محمد حميدة من القاهرة: لعبت قضيّة حزب الله اللبناني دورًا مهمًّا في تصعيد أهميّة الدّور المصري لدى واشنطن، كما ساهمت في تعزيز دورها سياسيًّا على المستوى الإقليمي، لكنّها جاءت في الوقت نفسهعلى حساب المصالحة العربيّة ولمّ الشّمل الفلسطيني، بحسب خبراء سياسييّن.

وقال أيمن عامر، باحث في العلوم السياسيّة، لـquot;إيلافquot; إنّ القبض على الخليّة كان بمثابة ضربة موجعة لإيران وليس للحزب فقط، وأثبتت دور مصر النّاشط في احتواء التّهديد الإيراني للمنطقة، وعلى الرّغم من أنّ هذه الإجراءات الإستراتيجيّة التي اتّخذتها مصر لخدمة أمنها القومي، إلاّ أنّها تتلاقى في الوقت نفسه مع مصالح الولايات المتّحدة الأميركيّة ورغبتها في تحجيم نفوذ طهران،لكنّ القبض على الخليّة حسبما أضاف quot;أعاق جهود القاهرة لإنجاز المصالحة الفلسطينيّة حتى الآن وإنهاء الخلافات بين الفصائل الفلسطينيّة،حيث سكبت الخليّة المزيد من البنزين على العلاقات المتوتّرة بين مصر وإيران التي تبسط يدها العليا على حركة حماسquot;.

وقد بدأت محكمة أمن الدّولة العليا أمس الأوّل أولى جلسات محاكمة المتّهمين الـ٢٦ (لبنانيّان وسودانيّ و5 فلسطينيين و18 مصريًّا منهم أربعة فارّين) في القضية المعروفة باسم quot;خليّة حزب الله في اتّهامات منسوبة إليهم بالتّخطيط لتنفيذ اعتداءات لصالح حزب الله اللبناني ضدّ مواقع سياحيّة مصريّة وسفن أثناء عبورها قناة السويسquot;،وسط أنباء عن تأجيل الجولة الأخيرة من الحوار الوطني الفلسطيني التي كانتمقرّرةفي 25 أغسطس/آب الحالي إلى ما بعد عيد الفطر المبارك بسبب الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس.

وتتبادل الحركتان الاتّهامات بالمسؤوليّة عن عرقلة المصالحة، وتقول quot;حركة حماسquot; إنّ quot;ملفّ المعتقلينquot; هو العقبة الرئيسة أمام المصالحة، وتطالب بالإفراج عن قرابة الألف من معتقليها في الضفّة الغربيّة، حيث تتّهم الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة باعتقالهم على quot;خلفيّات سياسيّةquot;، بينما تصرّquot;فتحquot; على أنّ المشكلة الأساسيّة هي quot;تشكيل حكومة فلسطينيّة وضرورة التزامها بالتزامات منظمّة التّحرير الفلسطينيّةquot;.

وكانت مصر حدّدت السابع من يوليو/تمّوز موعدًا لتوقيع اتّفاق المصالحة، لكنّها أرجأت هذا الموعد أوّلاً إلى 25 يوليو/تمّوز ثمّ إلى 25 أغسطس/آب، قبل أن تعلن تأجيله مجدّدًا إلى ما بعد عيد الفطر.

ويرى الباحث أنّ القضيّة سياسيّة بامتياز، إذ على الرّغم من أنّ القضيّة تخصّ quot;حزب اللهquot; اللبناني، إلاّ أنّ التّصريحات المدافعة عن الحزب والمتّهمين تكرّرت كثيرًا من جانب المسؤولين الإيرانيين،مضيفًا أنّ هذه quot;القضيّة تعتبر انعكاسًا للخلافات العربيّة بالأساس، نظرًا إلى علاقات حزب الله القويّة مع سوريا، كما أنّ لحماسالعلاقة نفسهامع سوريا وإيرانquot;.

وقد تكرّرت اتّهامات في الفترة الأخيرة من بلدان غربيّة مثل بريطانيا وفرنسالإيران بالوقوف وراء إفشال الجولة الخامسة من الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة، وأنّها تعارض المصالحة بين حركتي quot;حماسquot; وquot;فتحquot;، وقد دعا السفير الفلسطيني في بريطانيا طهران إلى إقناع قادة quot;حماسquot; بالمصالحة مع مسؤولي quot;فتحquot; وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وأثارت التأكيدات الأوروبيّة عن تدخّل إيران وتأثيرها على quot;حماسquot; المزيد من التوتّر في العلاقات بين طهران والقاهرة، والتي شهدت تصعيدًا خطرًا طوال الأشهر الماضية، بسبب ما تعتبره القاهرة تدخّلاً إيرانيًّا في قطاع غزّة، الذي يشكّل جزءًا من مجال الأمن القومي المصري. وأضاف الباحث أنّ تعاطي القاهرة مع خليّة quot;حزب اللهquot; من جهة وجهودها في إيقاف تهريب الأسلحة إلى حماس من جهة أخرى زاد من كفّة الدور المصري في ميزان الإدارة الأميركية الجديدة عن قوى أخرى احتلّت المكانة نفسهافي إدارة الرئيس بوش.