كابول: مع بدء صدور نتائج الانتخابات الافغانية، دخل الافغان في لعبة تخمين حول من سيكون رئيسهم المقبل ومدى شرعية هذه الانتخابات. ويبدو ان الفرق بين عدد الاصوات التي حصل عليها كل من المرشحين الرئيسيين -- الرئيس الحالي حميد كرزاي ووزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله -- بدأ يتسع لصالح كرزاي، رغم ان المراقبين يؤكدون ان المنافسة بينهما لا تزال محتدمة.
لكن الارقام تظهر ان المشاركة في الانتخابات كانت منخفضة ولم تتعد نسبة 30 الى 35 بالمئة، مما يثير اسئلة حول شرعية الرجل الذي سينتخب رئيسا عند ظهور النتائج النهائية في منتصف ايلول/سبتمبر. وجرت ثاني انتخابات رئاسية في افغانستان اضافة الى انتخابات للمجالس المحلية في 20 اب/اغسطس في ظل عشرات الهجمات والتفجيرات الانتحارية التي نفذها متمردو طالبان.
وبعد ساعتين فقط من ظهور اولى النتائج في كابول الثلاثاء، هز تفجير انتحاري هائل بسيارة مفخخة مدينة قندهار الجنوبية مما ادى الى مقتل اكثر من 40 شخصا. وحمل التفجير بصمات طالبان. وتختلف الاراء بشان شرعية الانتخابات حيث يؤكد بعض المعلقين ان انخفاض المشاركة الى هذه النسبة يثير تساؤلات حقيقية حول الصلاحيات التي سيتمتع بها رئيس حصل فقط على نسبة 50 بالمئة من اصوات نحو خمسة ملايين ناخب.
الا ان اخرين يصرون على ان مشاركة نحو خمسة ملايين افغاني من اصل 17 مليون ناخب مسجل، هو دليل على ان الافغان مهتمون بالعملية الديموقراطية، وان ذلك يبعث برسالة واضحة الى طالبان بان تهديداتهم لم تفلح في منع الافغان عن التصويت. وقال نادر نادري من quot;مؤسسة انتخابات حرة ونزيهة في افغانستانquot; التي راقبت الانتخابات quot;اعتقد ان الافغان اظهروا لطالبان بشكل واضح انه رغم الخوف الذي بثوه قبل الانتخابات والذي تجلى في تهديدات وهجمات، الا انهم ارادوا المشاركة في الانتخاباتquot;.
واضاف quot;حتى في اكثر الاماكن خطورة والتي تشهد اقتتالا مثل بغلان وباكتيا وزابل وهلمند، عندما توقف القتال توجه الناس الى مراكز الاقتراع وسألوا ان كان بامكانهم التصويتquot;. واوضح quot;اذا قارنا هذه الاستجابة مع مستوى التهديد والخوف الذي اشاعه طالبان، فان الرسالة الى طالبان هي ان اساليبهم لم تنجحquot;. الا انه وفي بعض انحاء البلاد، نجحت حملة الترهيب في ابعاد الناخبين عن مراكز الاقتراع بشكل شبه تام. وفي بعض معاقل المسلحين ومن بينها ولاية لوغار جنوب كابول، كانت المشاركة شبه معدومة.
وقال منصور ستانيكزاي الذي يعمل ميكانيكي سيارات، متحدثا لوكالة فرانس برس quot;في قريتي يعيش اكثر من ستة الاف شخص لم يصوت منهم سوى ستةquot;. ورأى المحلل هارون مير ان اساليب طالبان نجحت في عرقلة الانتخابات وقوضت العملية الديموقراطية التي كان المجتمع الدولي يتطلع الى اعتبارها عملية مناسبة لافغانستان الدولة الاقطاعية التي تمزقها الحرب.
واضاف مير quot;ان سبب اجراء الانتخابات في افغانستان هو منح الشرعية للحكومة، ولم ننجح في تحقيق هذا الهدف .. فقد نجحت طالبان في افشال هذا الهدف واجبروا الناس على البقاء في منازلهمquot; مضيفا ان مشروعية النتيجة النهائية quot;ستكون موضع شكquot;. وقال ان كشف النتائج بشكل بطيئ وتدريجي على مدى عشرة ايام، يعطي كرزاي والجهات الغربية التي تدعمه --الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي، الحلف الاطلسي، والامم المتحدة-- وقتا كافيا للتوصل الى تسوية مع عبد الله عبد الله.
واضاف لفرانس برس quot;قد ينتهي بنا الامر الى وضع يتم خلاله تقاسم السلطة مثل ما يحدث في لبنان. الا ان هذا الوضع غير صحي لانه لا توجد لدينا احزاب سياسيةquot;. واوضح ان quot;البلاد مقسمة: عبد الله في الشمال وكرزاي في الجنوب واصوات الهزارة والاوزبك مطروحة للجميعquot;. وتابع quot;لقد اظهرت هذه الانتخابات ان افغانستان تظل مقمسة بشكل كبير .. نحن نتجه الى ازمة سياسيةquot;.
الا ان نادري قال ان بطء عملية صدور النتائج جعل الافغان يثقون بان عملية الفرز ستكون دقيقة وشفافة. ويستغل عبد الله عبد الله عدد الشكاوى ضد الانتخابات والتي بلغ عددها 790 شكوى، لوصف العملية باكملها بانها زورت لصالح منافسه، مما يدفع مواطنين افغان الى توقع حدوث بعض المشاكل في الدولة المصنفة بين الاكثر فسادا في العالم.
وقال مهندس الاتصالات محمد اكبر (28 عاما) quot;لا شك في انه حدث الكثير من التزوير الا ان الكثيرون ممن اعرفهم واعمل معهم قالوا انهم يؤيدون كرزايquot;. وقال ان وقت انتظار ظهور النتائج quot;ممل للغايةquot; الا انه اضاف quot;يسود الكثير من القلق من احتمالات عدم قبول النتائج النهائية عند صدورهاquot;.
التعليقات