شمال رمضان منأربيل: لم يبد سكان إقليم كردستان العراق اهتماما بانتخابات الرئاسة الأمريكية إلا في العقود الأخيرة في وقت يلقى هذا الحدث اهتماما في دول عديدة من العالم ومنذ سنوات بعيدة. ومبعث الاهتمام الكردي هو تطورات الوضع في العراق في ظل سياسة مرشحي الحزبين الرئيسين بالولايات المتحدة الأمريكية الجمهوري والديمقراطي في العقدين الأخيرين.

وتعود بداية اهتمام الكرد برؤساء الولايات المتحدة إلى العام 1991، عندما قاد بوش الأب بلاده في حرب إخراج قوات صدام حسين من الكويت في حرب الخليج الثانية، وهو ما شجع الكرد على التمرد على بغداد وسيطرة الأحزاب السياسية المعارضة على منطقة كردستان.

وأكسبت تلك التطورات وللمرة الأولى رئيس الولايات المتحدة شعبية ساحقة بين الكرد، حتى أن الكثير منهم صاروا يسمونه quot;حجي بوشquot; لإسهامه برأيهم في أضعاف حكم صدام حسين وهو الذي طالما اعتبره الكرد أكبر أعداءهم.

وجاءت الحرب الأخيرة في 2003 التي أطاحت بحكومة صدام، لتمنح الرئيس الأمريكي الحالي بوش الابن، شعبية كبيرة لدى الكرد لا تزال تؤثر في الناس إلى حد كبير.

ويعتقد سيروان شاكر، 40 سنة، وهو مدرس بمعهد الفنون الجميلة، أن quot;الحزب الجمهوري أفضل من الحزب الديمقراطي، كونه أكثر اهتماما بقضايا الشعوبquot;.

ويضيف شاكر في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أنه quot;يفضل أن يفوز مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة جون مكينquot;، موضحا quot;لن أنسى أن الرئيس بوش من الحزب الجمهوري وهو الذي أطاح بحكم صدام حسين وعددا آخر من الأنظمة المستبدة مثل طالبان في افغانستان، ويحاصر أنظمة أخرى مثل إيران والسودان، وإذا استمر الحزب الجمهوري بالحكم فهو سيكمل ما بدأه من سياسة، أما الديمقراطيون فربما يتخلون عن مثل تلك الملفاتquot;.

أما رجل الدين فتاح عبدالله محمد، 59 سنة، فيرى أن quot;الجمهوريين أفضل لقيادة بلادهم في المرحلة الحالية، بسبب وجود عدد من الملفات الخارجية المفتوحة التي تحتاج إلى حسمquot;..

ويضيف في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أنه quot;في هذه المرحلة أؤيد حزب الرئيس بوش، وباعتقادي سيكون الأفضل لنا ككرد وللعراقquot;.

وفي الوسط السياسي الكردي، ورغم صعوبة الإعلان عن موقف داعم لمرشح دون آخر، يرى رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان فلاح مصطفى أن quot;المرشح الجمهوري أكثر اهتماما بالقضية العراقية، بدليل زياراته ولقاءاته مع العراقيين أكثر من مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباماquot;.

ويضيف مصطفى في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;الانتخابات المقبلة مختلفة عن سابقاتها بالنسبة لنا، لأن الوضع الآن في العراق مفتوح على احتمالات عدة وسيتأثر بالطبع بسياسة الرئيس الجديدquot;.

ويواصل quot;نحن مع مصالح أمريكا، وسنؤيد الرئيس الذي يختاره الأمريكيون، لكن ما يهمنا بشكل كبير السياسة الخارجية وتحديدا الملف العراقيquot;.

وأشار رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحكومة إقليم كردستان إلى أن quot;ما يهم الكرد في العراق بدرجة كبيرة هو إدامة وتقوية العلاقات التي بنوها خلال السنوات الماضية مع الإدارة الأمريكية الحالية وبشكل يحفظ مصالح إقليم كردستانquot;.

ويبدو أن إعلان مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما في أكثر من مناسبة عن نيته سحب قوات بلاده من العراق في حال فوزه بالرئاسة، أمر مقلق بالنسبة للكرد، وفي هذا الخصوص يشير الوزير الكردي إلى انه يعتقد أن quot;على الولايات المتحدة أن تؤهل القوات العراقية إلى المستوى الذي يمكنها من حفظ الأمن في البلاد ومن ثم البدء بالإعلان عن خطط وجداول للانسحاب العسكري من العراقquot;.

ويعتقد السياسي الإسلامي قادر سعيد أن quot;فوز الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية المقبلة يمكن أن يعيد بعض الأمن والهدوء للعالمquot;..

ويضيف في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أنه quot;يفضل الحزب الديمقراطي على الجمهوريquot;، لاعتقاده بأن quot;وجود الجمهوريين في الحكم يزيد من التوترات والمشاكل في مناطق العالم المختلفة، بينما الديمقراطيون أهدأ في سياستهم الخارجيةquot;، ويتابع إن quot;فوز اوباما في الانتخابات سيفيد مسألة السلام في العالم، وحتى القضية العراقيةquot;.

ويوضح سعيد quot;أفضل لو فاز الحزب الديمقراطي لأن إدارته ستسرع في تدريب الجنود والموظفين العراقيين على إدارة البلاد وتسلم الأمن وستبدأ بسحب جنودها من العراقquot;.

أما الصحفي عمر فرهادي، 70 سنة، فيقول إنه quot;يحب التغيير ولذلك يفضل أن يأتي رئيس من الحزب الديمقراطي، بعد أن بقي الحزب الجمهوري دورتين في الحكمquot;.

ويضيف في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما أكثر حيوية وشبابا من مرشح الجمهوريين مكين، وهو أول مرشح من أصول افريقية، ويهمني أن أرى جانبا مهما من أحداث العالم في ظل سياساتهquot;.

من جتهة يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صلاح الدين في اربيل، خالد سعيد توفيق إن quot;الحزبين الجمهوري والديمقراطي يتقاسمان تنفيذ الإستراتيجية العليا الأمريكية، وإن الاختلاف في سياسة الحزبين هي في تحديد الأولويات وتحديدا في موضوعي السياسة الداخلية والخارجية، حيث يولي الديمقراطيون اهتماما اكبر للسياسة الداخلية والجمهوريون للسياسة الخارجيةquot;.

ويضيف توفيق في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;التعامل مع موضوع العراق سيكون مختلفا بين الحزبين ولكن الاختلاف لن يكون جوهريا أو جذريا، إذ لن يستطيع الحزب الديمقراطي أن يسحب القوات من العراق فورا وينهي الحرب كما يتصور البعضquot;، مؤكدا quot;ستكون هناك سياسة تأخذ المصالح العليا الأمريكية بنظر الاعتبارquot;.

ويبين توفيق أن quot;ما يشغل باله حاليا هو حجم الضرر الذي يمكن أن يلحق بمصالح السكان في إقليم كردستان في ظل الإدارة الجديدةquot;، موضحا quot;لأن الكرد أقرب الأطراف العراقية إلى أمريكا، وعليهم أن يستعدوا لخسارة جزء من مصالحهم على يد الإدارة الجديدة وهي في طريقها لتحقيق مكاسب لأمريكا في العراقquot;.

ويتابع توفيق quot;وهنا ستكون التضحية بمصالح الأطراف الضعيفة والحليفة لهم والكرد هم من يمثل تلك الاطراف