مخاتير غزة بأجندة جديدة لدعم قضايا النساء
ميرفت أبو جامع من غزة:سيستبدل الحاج أبو حاتم شعبان مختار بيت لاهيا شمال غزة الأجندة الموروثة التي كان يحكم بها في القضاء العشائري طيلة سنوات عمره ال 70 عاما بمصطلحات جديدة تحاكي العصر وأكثر منصفة للنساء يقول:quot; هناك مفاهيم جديدة أدرجتها في أجندتي، النساء شقائق الرجال، ولهن حقوق كثيرة كنا نغفلها في قضائناquot;،
وقال أبو حاتم الذي أصبح مختارا بالوراثة:quot; أنهم كانوا يظلمون النساء بغير قصد، بل ينحازون لصالح الأسرة والزوج، مقابل تنازل المرأة عن حقوقهاquot;،وأضاف في حديث لإيلاف:quot; كنا نعالج قضايا النساء بعفوية و نعتبر النساء مجرد كائن ضعيف ونضع دوما الحق عليها quot;.
أبو حاتم الذي التحق بدورة تدريبية بهدف التدخل للحد من العنف ضد المرأة ونحو 25 مختار من مخاتير غزة ورجال الإصلاح، أصبح اليوم أكثر قناعة بجدوى أن تشتكي النساء الرجال بالمحاكم، إن تعرضن للعنف وان تأخذ المرأة حقوقها كاملة بسلطة القانون، بدلا من التطييب الذي بالغالب لا ينصف النساء، بما فيها الحق في التعليم واختيار الزوج والحق في الميراث،quot;.....quot;.
سلطة القضاء العشائري
ولطالما عانت النساء في فلسطين عامة وفي قطاع غزة خاصة من القضاء العشائري لما يتمتع من سلطة اكبر من قوة القضاء المدني الفلسطيني، وهو ذكوري بالطبع ولا يراعي حقوق النساء بل ساهم في تغييبها وإلحاق الظلم والضرر بها.
ورغم التطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمجتمع الفلسطيني، إلا أن ذلك لم يلغ اللجوء إلى القضاء العشائري، ليس في قضايا النساء فحسب، بل في مختلف القضايا، خاصة ما يتعلق الأمر بجرائم الشرف والثأر والقتل، ومؤخرا في قضايا النزاع الفصائلي والعائلي.
وأشار استطلاع للرأي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤخرا، بأن 39.9 % من الفلسطينيين يروا أنهم سيتوجهون للقضاء العشائري في حال تعرضوا لنزاع، مقابل 42.0 % من الأفراد سيتوجهون إلى المحاكم الفلسطينية، فيما 18.1% سيتوجهون إلى جهات أخرى، ويفسر الكثيرون ذلك إلى أن وجود الاحتلال الإسرائيلي ساعد في الاحتكام للقضاء العشائري أكثر من القضاء الشرعي، رغم وجود المحاكم الشرعية والمدنية اليوم، فضلا عن وجود مظاهر الفوضى والفلتان الأمني وضعف هيبة القانون ومؤسساته والسلطة التنفيذية، مما جعل هؤلاء يعودون إلى العرف المتمثل في القضاء العشائري لحل نزاعاتهم والصلح بينهم.
عنف مزدوج
وتعاني الفلسطينيات في قطاع غزة من عنف مزدوج مرة بسياط الاحتلال والحصار وأخرى بالعنف المجتمعي، وخلال الاجتياحات الإسرائيلية لقطاع غزة قد قتلت من يناير إلى فبراير العام 2008 ومن نحو 19 امرأة، وفي الحرب على غزة قتلت نحو 108 امرأة فيما تسبب الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ عام 2007، في وفاة أكثر من 15 إمرأة جراء منعهن من السفر للعلاج بالخارج. ولا تزال 97 أسيرة فلسطينية تقبع في السجون الإسرائيلية منهن 4 نساء من قطاع غزة، وعلى صعيد الوضع الداخلي الفلسطيني فإن 39 إمرأة قتلن في أحداث الاقتتال الداخلي والفلتان الأمني خلال العام 2006و2007.
وتعرضت نحو 62% من النساء للعنف في فلسطين خلال العام 2006 ونحو 49.7% من النساء تعرضن للعنف النفسي في غزة في العام نفسه.
ومنذ بداية العام الحالي 2009 فإن ثلاث نساء في سن الشباب قتلن على خلفية الشرف فيما قتلت 3 سيدات في العام الماضي على ذات الخلفية.
ويقول أبو حاتم:quot; هناك نسبة عالية من العنف ضد المرأة في المجتمعquot;، موضحا أن أكثر المشاكل التي تصادفه في عمله حول قضايا الزواج والطلاق وقال:quot; لازال المجتمع تحكمه عادات وتقاليد بحاجة إلى تغيير، و تتعارض مع حرية النساء ودورهن في المجتمع، ولفت إلى ضرورة توجيه الأجيال وتربيتهم تربية سليمة لا سيما وتضمين المناهج الفلسطينية بمواضيع الصحة الإنجابية والتربية الجنسية.
أما الحاج أبو موسى قدوم quot; 62 عامquot; مختار الشجاعية في غزة، فيرى أن أجندته أصبحت أكثر رقيا ووعيا،بل أصبح يتحدث في اجتماعاته بديوان العائلات عن حقوق النساء وأهمية أن يحافظ عليها وتحترم كينونتهاquot;.
وأشار قدوم أن المجتمع يعنف المرأة، فكل ما يتعرض له الرجل في المجتمع فانه يفرغ ذلك في المرأة، كونها الحلقة الأضعف في البيت. ويلفت أن أكثر قضايا الطلاق تكون في المجتمع الفلسطيني بسبب عدم وعي الزوجين، وتدخل أطراف من أسرة كليهما في الحياة الزوجية.
ويؤكد انه أصبح أكثر وعيا في كثير من القضايا، لا سيما قضايا الميراث والقتل على خلفية الشرف فلم يعد القتل هو الحل الأنجع لمثل تلك القضايا، ويتسأل لماذا تعاقب المرأة وتقتل بينما الجاني الرجل يبقى حيا؟
ويضيف:quot; على المجتمع أن يحترم المرأة كإنسان لها احترامها وتقديرها وقد حثنا الإسلام في تعاليمه على ذلك وقال:quot; استوصوا بالنساء خيراquot;.
من جهته يوضح عبد المنعم الطهراوي منسق المشاريع بالمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات أن المركز يعمل مع النساء المعنفات منذ ثلاث سنوات في برامج لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي على ثلاث مستويات الإرشاد النفسي والقانوني والاجتماعي، وأشار إلى ازدياد نسبة العنف ضد النساء وذلك من خلال توجه النساء للمركز للشكوى وطلب التدخل في حل قضاياهن خاصة العائليةquot;ويقول:quot; خلال عام 2007 ما يزيد عن 1800 امرأة توجهت للمركز قد تعرضت للعنف سواء بالشكوى مباشرة أو عبر الخط الهاتفي المجاني الخاص بحالات العنف بالمركز، ونحو 1300 امرأة توجهت أيضا بالشكوى من العنف خلال العام 2008 quot;.
وعن حالات العنف يوضح الطهرواي أن أكثر الحالات هي:quot; ضرب النساء والحرمان من مشاهدة الأطفال خاصة المعلقات والمطلقات والحرمان من الحقوق كالتنازل عن الميراث وعنف جنسي وتحرش أيضاquot;.
وقال:quot; في إطار بحث المركز عن شخصيات اجتماعية لدعم قضايا النساء وخاصة بعد لجوئهن للمركز وطلب الحماية، والمساعدة في التدخل في العديد من قضايا العنف الأسري، وجد أن المخاتير ورجال الإصلاح لهم نفوذ وسلطة واحترام بالمجتمع.
ويضيف:quot; بداية كنا متخوفين من ردة فعل هذه الفئة خاصة أنها تخضع منذ سنوات إلى حكم الموروث الثقافي المتمثل في العرف والعادات والتقاليد لهؤلاء المخاتير وان من الصعب احترام قضايا المرأة، لذا قمنا بداية بتدريب 3 مخاتير وحرصنا على انتقائهم كشخصيات منفتحة على المجتمع حول قضايا النساء، ومع نجاح التجربة التي بددت توجساتنا، أعطتنا دافعا لان نستهدف نحو 25 مختار ورجل إصلاح من مختلف محافظات قطاع غزة.
وعن المواضيع التي تدرب عليها المخاتير يقول الطهراوي:quot; لقد اخترنا المواضيع بعناية شديدة وركزنا على الدين في كثير من القضايا،ويضيف:quot; تدربوا لمدة 10 أيام حول مفاهيم العنف ضد المرأة والاتفاقيات الدولية وكيفية تعامل القانون الفلسطيني مع قضايا المرأة مع تناول دراسة لحالات عنف ومناقشتها وتدريبهم على نماذج خاصة للعمل مع النساء يتعامل بها المركز quot;.
وعن التغيير الذي أحدثه التدريب لهؤلاء المخاتير يذكر الطهراوي أنهم استطاعوا تغيير كثير من المفاهيم لديهم، كما استطاعوا إحداث اختراق حقيقي لدى هؤلاء الرجال لكيفية إنصاف النساء، لا سيما أن العادات والتقاليد الفلسطينية تمنع النساء من اللجوء للمحاكم ومراكز الشرطة.
و يشير أبو حاتم أن ما تعلمه، ليس من الصعب تطبيقه وان هذا سيحتاج إلى وعي لدى كافة أفراد المجتمع الفلسطيني، منتقدا دور الإعلام الفلسطيني في تهميش قضايا المجتمع وتغييبها لصالح التغطية الإخبارية والنزاعات السياسية والفصائلية،داعيا إلى إيجاد برامج اجتماعية تهدف إلى توعية المجتمع والنهوض به.
فيما يؤكد قدوم على أهمية توعية المقبلين على الزواج بالأسرة وأهميتها، لتقليص حجم المشاكل الناجمة عن ذلك والتي تؤدي بها إلى الطلاق.
ويذكر الطهراوي ان المشروع سيستهدف رجال إصلاح آخرون وسوف ينفذون ورش عمل في مختلف المناطق لدعم قضايا النساء وتقليل كم الظلم الواقع على المرأة وتوعية الفئات المختلفة لاسيما الرجال بأهمية نبذ العنف واحترام إنسانية المرأة.
التعليقات