طارق عمارة من تونس: يحاول حمزة الصعود فوق الجانب الايمن لمقعده المتحرك حتى يجد له موقعا مناسبا للجلوس ثم يبدأ في ممارسة مهنة الزخرفة على النحاس التي يعشقها.

الطريقة التي يجلس بها هذا الفتى المعاق تبدو شاقة للغاية لكن حمزة يقول إنها لا تتعبه خصوصا حين يكون بصدد ممارسة هوايته في النقش على النحاس أحد أكثر الحرف التي تتطلب دقة وتركيزا.

وبينما انكب هذا الفتى على ممارسة مهنته كان عدد آخر من المعاقين بصدد استعراض مهاراتهم في حرف شتى في زوايا معرض لمنتجات المعاقين أقيم بالعاصمة تونس.

خصص المعرض الذي تشارك فيه مؤسسات عامة وجمعيات ناشطة في مجال رعاية وتأهيل المعاقين للتعريف ببرامج النهوض بأصحاب الاحتياجات الخاصة ودمجهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتقديم عينات من منتجاتهم للمساعدة على ترويجها.

تضمن المعرض الذي تقيمه وزارة الشؤون الاجتماعية في تونس كل عام أجنحة وورشات عمل مجسمة لابداعات المعاقين في مجال الصناعات التقليدية وتصميم الأزياء والفسيفساء.

وتشير احصائيات للمعهد التونسي للاحصاء الى إن عدد المعاقين في تونس يقارب 151 الفا من مجموع عشرة ملايين من السكان.

في جناح لعرض المنتجات تجلس الكفيفة أم السعد حمدي وهي تطرز بكل تأن قبعة شمسية مستعينة في ذلك باحساسها المرهف.

تقول أم السعد التي تبدو منتشية لرويترز quot;ليس هناك عمل صعب المهم إن نحب ما نفعل وأنا لا أجد صعوبة في اتقان مهنتي لاني أحس كثيرا بما أنا بصدد فعله حتى إن غاب البصرquot;.

طموح أم السعد لا يتوقف عند مجرد التسلية واضاعة الوقت بل أنها تسعى بكل ثقة الى توسيع مشروعها لتشغل فيه معاقين كي تتمكن من أن تحمي نفسها من غدر الدنيا وتساعد عائلتها على حد تعبيرها.

وتضيف quot;لو تسند الي مساعدة بألفي دينار فقط سأوسع ورشتي وسنعرف الناس بمنتجاتنا وسنقول إن المعاق في تونس يمكنه ان يفعل الشيء الكثيرquot;.

وتحقق أم السعد التي لم يتجاوز عمرها 33 عاما ربحا كافيا من صناعة الاوقية الشمسية والقفة التقليدية.

وتقول انها انتجت 400 قفة تقليدية في وقت لم يتجاوز ثلاثة أشهر باعتها كلها لسائحة فرنسية.

وتولي الحكومة التونسية عناية خاصة للمعاقين. وتوفر عشرات الجمعيات المنتشرة في البلاد خدمات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة.

كما تسند كل عام جائزة رئيس الجمهورية لجهود ادماج الاشخاص المعاقين.

وفي المعرض أيضا اجنحة للجلود والفسيفساء والخزف صممت كلها بايدي اشخاص لديهم اعاقات مختلفة. كما يتوفر في المعرض فضاء لطرح فرص العمل الممكنة على المعاقين.

في الطرف الآخر من المعرض تشرف مفيدة بونوح وهي شابة قصيرة جدا يداها مبتورتان على ورشة للتطريز اليدوي.

الامر كان أشبه بالخيال.. مفيدة بالرغم من يديها المبتورتين تتفنن في التطريز على الحرير وتنقش على البلور ايضا وهي تلصق يديها المبتورتين الى بعضهما البعض.

تقول مفيدة لرويترز بكل فخر quot;الابداع ليس حكرا على الاسوياء والمعاق باستطاعته انجاز ما لا يستطيع شخص عادي انجازهquot;.