عاد التوتر مجددا إلى الجنوب اليمني بينما تواصلت المعارك الدامية في الشمال، يأتي ذلك في وقت نفى فيه عبدالملك الحوثي، أن تكون هناك نوايا لإقامة دولة شيعية في اليمن، بينما تتواصل المخاوف لدى السلطات اليمنية من مساع لزعزعة الأمن.

صنعاء: اكدت مصادر عسكرية ومحلية يمنية الثلاثاء ان 29 متمردا حوثيا قتلوا في معارك طاحنة تدور منذ الاثنين في شمال البلاد بينهم اربعة quot;قياديينquot; في التمرد، فيما سجل ارتفاع للتوتر في الجنوب حيث دارت مواجهات بين قوى الامن وناشطين جنوبيين.
وبدا تقارب في مواقف مناوئي نظام صنعاء في شمال اليمن وجنوبه، مع تاكيد نائب رئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض تعاطفه مع المتمردين الحوثيين واعلان قيادة التمرد في شمال البلاد الافراج عن الجنود الجنوبيين الاسرى لديها.

وفي هذه الاثناء، احيل 44 متمردا حوثيا للمحاكمة من اصل 127 حوثيا القي القبض عليهم كما جدد مجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح التمسك بضرورة تنفيذ المتمردين شروط الحكومة قبل وضع حد quot;للحرب السادسةquot; الدائرة في صعدة والمناطق المحيطة بها في شمال البلاد منذ 11 اب/اغسطس.
وذكرت مصادر عسكرية ميدانية ان القتال ظل محتدما اليوم الثلاثاء.

وافادت المصادر ان القوات الحكومية استخدمت القصف المدفعي في منطقة حرف سفيان وفي الضاحية الشمالية لمدينة صعدة (240 كلم شمال صنعاء). وكان مصدر عسكري افاد لوكالة الانباء اليمنية ان quot;اربعة من قيادات عناصر الارهاب والتمرد لقوا مصرعهم واصيب اثنان آخرانquot; في مواجهات امس الاثنين في محافظة صعدة، معقل المتمردين الزيديين.

واضاف المصدر ان خمسة متمردين آخرين لقوا حتفهم عندما حاولت مجموعة من الحوثيين التسلل الى موقع quot;الكمبquot; للقوات اليمنية. الى ذلك نقلت الوكالة عن مصادر محلية قولها ان عشرين متمردا قتلوا quot;بعد مواجهات مع قوات الجيش خلال تطهير المنطقة التي تقع فيها محطة جرمان والمنازل المجاورة لهاquot; في صعدة.

من ناحية اخرى، قال مصدر امني لوكالة الانباء اليمنية ان 44 متمردا احيلوا الى النيابة العامة لمحاكمتهم، وهم quot;يشكلون المجموعة الاولى من دفعة تضم 127 عنصرا ارهابياquot; اعتقلوا خلال المواجهات. من جانبه، اكد مجلس الدفاع الوطني الذي يراسه الرئيس اليمني ان الحكومة لن توقف اطلاق النار قبل التزام المتمردين بشروطها التي حددتها والتي تشمل خصوصا وقف المتمردين القتال وانهاء تمترسهم في الجبال وتسليم السلاح والافراج عن اسراهم المدنيين والعسكريين.

وقال المجلس في بيان نقلته وكالة الانباء اليمنية quot;لا خيار امام تلك العناصر (المتمردين) سوى الاستجابة لما جاء في مبادرة الحكومة من نقاط لايقاف العمليات العسكرية حقنا للدماء وتحقيقا للسلامquot;. وفي مدينة زنجبار عاصمة محافظة ابين الجنوبية، اصيبت امراة بجروح في مواجهات وقعت الاثنين بين قوى الامن ومسلحين فيما سجلت عودة للتوتر بين السلطات والناشطين الجنوبيين، وذلك حسبما افاد مصدر مسؤول الثلاثاء.

ونقلت وكالة الانباء اليمنية عن المصدر انه quot;اثناء نزول قوة أمنية لاداء مهامها الامنيةquot; في زنجبار quot;تعرضت لاطلاق وابل من النيران من قبل بعض تلك العناصر الاجرامية المطلوبةquot; في اشارة الى الناشطين الجنوبيين، وقد ردت قوة الامن على هذه النيران. وافاد المصدر ان quot;ذلك ادى الى اصابة امرأة من قبل تلك العناصر كما قامت الاجهزة الامنية بالقاء القبض على عدد من أفراد تلك العناصر الاجراميةquot; مشيرا الى ان عدد اعضاء المجموعة يصل الى ثلاثين شخصا.

وينشط في محافظة ابين مؤيدون للاسلامي طارق الفضلي الذي تطلب السلطات تسلين نفسه او الرحيل وانضم الى quot;الحراك الجنوبيquot;، وهو الاسم الذي يطلق على حركة التحركات الاحتجاجية في جنوب اليمن. وشهد الجنوب اضطرابات خلال الاشهر الماضية على خلفية مطالب سياسية واجتماعية في حين يرى قسم من سكانه انهم يتعرضون للتمييز من قبل الشمال وانهم لا يحصلون على مساعدة تنموية كافية.

واطلقت دعوات لانفصال جنوب اليمن علنا خلال التظاهرات التي نظمها الحراك الجنوبي والتي شهد بعضها مواجهات دامية اسفرت عن مقتل العشرات. وظهر تقارب في المواقف بين قيادة التمرد الحوثي وعلي سالم البيض الذي يعد من ابرز قادة الحراك الجنوبي ويعيش في المنفى.

وقال البيض في تصريحات لصحيفة quot;الاخبارquot; اللبنانية نشرت الثلاثاء quot;نحن لا نخفي تعاطفنا ووقوفنا إلى جانب ضحايا نظام صنعاء من حوثيين وغير حوثيين. الحرب على صعدة هي عدوان من جانب السلطة مع سبق الاصرار وهي ورقة من اوراق علي عبد الله صالح التي من خلالها يحاول ابتزاز الداخل والخارجquot;.

الحوثي: لا نريد إقامة دولة شيعية
من جهة ثانية نفى عبد الملك الحوثي زعيم المتمردين الشيعة في اليمن يوم الثلاثاء مزاعم حكومية بأن الحوثيين يريدون اقامة دولة شيعية في شمال اليمن ووصف الصراع بأنه كفاح من أجل نيل الحقوق. ويثور قلق عدد من الدول العربية بشأن نفوذ ايران الشيعية التي يعتقدون أنها تحاول بسط نفوذها من خلال دعم الاقليات الشيعية في المنطقة.

وقال الحوثي ان بعض الجنود يتعاونون مع المتمردين على الرغم من العملية التي شنتها الحكومة في أوائل أغسطس اب لمحاولة القضاء على تمرد الحوثيين. وتخشى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية جارة اليمن أن يكون هذا الصراع والتوترات الانفصالية في الجنوب في صالح القاعدة التي عاودت أنشطتها في اليمن بهجمات على أهداف حكومية وأجنبية على مدى العامين الماضيين.

وصورت حكومة اليمن الصراع على أنه صراع يقوده المتطرفون من الطائفة الزيدية الشيعية لاعادة نظام الامامة الذي سقط عام 1962 مما أدى الى قيام الجمهورية اليمنية. وتجنب الرئيس علي عبد الله صالح المنتمي للطائفة الزيدية النبرة الطائفية لكن الخطاب الرسمي في قطاعات أخرى يهاجم بانتظام حركة الحوثيين بسبب معتقداتهم الدينية.

وقال الحوثي في موقع المنبر الاخباري التابع للحوثيين على الانترنت quot;اتهامات السلطة في مسألة الامامة هي مجرد حرب اعلامية.. وتضليل وخداع للرأي العام. والمسألة واضحة.. نحن لسنا طلاب مناصب بل طلاب حق وطلاب عدالة.. أما جوهر الازمة فهو سياسي بامتياز.quot; ونفى أن تكون ايران داعمة للحوثيين أو أنها تزودهم بالاسلحة التي قال ان البعض في الجيش هربها اليهم.

وأضاف الحوثي ردا على سؤال عن مصدر الاسلحة quot;نحن شعب مسلح وهذا شيء معروف عن اليمن فليس الحصول على السلاح في اليمن معضلة على الاطلاق.. اضافة الى ما مكن الله منه في مواقع الجيش من عتاد وأسلحة هائلة.. وليس من الغريب أن يكون لدى الشرفاء وذوي الضمير من أبناء الجيش تعاون معنا.quot; ويشكو الحوثيون من التهميش بسبب صعود التيار السني الاصولي نظرا للتحالف القائم بين الرئيس اليمني والمملكة العربية السعودية.

ويعتقد أن أتباع الطائفة الزيدية يمثلون نحو ثلث سكان اليمن الذي يسكنه 23 مليون نسمة تقريبا. وقال صالح يوم السبت ان الجيش مستعد لمحاربة الحوثيين لسنوات اذا لزم الامر وناشدهم قبول وقف لاطلاق النار اقترحته الحكومة.

وذكرت جماعة أوكسفام للاغاثة في الاسبوع الماضي ان اليمن ربما يواجه قريبا أزمة انسانية نتيجة لتصعيد القتال. وتقول جماعات اغاثة انه منذ اندلاع الاضطرابات لاول مرة عام 2004 نزح نحو 150 ألف يمني من ديارهم.
وأعلنت منظمة غوث اللاجئين التابعة للامم المتحدة في جنيف يوم الثلاثاء ان السعودية وافقت على التعاون في مساعدة النازحين.

وقال اندريه ماهيتشيتش المتحدث باسم المنظمة للصحفيين quot;وفرت منظمة الامم المتحدة للاجئين خياما واغطية ومساعدات أخرى لاكثر من 2000 شخص على الجانب السعودي من الحدود.quot;

إلى ذلك أعلنت المفوضية العليا للاجئين الثلاثاء ان السعودية سمحت لها بنقل مساعدات الى آلاف النازحين في شمال اليمن عبر حدودها. وقال المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة اندري ماهسيتش quot;تلقينا الاحد موافقة رسمية من السلطات السعودية للقيام بعملية عبر الحدود بهدف مساعدة السكان النازحين في شمال اليمنquot;.

لكن بالرغم من هذه الموافقة فان المساعدات مجمدة على الحدود السعودية لان المفوضية العليا تعتبر ان انعدام الامن ما زال مرتفعا جدا في شمال اليمن حيث نزح الالاف هربا من المعارك العنيفة في منطقة صعدة بين القوات الحكومية والمتمردين الشيعة. وقال المتحدث لوكالة فرانس برس quot;لا نعلم متى ستكون هذه الظروف الامنية مضمونةquot; واصفا الوضع بquot;المتوتر والمتقلبquot;.

وتدور معارك طاحنة منذ 11 اب/اغسطس عندما شن الجيش هجوما على الحوثيين الزيديين. وقد قتل 29 متمردا حوثيا خلال ال24 ساعة الاخيرة في المعارك بين الجيش والمتمردين بحسب وكالة الانباء اليمنية الرسمية سبأ.

وعبر ماهسيتس عن قلقه قائلا quot;ان النازحين والسكان الذين يعيشون في المنطقة (...) لا يزالون يواجهون وضعا انسانيا مريعاquot; مؤكدا ان النازحين ما زالوا يهربون من منطقة صعدة. وفيما تجاوز مخيم النازحين في المزرق (شمال غرب) طاقته الاستيعابية تسعى المفوضية العليا للاجئين حاليا لفتح مخيمات جديدة في منطقة عمران (شمال غرب).

وفي الانتظار خزنت المفوضية العليا للاجئين خيما وفرشا واغطية مخصصة لتلبية حاجات نحو الفي شخص بالقرب من الحدود السعودية. وكانت الامم المتحدة اطلقت مطلع ايلول/سبتمبر نداء عاجلا لجمع 23,5 مليون دولار (16,5 مليون يورو) من اجل مساعدة حوالى 150 الف نازح في شمال اليمن.

مخاوف يمنية من تنسيق للحوثيين والجنوبيين يزعزع الأمن
صنعاء: أعرب مصدر يمني مطلع اليوم الثلاثاء عن مخاوفه من أن يؤدي التنسيق بين المتمردين الحوثيين في شمال اليمن وأنصار quot;الحراك الجنوبيquot; في جنوبه الى زيادة زعزعة الاستقرار والأمن في عموم البلاد. وقال المصدر ليوناتيد برس انترناشونال quot;إن تصريحات زعيم المتمردين الحوثيين عبد الملك الحوثي ورئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض الأخيرة quot;تصب في إطار مزيد من زعزعة اليمن واستقرارهquot;.

وأكد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن مثل تلك المواقف quot;لن تقف أمام عزم الحكومة اليمنية إنهاء التمرد الحوثي واجتثاثه من جذروه، والوقوف بصرامة أمام أي أعمال تخريبية في جنوب البلاد يقوم بها الخارجون عن الدستور والقانونquot;.