وجّه الأردن تحذيرًا إلى إسرائيل بأنه لا سلام مع استمرار عمليات تهويد القدس وانتهاك مقدّساتها، وأن الولاية في القدس الشرقية هي ولاية هاشمية.


نصر المجالي: أكد الأردن، على لسان سفيره في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية الدكتور بشر الخصاونة، أن لا ولاية لإسرائيل عليها، لأنها مدينة محتلة، وأن أي إجراء إسرائيلي في هذا الخصوص هو إجراء باطل ومنعدم.

وعقد مجلس الجامعة العربية اجتماعًا طارئًا، الأربعاء، على مستوى المندوبين الدائمين اليوم لبحث التحرّك العربي المطلوب في مواجهة الهجمة الإسرائيلية على المسجد الأقصى والانتهاكات التي يرتكبها الإسرائيليون بحق المقدسات والشعب الفلسطيني.

وصوّت مجلس النواب الأردني، الأربعاء، بالغالبية، على مقترح لجنة فلسطين النيابية بطرد السفير الإسرائيلي في عمّان، احتجاجًا على قيام الكنيست الإسرائيلي quot;ببحث موضوع سحب الولاية الدينية الهاشمية عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطينquot;.

واستعرض الدكتور الخصاونة، في كلمته، المساعي والجهود التي يقوم بها الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، في الدفاع والذود عن القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ورفض الأردن الإجراءات الإسرائيلية، التي يمكن أن تمسّ بأي شكل بالقدس ومقدسّاتها وهويتها وتراثها.

محاولات إسرائيل
أعاد السفير الخصاونة إلى الأذهان في هذا الصدد مواقف الأردن واتصالاته التي يجريها من خلال وزارة الخارجية ووزارة الأوقاف والجهات المعنية مع مختلف المنظمات الدولية لصدّ أي محاولات إسرائيلية من شأنها تغيير الوضع القائم في باب المغاربة أيضًا أو تغيير هوية القدس.

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) عن الخصاونة تأكيده أن كل الإجراءات الإسرائيلية في القدس منعدمة الأثر وباطلة، استنادًا إلى الوضع القانوني لمدينة القدس، ووفقًا لقرارات الأمم المتحدة، بمختلف أجهزتها ووكالاتها، باعتبارها مدينة واقعة تحت الاحتلال، وستبقى كذلك إلى إعلانها عاصمة لدولة فلسطين.

وشدد على ضرورة أن تعلم إسرائيل أنه لا سلام مع هذه الإجراءات الرامية إلى تهويد القدس وانتهاك مقدساتها. كما أكد على أن الأردن يتصدى يوميًا لكل الاستفزازات الإسرائيلية، ويشكّل حائط صدّ، تتكسر عليه المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى استهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية وتهويد القدس.

لا ولاية لإسرائيل
في هذا الصدد أوضح الخصاونة أن الأردن نجح في مساعيه خلال الأسبوع الماضي وبالأمس في إفشال النقاش، الذي جرى في الكنيست حول الولاية على المقدسات، مؤكدًا أن لا ولاية للكنيست، ولا لأي من أعضائه، على القدس ومقدساتها، فهي ولاية هاشمية، مذكرًا في هذا الصدد بالاتفاق التاريخي، الذي تم توقيعه بين الملك عبدالله ابن الحسين والرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2013، لتأكيد هذه الولاية وتثبيتها.

وأشار في هذا الشأن إلى ما أكده وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جوده خلال مداخلته أمام مجلس النواب الأردني قبل أيام، على أنه لا عضو كنيست ولا ألف عضو كنيست يستطيع أن يغير الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

وأشار الخصاونة إلى أن الكنيست ليس له أية ولاية تشريعية ولا قانونية على القدس، لأن إسرائيل سلطة قائمة بالاحتلال، وأن كل الإجراءات الإسرائيلية منعدمة الأثر وباطلة، لأنها منصبّة على أرض محتلة. وشدد الخصاونة على أهمية اجتماع اليوم بوصفه يأتي في توقيت مهم، وأن ما ستليه من اجتماعات من شأنها أن توفر سبيلًا للتداول والتشاور إزاء اتخاذ إجراءات رادعة لهذه الانتهاكات الإسرائيلية، وأن هذا الاجتماع لا بد أن يؤسس لمثل هذه المقاربات، ويرسل رسالة قوية إلى إسرائيل إزاء إجراءاتها الباطلة.

العدوان الإسرائيلي
وتدارس مجلس الجامعة العربية في اجتماعه الطارئ خطورة تصاعد العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس وأهلها ومقدساتها، وفي مقدمها المسجد الأقصى المبارك. وأصدر بيانًا أكد فيه دور الأردن في رعاية وحماية وصيانة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مثلما أكد على القرارات الأخيرة، التي اتخذتها لجنة القدس، المنبثقة من منظمة التعاون الإسلامي، برعاية ملك المغرب بشـأن حماية القدس ودعم صمود المقدسيين.

ودان المجلس الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة والمتواصلة على المسجد الأقصى المبارك، وتصعيد المنظمات اليهودية المتطرفة دعواتها التحريضية والعنصرية إلى الاعتداء على المسجد الأقصى لاقتحامه جماعيًا لإثبات أن الهيكل المزعوم أصبح بأيديهم.

وجدّد في هذا الصدد التحذير من خطورة هذه الانتهاكات العنصرية المتطرفة والممنهجة، بحماية وتشجيع وحراسة من جيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تؤكد جميعها هدف إسرائيل إحكام السيطرة على المسجد الأقصى تمهيدًا لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم.

وحمّل المجلس إسرائيل المسؤولية الكاملة عن خطورة المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية والمسجد الأقصى المبارك، الذي هو جزء من عقيدة الأمة الإسلامية، تشدّ الرحال إليه، وإن أية تداعيات لذلك ستهدّد استقرار المنطقة، وستؤدي إلى العنف والكراهية وتنذر بصراع ديني.

وشدّد المجلس على أنه لن يكون هناك سلام دون قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وأن ما تقوم به إسرائيل هي محاولات لإفشال عملية السلام ونسف جهود المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية برعاية أميركية ونشر الفوضى في المنطقة.

وأكد المجلس أن تصاعد العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس (عاصمة دولة فلسطين) والاستمرار في الاستيطان وتهويد المدينة المقدسة والاعتداء على مقدساتها المسيحية والإسلامية وتزييف تاريخها لطمس إرثها الحضاري والإنساني والتاريخي والثقافي والتغيير الديموغرافي والجغرافي للمدينة... تعتبر كلها إجراءات باطلة ولاغية بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية واتفاقية جنيف واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية.

تحرّك دولي
ودعا المجلس المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وأعضاء اللجنة الرباعية ومنظمة اليونسكو، إلى تحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على المدينة ومقدسّاتها الإسلامية والمسيحية، وخاصة المسجد الأقصى المبارك، وحمايتها من التهديدات الإسرائيلية استنادًا إلى ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي واتفاقية جنيف.

وطالب المجلس الأمين العام لجامعة الدول العربية توجيه رسائل احتجاج عاجلة إلى الإدارة الأميركية وأمين عام الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية في هذا الشأن لشرح خطورة ما يتعرّض له المسجد الأقصى المبارك وضرورة إعمال القانون الدولي وإلزام إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) باحترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي واتفاقية جنيف ذات العلاقة، إذا أرادت السلام، وإذا أرادت أن تكون جزءًا من الأسرة الدولية، وضرورة وقف هذه الانتهاكات للمقدسات، والتأكيد على أن القدس الشرقية هي جزء لا يتجزأ من أراضي دولة فلسطين التي احتلت عام 1967.

كما قرر المجلس الطلب من منظمة التعاون الإسلامي التحرّك الفوري لحشد الرأي العام، ولشرح خطورة ما يتعرّض له المسجد الأقصى المبارك، ودعوة المجموعة العربية في الأمم المتحدة مع المجموعات الجغرافية إلى دراسة تقديم شكوى إلى مجلس الأمن.

في الختام، اعتبر المجلس أنه في حالة انعقاد دائم، وفي جلسة مستأنفة لمتابعة الموقف، لرفع تقرير إلى مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية 141 لأخذ التدابير اللازمة والتحرّك المناسب لخطورة الموقف.