغيير الحكومي في الأردن بنكهة سياسية خالصة

عامر الحنتولي من الكويت: استمرت مرجعيات أردنية عليا في مراقبة التخبط السياسي الذي تمارسه وزارة المهندس نادر الذهبي منذ أسابيع عدة، وسط ارتجال لافت في التعاطي مع ملفات واستحقاقات مهمة جدا، أشار إليها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قبل نحو أسبوعين حين انتقد بقوة جهات في الداخل الأردني، فاتحا الباب أمام الحكومة لتصويب اختلالات واسعة في المشهد السياسي الأردني المرتبك، وإلا فإن العاهل الأردني سيتحرك شخصيا للتغيير الذي سيكون مفاجئا في القريب العاجل، لكن يبدو اللافت حتى الآن تلك quot;المعارك الدونكيشوتيةquot; التي فعلها الذهبي ووزير الداخلية نايف القاضي ضد مراكز حقوقية وبحثية وإنسانية، يقال بقوة داخل الأردن إنها ممولة أجنبيا، وأنها عبثت بالأمن القومي الأردني في الأوان الأخير في مسعى للإساءة إلى الأردن، إلا أن مطبخ الحكومة الأردنية لم يأت بدليل واحد عن تلك الإختراقات للمشهد الأردني.

وفي وقت قال فيه رئيس الوزارة الأردنية الذهبي إن البعض (لم يشر الى الاسماء) يستغل أقل حادث في الأردن ليضخمه، ويسيء من خلاله الى أداء الحكومة الأردنية، كان وزير داخليته نايف القاضي يحاول محاكاة ما ألمح إليه الذهبي، إلا أنه لم يضع النقاط فوق الحروف الملتبسة للذهبي، حين أكد أن جهات معادية للأردن توزع quot;صرر مالquot; على بعض الجهات الأردنية من أجل الإساءة للأردن، والضغط عليهم لكتابة تقارير تبرز المشاكل داخل الأردن، بما يؤدي للضغط عليه سياسيا من خلال التقارير والدراسات الدولية التي تتناول الإنتهاكات السياسية والأمنية داخل الأردن. إلا أن القاضي لم يذكر بتاتا أي أدلة موثقة، علما أن وزارته هي المسؤولة حكما عن ضبط الإيقاع الأمني داخل الأردن الذي يشهد استقرارا أمنيا مطردا، أهلته لأن يكون المقصد الإستثماري الأول للفوائض المالية في الدول الثرية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، دون أن تعرف بعد مآلات العداء الإرتجالي للمراكز الحقوقية التي أضفت حركة واسعة على المشهد السياسي الأردني خلال العقدين الماضيين، وبعد أن قامت الحكومات المتعاقبة بتسمين تلك المراكز، وغض النظر عن التمويل الأجنبي.

وتؤكد جهات أردنية لـquot;إيلافquot; أن حكومة الذهبي ارتجلت حربا ضد المراكز الحقوقية والبحثية التي لا تخفي أساسا تمويلها الأجنبي، تحت لافتة quot;القلق الإستباقيquot; من أن تركز جهات عالمية في تقاريرها المقبلة على القسوة الأمنية الحكومية في التعاطي الشهر الماضي مع إحتجاجات عمالية لم تزد عن المطالبة بحق تصويب أوضاعها ماليا، إلا أن الحكومة أدارت الظهر لتلك الإحتجاجات عبر الإيعاز لقوات أمنية فض تلك الإحتجاجات بالقوة التي وصفت من كتاب أعمدة شعبيين في الأردن أنها مفرطة جدا وغير مبررة، على اعتبار أن المحتجين كانوا عزلا، إلا من يافطات حملوها، لذلك تبدو حرب حكومة الذهبي ضد تلك المراكز بأنها هجوم استباقي لدرء ما سيكتب في التقارير الدولية التي يمكن أن يهز مضمونها الثقة في الوضع الداخلي الأردني، كما أن مرجعيات أردنية طلبت توضيحات من حكومة الذهبي بشأن تلك الحرب المفاجئة التي يمكن أن تكون بمثابة فاتحة لتقارير مسيئة عديدة بحق الأردن، وهو ما سيكلف الأردن أعباء إضافية أمام العالم لإعادة صيانة سمعته الدولية.

وحتى الآن لا يبدو أن وزارة الذهبي كانت مهيأة لهذا النوع من الهجوم الإرتجالي ضد مراكز كانت الحكومة تجلس دوما في الصف الأول لأنشطتها، وندواتها، وتعاطيها مع الهموم المحلية، كما أن الحكومة لا تعرف حتى الآن معنى أن تتوسع في مكافحة مفهوم التمويل الأجنبي الحاضر بقوة في محاضر اجتماعات الحكومة الأردنية فلا يمر اجتماع حكومي من دون الموافقة على تمويل أجنبي لمشاريع صحية وثقافية وخدمية لمؤسسات حكومية أردنية، وهو الوضع الذي يعيد الى الأذهان ما سبق وأن صرحت به الناشطة الحقوقية والسياسية الأردنية أسمى خضر حين كانت في مقاعد الحكومة متحدثة باسمها، وأثيرت مسألة تملكها لمركز قانوني ممول أجنبيا، وبالتالي طالب نواب بطردها من الحكومة، إلا أنها ردت وقتذاك بهدوء وواقعية أن النواب أنفسهم يتلقون رواتبهم عبر تمويلات أجنبية، شارحة أن الأردن يتلقى هبات مالية سنوية ومنتظمة من قبل دول شقيقة وصديقة للأردن، وهو الأمر الذي أثار عاصفة برلمانية ضدها لم ينته سوى بإخراجها من الوزارة.