تطلب كاندي ريغاديو، المتطوعة بمركز الإجلاء، من الصف الطويل من الجياع والمرهقين الناجين من الفيضان أن يتحلوا بالصبر وهي توزع عليهم ما تبقى من مواد الإغاثة المتضائلة بعد مرور أربعة أيام على الإعصار الذي غمر مانيلا وضواحيها تاركاً أكثر من نصف مليون نازح وحوالي مليوني متضرر.


مانيلا:تقول بعد أن صاحت بعجوز كان يحاول الحصول على الطعام والماء قبل غيره: quot;علينا أن ننظم أنفسنا في هذه الأزمةquot;. وفي أثناء ذلك كان المتطوعون الآخرون يمسكون بأيدي بعضهم البعض في محاولة لمنع المصطفين الذين نفذ صبرهم من التحرك بعد أن بدأ العديد من الرجال بالتدافع والصياح. وتكاد في الوقت نفسه سيدة حامل حافية القدمين أن تسقط فاقدة الوعي لولا مساعدة سيدتين كبيرتين في السن وعندها يُسمَع هدير طائرة مروحية في الجوار منبئاً باحتمال إسقاط مساعدات غذائية جواً.

ويتكرر المشهد نفسه في المئات من مراكز الإيواء الأخرى في العاصمة التي لجأ إليها الناجون من عاصفة كيتسانا الاستوائية التي أغرقت العاصمة في أعلى نسبة أمطار سقطت عليها منذ أربعة عقود.

ووفقاً للمجلس القومي لتنسيق الاستجابة للكوارث، لقي 240 شخصاً على الأقل مصرعهم ونزح أكثر من نصف مليون شخص حتى 29 سبتمبر بسبب العاصفة التي ضربت جزيرة لوزون في الشمال قبل أيام. وقد أدت الفيضانات إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية الصحية للبلاد وأربكت قدرة الحكومة على الاستجابة وأجبرت إدارة الرئيسة غلوريا أرويو على طلب المساعدة الدولية في 28 سبتمبر.

احتياجات مهولة

وقد أصبح البقاء بالنسبة لمئات الآلاف من النازحين الفلبينيين يشكل الآن معركة يومية في مراكز الإيواء المؤقتة. فليس هناك ما يكفي من الماء والطعام، كما تشكل المحافظة على المعايير الأساسية للنظافة تحدياً آخر في ظل انحسار مياه الفيضانات عن أكوام من النفايات والحطام في كل مكان.


وبالنسبة لرايان ليفا، البالغ من العمر 25 عاماً، فإن هذا يعني المزيد من المعاناة بالنسبة لأطفاله الذين اقتصر طعامهم على البسكويت والمعكرونة طيلة الأيام الماضية. وكان رايان قد تعرض فيما مضى لحادثة تركته أعرجاً مما اضطر زوجته للوقوف في صفوف المنتظرين لساعات طويلة بغية الحصول على كيس من مواد الإغاثة الهزيلة. ولكن الحظ لم يكن حليفهم اليوم. فقد نفذت المساعدات حتى قبل أن تصل إلى نصف المحتاجين المصطفين على طول 200 متر.

ويعلق ليفا وهو يشير إلى ملعب كرة السلة المزدحم في قرية كاينتا شرق مانيلا حيث لا يزال جزء كبير من الأراضي المنخفضة مغموراً بالمياه والطين: quot;كانت ثلاثة أيام عصيبة. وبعد أن حالفنا الحظ ونجينا من الفيضان وجدنا أنفسنا نعاني هناquot;.

وينام الناجون على الأرض الإسمنتية الباردة مفترشين الكرتون ويجري من حولهم أطفال في درجات مختلفة من العري، وتجاورهم حيواناتهم الأليفة من كلاب وخنازير مربوطة بأوتاد. كما تشكل النظافة مشكلة أخرى في ظل انقطاع المياه وتقاسم 3،000 شخص لحمام واحد.

مشاكل النظافة

ويتذكر ليفا ساعة حصول الفيضان قائلاً: quot;حصل الفيضان باكراً يوم السبت. غمرت المياه بيتي الواقع على ضفة النهر. نحن فقراء في الأصل وأتى الفيضان على القليل الذي كنا نملكه. ولكن المطالبة بالحصص الغذائية أسوأ من التسول في الطرقات. علينا تحمل هذه الحالة من انعدام الكرامة حتى تجف المياه ونستطيع استعادة بيوتناquot;.


ولا يزال العديد من الأطفال يشعرون بالصدمة ويبكون كلما عادت السماء لتمطر من جديد. وقالت فيستا ماكاتنغاي، مديرة مدرسة كابيسيغ الابتدائية في كاينتا التي تأوي أكثر من 2،000 نازح: quot;المشكلة الأكثر إلحاحاً بالنسبة لنا الآن هي النظافة. فأصعب ما يمكن تعليمه للناس هنا الآن هو النظافةquot;، مشيرة إلى أنه عندما بدأ النازحون في التوافد على المركز يوم السبت كانوا يتركون النفايات بما فيها حفاظات الأطفال والأطعمة القديمة تتعفن في ساحة المدرسة. وأضافت: quot;في البداية لم نهتم كثيراً للأمر ولكن بعد ذلك بدأنا بفرض قوانين صارمة تلزمهم بالحفاظ على النظافة تحت طائلة الطرد في حال المخالفة.... عليهم أن يتحلوا بالمسؤولية إذا كانوا يرغبون في البقاء هنا لمدة أطولquot;.

وأوضحت أن المدرسة قد تظل مقفلة على مدى الأسابيع القليلة الماضية إلى أن يعود النازحون إلى ديارهم المتضررة لمحاولة ترميمها أو إعادة بنائها من جديد. وختمت قولها وهي تشير إلى أم تحمِّم طفلها في مياه بنية جلبتها من بركة راكدة في الجوار: quot;نحتاج للأدوية. فالعديد من الأطفال يعانون من السعال والبرد وارتفاع الحرارة... لا نعلم إلى متى يمكننا إبقاء هذه المدرسة كملجأ مؤقتquot;.