اعداد أشرف أبو جلالة: في حلقة جديدة من حلقات الجدال دائم السخونة في مصر بخصوص قضية بناء الكنائس أو تحويل بعض منازل القساوسة إلى أديرة أو قاعات خاصة بالمناسبات الدينية المسيحية، تسلط صحيفة quot;كريستيان تودايquot; البريطانية في تقرير مطول لها الضوء على التداعيات الجديدة التي بدأت تأخذها قضية القس إسطفانوس شحاته الذي يسعى للحصول على تراخيص من الحكومة لتحويل منزله إلى دار للمناسبات الدينية، وما تلى ذلك من موجات غضب عارمة من جانب المسلمين الذين عبروا عن رفضهم التام لهذا المشروع المقترح. حيث قالت إن الأمر وصل إلى حد إصدار شيوخ القرية من المسلمين حكما ً يبيح إهدار دم شحاته، وأشارت في الوقت ذاته إلى ما تحدثت عنه اليوم أيضا ً منظمة أقباط بريطانيا العظمى المتحدون بأنه قد تم منع الأب شحاته من دخول القرية التي يقيم بها وهي عزبة داود يوسف التابعة لمحافظة المنيا بصعيد مصر لمدة شهر كامل، بسبب مشروعه المثير للجدل.

من جانبه، كشف الأسقف إسطفانوس لمنظمة مسيحيي الشرق الأوسط عن أن شيوخ القرية من المسلمين تعاملوا بصورة غاضبة مع الطلب الذي تقدم به لتحويل منزله إلى قاعة صلوات، والتي كان يعتزم استخدامها في استقبال الصلوات الجنائزية واحتفالات الزواج. في حين عاودت الصحيفة لتشير إلى أنه لا يمكن استخدام البنايات في مصر في الأغراض الدينية إلا بعد الحصول على التراخيص اللازمة من جانب الحكومة، وهو الشيء الذي عادة ً ما يواجه المسيحيون صعوبات عدة في سبيل الحصول عليه.

وتابع الأب إسطفانوس حديثه بالإشارة إلى أنه لازال يقيم إلى الآن حفلات الزواج والجنازات في الشارع. وقال إنه قضى عامين تقريبا ً في إعداد غرفة بداخل منزله لكي يتم استخدامها في استقبال مثل هذه الطقوس قبل التقدم بطلب للحصول على التراخيص اللازمة. وأضاف قائلا ً :quot; ذهبت للأجهزة الأمنية كي أحصل على التراخيص الضرورية لاستغلال تلك المساحة الخالية في منزل عائلتي، لكنهم أخبروني بأني احتاج أولا ً الحصول على quot;الإذنquot; من مسلمي القرية، لأنهم لا يريدون إثارة المشاكل هناكquot;.

وواصل إسطفانوس حديثه بالقول :quot; أخبرتهم بأنه لن تكون هناك من ثمة مشاكل في الحصول على هذا الإذن، نظرا ً للعلاقات الطبية التي تربط بيننا وبين مسلمي القرية، فضلا ً عن أننا نحبهم ونعتبرهم أشقاءً لناquot;. لتمضي الصحيفة من جانبها وتشير إلى أن أحلام إسطفانوس لم تكن وردية ndash; كما كان يتخيل ndash; حيث دعا شيوخ القرية من المسلمين إلى عقد اجتماع مع شيوخ القرى المجاورة، وأصدروا حكما ً يجيز إهدار دم الأب إسطفانوس، الذي قال بدوره :quot; أخبروا الأقباط في القرية بأني لن أغير رأيي، وأنه ومن خلال رصاصة واحدة يمكنهم أن يتخلصوا مني نظرا ً لعدم وجود quot;ديةquot; في حوادث قتل المسيحيينquot;.

هذا وقد قام الأب إسطفانوس بتوجيه الدعوة للرئيس مبارك كي يتدخل في الموضوع ويقوم بمنح المسيحيين الأقباط الحق في امتلاك أماكن خاصة بهم للتعبد وإقامة الجنائز. وهنا، نقلت عنه الصحيفة قوله :quot; ألا يمكنهم أن يروا أننا كمواطنين مصريين نمتلك الحق في إظهار قدر من الاحترام لأمواتنا، وأن نقيم الصلاة على جثثهم في أماكن نظيفة بدلا ً من الشارع ؟ لكن المشكلة تتمثل في أن المسلمين يدركون تماما ً أن الحكومة تطلب موافقتهم، وهو ما يعزز من موقفهم. وأنا فقط أريد أن أعرف: هل الحكومة هي من تحكم الشعب أم أن الشعب هو من يحكم الحكومةquot;.

وعلى صعيد آخر، اهتمت تقارير إعلامية بتسليط الضوء على واقعة اشتباك طائفي أخرى نشبت في صعيد مصر أيضاً قبل عدة أيام، حيث نشرت وكالة الأنباء الأميركية (كومباس دايركت نيوز) تقريراً حول حالة الغضب العارمة التي سيطرت على أسرة مسيحية في مدينة الفشن التابعة لمحافظة بني سويف بجنوب مصر، بعد وقوع اشتباكات بين ثلاثة من أفراد هذه الأسرة ونحو اثني عشر مسلماً اثر وقوع تصادم بين دراجة بخارية كان يقودها اثنان من هؤلاء المسلمين وبقرة يمتلكها المسيحيون الثلاثة.

وأبرزت الوكالة في تقريرها سبب تملك مشاعر الغضب والسخط من أقرباء الأشخاص المسيحيين هو أنه ولدى قيام اثنين منهما بالتوجه لأحد أقسام الشرطة بغرض الإبلاغ عن الواقعة، تم إخبارهم بأن يحضروا في اليوم التالي، وعند قدومهم في هذا الموعد، تم تحرير محضر بالواقعة، ثم ألقت الشرطة المحلية بالقبض عليهما. وهو ما أثار حفيظة أقربائهما، ونقلت الصحيفة عن ابنة عمهم قولها :quot; أشعر بالغضب الشديد. فكيف يمكن للشرطة أن تُحوِّل ضحية مجني عليها إلى مجرم؟ وكيف لهم أن يعاملوا الضحية مثل المجرم ؟ quot;.

جدير بالذكر أن مثل هذه الأحداث الطائفية باتت واحدة من الظواهر التي تؤجج بين الحين والآخر الأمن القومي للبلاد. وربما كان آخر حلقات هذا المسلسل المتواصل هو ما شهدته قرية الحواصلية التابعة لمحافظة المنيا أيضا ً قبل أشهر قليلة من أحداث فتنة على خلفية رغبة أحد القساوسة هناك بتحويل منزله إلى كنيسة، ووقتها حاول عدد غفير من المسلمين إشعال النيران بمنزله، في واقعة لازالت تلقي بدواعيها الأمنية الوخيمة إلى الآن.