أمال الهلالي من القيروان: تعيش مدينة القيروان 160 كم جنوب العاصمة على وقع الاحتفالات بتظاهرة quot;القيروان عاصمة للثقافة الإسلاميةquot;في 2009 وقد انطلقت الاحتفالات الرسمية يوم 10 مارس لتتواصل على مدار سنة كاملة وكانت ضربة البداية بعرض فرجوي احتضنته الساحة الخلفية لمسجد عقبة بن نافع تحت عنوانquot;القيروان الخالدةquot; للموسيقي مراد الصقلي والكاتب علي اللواتي والمخرج الياس بكار وهي ملحمة تاريخية تتألف من سة لوحات فنية تروي بأسلوب مشهدي وبتقنيات ضوئية وسمعية بصرية متطورة تاريخ هذه المدينة الإسلامية كمركز ديني روحي وأدبي وعلمي وفني فضلا عن إبراز فقهاءها وعلماءها ومبدعيها.إيلاف قامت بجولة في هذه المدينة وكانت لنا وقفات في بعض المحطات التي تحتل مكانة روحية كبيرة في نفوسquot;القراوةquot;.

بركات سيدي الصحبي وتضرع النساء...
لم تخفي مريم فرحتها بعد ختان ابنها علي في مقام quot;سيدي الصحبيquot; وهاهي تعود بعد أسابيع للتبرك والتقرب لضريحه وتدعو لها و لولدها بدوام الصحة والعافية شأنها شأن نساء كثيرات أرامل ومطلقات ومتزوجات يتقربن ويتضرعن لضريح هذا الصحابي الجليل أبي زمعة البلوي والذي فاقت شهرته حدود تونس.
سيدي الصحبي الذي يتمتع بمكانة دينية كبيرة في نفوس quot;القراوةquot; سكان البلاد الأصليين يقصده آلاف الزوار من مسافات طويلة لاسيما في المناسبات الدينية وقد دفن جثمانه في موضع القيروان قبل تأسيسها ويذكر أن هذا الصّحابي الجليل يحمل معه شعيرات من الرّسول صلى الله عليه وسلّم ويعتبر أبو زمعة البلوي الشخصيّة المقدّسة الأكثر زيارة من قبل كل التونسيين وفي مقامة تعقد الزيجات ويختن الصّبية وإليه تهدى أوّل زربية تنسجها الفتاة القيروانيّة.


بروطة: زمزم القيروان
محطتنا الثانية من خلال الجولة التي قمنا بها في مدينة القيروان قادتنا quot;لبئر بروطةquot;حيث دعانا أحد القائمين على هذا البئر إلى شرب حفنات من ماءه والذي تقول الأساطير الشعبية أن quot;من شرب من ماءه عاد إلى القيروان باءذن اللهquot; كما كتبت على أحد جدران المدخل عبارةquot; لكل مدينة زمزمها وزمزم القيروان هو ماء بروطةquot;.ويعتقد سكان المدينة العتيقة بالقيروان أن ماء هذا البئر قادمة بعد رحلة طويلة من الأراضي المقدسة بالجزيرة العربية وبأن ماءه قادر على علاج كل أنواع الأمراض المستعصية. والمثير في هذا البئر هو ذاك الجمل المعصوب العينين الذي يقوم بحركة دوران مستمرة بهدف استجلاب الماء من قعر البئر وقد قيل لنا من أحد الشيوخ أن موقع البئر كمارواه له أجداده يعود لكلب من فصيلة quot;سلوقيquot; تخلف عن قافلته وقادته عملية نبش التربة إلى انبثاق عين ماء صافية في مكان يعتبرونه في ذلك الوقت صحراء مقفرة ليتم اثر ذلك حفر البئر التي سميت باسم الكلب quot;بروطةquot;. لكن الوقائع التاريخية المدونة تقول غير ذلك وتنسب إحداث هذه البئر لهرثمة بن أعين لما كان واليا على إفريقية سنة 180هـ/796م. ليتولى من بعده الباي محمد بن مراد إعادة بناء المعلم بصورة جذرية عند إقامته بالقيروان سنة 1101هـ/1690م.

الكاملة... وسيدي الصحبي
عرجنا في إطار جولتنا في مدينة القيروان لمتحف الزربية هذا المعلم التاريخي الشهير والذي يحتوي كما أكد لنا أحد المسؤولين عن المتحف على منسوجات تعود للقرن الثامن عشر وعلى أول زربية قيروانية في التاريخ quot;الكاملةquot; وتعود لصانعتها الكاملة بنت محمد الشاوش أصيلة القيروان وقامت بنسجها سنة 1828 لتنتهي منها سنة 1830 ثم أهدتها للصحابي أبي زمعة البلوي وتتميزهذه الزربية بأشكالها وزخرفتها المستوحاة من التراث الإسلامي والمخيال الشعبي على غرار جناح الخطاف وعود المشموم والفانوس وخمسةquot; للا فاطمةquot; كذلك زربية quot;القطيفquot;وتعود للقرن 18 وهي زربية بدوية تعتمد كغطاء وسجاد في نفس الوقت وتتميز بألوانها الفاقعة وزخرفتها وكانت في تلك الفترة تنسج من قبل الرجال نظرا لما تتطلبه من مجهودات بدنية مضاعفة لحياكتها وتستمد موادها الأولية من وبر الجمال وصوف الخرفان وشعر الماعز.


محدثي أكد أنه من عادات فتيات القيروان أن تقوم بإهداء أول زربية تنسجها بنفسها إلى مسجد أو ضريح صحابي جليل وولي صالح.
مقروض quot;العمرانيquot;

نهاية المطاف والرحلة قادتناquot;للعمرانيquot; أحد أشهر تجار المقروض القيرواني الأصيل والذي فاقت شهرته حدود القيروان حيث يأتيه حرفاءه خصيصا من ليبيا والجزائر ومن كامل محافظات تونس وقد أكد لنا أحد أبناءه أن صناعة المقروض ورثوها أبا عن جد.والمقروض هو عبارة على نوع من الحلويات المصنوعة من السميد والمحشوة بالتمر والمغموسة في العسل وهي شبيهة بquot;المعمولquot;عند الخليجيين.

الصور خاصة بايلاف بعدسة أمال الهلالي
[email protected]