يتوجّه وفد كردي إلى العاصمة العراقية بغداد للتفاوض مع الائتلاف الشيعي وبقية الكتل السياسية على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وسط تصريحات إعلامية متفاوتة تدعم وتعارض ترشيح رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي لولاية ثالثة.
عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تشهد العملية السياسية العراقية لعبة رفع سقف المطالب بين الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات العراقية. فخصوم رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي يصرّون خلال تصريحاتهم الإعلامية على عدم القبول بولاية ثالثة للمالكي، ويطالبون ببديل منه.
مغريات متبادلة
فيما يصرّ ائتلاف دولة القانون على أن المالكي هو مرشحه الوحيد لرئاسة الحكومة المقبلة. ويسعى في الوقت نفسه كل طرف إلى رمي فاكهة مغرية لأعضاء في فريق خصمه بهدف جذبهم إلى فريقه وتقويض الجبهة المقابلة.
ويرى مراقبون عراقيون أن فترة المطالب بين الكتل ستنتهي في الأيام القليلة المقبلة حين يلتقي وفود من كل طرف مع الآخر لطرح مطالبه والنظر في المكاسب التي سيحصل عليها من الخصم الذي سيدخل معه في تحالف سياسي مقبل. ضمن هذا الإطار أعلن التحالف الكردستاني عن تشكيل وفد تفاوضي سيتوجّه إلى العاصمة بغداد في الأسبوع المقبل لغرض التفاوض على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
فقد كشف النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان أن "الوفد يضم ثمانية شخصيات ستحمل مجموعة من النقاط إلى أقطاب التحالف الوطني"، مؤكدًا أن "أهم تلك النقاط هي معالجة المادة 140، وقانون النفط والغاز والخلافات الحاصلة بين المركز الإقليم& ورواتب قوات البيشمركة والالتزام بالشراكة والدستور، إضافة إلى التباحث حول تشكيل الحكومة المقبلة".
أضاف عثمان في تصريح صحافي أنه "يجب أن تبدأ الحوارات الرسمية بين الأطراف السياسية الفائزة لغرض تشكيل الحكومة المقبلة في أسرع وقت ممكن".
الوطني الشيعي يبحث عن مأسسة
وأوضح عثمان أن "الوفد سيجري اتصالات مع الأطراف السياسية الأخرى للتباحث حول تشكيل الحكومة المقبلة". ويسعى التحالف الوطني (الشيعي) إلى مأسسة كيانه من خلال ضوابط يجري الاتفاق عليها بين جميع كتله. ويضم التحالف الوطني ائتلاف "دولة القانون" بزعامة المالكي و"المواطن" بزعامة عمّار الحكيم و"الأحرار" القريبة من مقتدى الصدر إلى& حزب الفضيلة والمستقلين، ويبلغ مجموع مقاعد هذا التحالف في البرلمان نحو 170 مقعدًا.
ويعارض "المواطن" و"الأحرار" ولاية ثالثة للمالكي، ويطالبان باستبداله من خلال التصويت داخل التحالف أو تقديم مرشح من دولة القانون أو حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه نوري المالكي.
عضو التحالف الوطني والنائب عن كتلة "الأحرار" حاكم الزاملي طالب ائتلاف دولة القانون بتقديم مرشح عنه بديل من المالكي من أجل الذهاب به إلى البرلمان والتصويت عليه. لكن حقيقة الوضع داخل التحالف الشيعي وداخل دولة القانون تحديدًا لا تسير بهذه السهولة التي تظهرها تصريحات الساسة.
فالمالكي يمسك بالقوة العسكرية والأمنية في البلاد، وقد منحه ذلك هيبة وقوة وشعبية بين جماهير الشيعة في العراق، ولا يريد التفريط بها بسهولة، وتوقف خلف فوزه بفارق كبير في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الثلاثين من شهر نيسان (إبريل) الماضي.
المالكي متمسكًا أو مساومًا
ويرى مراقبون عراقيون أن المالكي سيتمسك بالولاية الثالثة متسلحًا بعدد المقاعد التي لدى ائتلافه في مجلس النواب (93)، إضافة إلى الكتل المتحالفة معه، ويصل عددها إلى نحو 130 مقعدًا، ولن يتنازل عن هذه الولاية، إلا إذا عجز عن تشكيل حكومة بغالبية بسيطة 165 مقعدًا، حينها سيعمد إلى المساومة على الحقائب الأمنية والعسكرية لتبقى بيده.
ويرى هؤلاء المراقبون أن المالكي قد يعمد إلى المماطلة مع خصومه من أجل كسب الوقت وتفكيك الكتل المناهضة لولايته الثالثة من خلال إغراءات الحقائب الوزارية، وهذا هو المرجّح، حيث يكرر مقربون من المالكي أن أعضاء في الكتل المنافسة بدأوا اتصالات بدولة القانون لبحث المكاسب التي يمكن الخروج بها إذا ما دعموا المالكي.
لكن موقف التحالف الكردستاني صعّب الأمر على المالكي بإعلانه في الأسبوع الماضي استحالة الموافقة على الولاية الثالثة للمالكي التي لو تمت فسينفصل الإقليم عن العراق.
غير أن ساسة عراقيين يرون في هذه التصريحات رفعًا لسقف المطالب الكردية كفرصة للحصول على ما لم يحصلوا عليه طوال السنوات الأربع الماضية، بسبب الخلافات المتكررة مع الحكومة المركزية على الحقول النفطية والميزانية المناطق المتنازع عليها. ويستهشد هؤلاء الساسة بمواقف كردية سابقة ضد المالكي، سرعان ما تغيرت بعدما قدم المالكي تنازلات للكرد، خاصة في الجانب المالي المتعلق بالميزانية.
أحد مرشحي كتلة المواطن لرئاسة الوزراء عادل عبد المهدي أدلى بتصريح لافت، نفى فيه قيامه بتشكيل جبهة مناهضة لرئيس الوزراء نوري المالكي، ومنعه من الوصول إلى الولاية الثالثة.
عبدالمهدي ينفي
وقال المكتب الإعلامي لعبد المهدي في بيان له ليلة أمس "نشرت وكالة السومرية نيوز خبرًا عن النائب حميد بافي عن التحالف الكردستاني مفاده أن اجتماعًا عقد في أربيل، مساء أمس [الثلاثاء 20 من الشهر الجاري] ضم رئيس الإقليم مسعود البارزاني ورئيس ائتلاف الوطنية أياد علاوي والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي عادل عبد المهدي لتشكيل جبهة مناهضة لرئيس الوزراء نوري المالكي ومنعه من الوصول إلى الولاية الثالثة".. وهذا الخبر عار من الصحة جملة وتفصيلًا، وينفي السيد عبد المهدي حصول مثل هذا اللقاء في أربيل أو غير أربيل".
وأضاف إن "عبد المهدي زار كردستان في 12 أيار (مايو) وعاد منها يوم الخميس 15 أيار، والتقى خلال الزيارة قادة القوى السياسية الكردستانية والقوائم الفائزة، وهم على التوالي، مع حفظ الألقاب، الشيخ علي بابير والشيخ محمد فرج ورئيس حكومة الإقليم نيجرفان برزاني ورئيس الإقليم مسعود برزاني والنائب الثاني للاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح وعقيلة رئيس الجمهورية هيرو خان والنائب الأول للاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول والأمين العام لحركة التغيير الكردية نوشيروان مصطفى.. وتمت في اللقاءات تهنئة القادة على نتائج الانتخابات وإطلاعهم على تصورات المجلس الأعلى للمرحلة المقبلة، وتأكيد صداقته وتعاونه مع جميع القوى التي يمثلونها، واستمع منهم على تصوراتهم".
لغة توافقية
هذه اللغة التصالحية من كتلة المواطن ومن أحد قيادييها تدل على التهدئة مع المالكي من أجل إنجاح مأسسة التحالف الشيعي وإقناع المالكي بتقديم بديل منه، من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة مع اقتراب انتهاء ولاية المالكي ومجلس النواب في الخامس عشر من شهر حزيران (يونيو) المقبل، ومن أجل الفوز بمنصب نائب رئيس الوزراء مع حقائب وزارية مهمة.
الكل ينتظر خطوة خصمه ليرسم خطوته المقبلة، والكل يسعى إلى حصته من الغلة الوزارية. يذكر أن حصيلة الانتخابات العراقية التي جرت في نهاية شهر نيسان (إبريل) الماضي كشفت عن فوز ائتلاف دولة القانون بالنسبة الأعلى (92 مقعدًا)، فيما انتزعت كتلة الأحرار وتيار النخب والشراكة (صدريون) 34 مقعدًا، والمواطن 29، ومتحدون 23، والوطنية 21، والأحزاب الكردية مجتمعة 62 معقدًا، وائتلاف العربية عشر مقاعد، إضافة إلى كتل وشخصيات حصلت على ست مقاعد أو أقل متفرقة. ويبلغ عدد مقاعد مجلس النواب العراقي 328 مقعدًا، ترشح الكتلة البرلمانية الأكثر عددًا مرشحها ليشكل الحكومة.
&
التعليقات