بدون تقية.. احذروا نظرية توازن الرعب

ليس ممن يميلون الى مايسمى بالتقية رغم انها تمارس كسياسة من كل البشر في كل الكرة الارضية، وايضا رغم تفهمي الكبير للذين استخدموا هذه التقيه في عهود quot; الحجاج ومراد الرابع وصدام quot; فلقد كان يذبح الشيعي او يذاب لحمه في احواض الموت او يدفن حي لالذنب ارتكبه سوى انه من اتباع علي بن ابي طالب quot;عquot;.

اليوم في العراق رجعت الانفجارات تطل برأسها الدموي والطائفي بحق أهل العراق الشيعة، وما أغفله الاعلام العربي وبعض العراقي الطائفي ان هذه الانفجارات وهذه الضحايا التي تجاوزت حوالي 200 شهيد واكثر من 500 جريح هم جميعا من شيعة العراق وان مدن مثل النجف المقدسة وكربلاء الحسين والكاظمية المقدسة وايضا مدينة الصدر والحرية وديالى وغيرها من مواقع ومدن الانفجارات كانت مدن شيعية دون أدنى مزايدة فارغة. ورائحة الموت هذه تعيدنا الى بداية العنف الطائفي الذي مد براسه عام 2004 على شيعة العراق ومراقد ائمتهم المعصومين، يومها وحتى عام 2007 تلذذ بهائم الارهاب بدماء الابرياء في الاسواق والشوارع والمدارس بل لم تسلم من خستهم حتى جنائز الموتى المتوجهة الى الدفن في النجف الاشرف. و شارك هذا التلذذ مع البهائم وبامتياز ايضا الاعلام العربي الطائفي الذي سخر كل امكانياته لغرض أدامة مناظر الدم quot; العراقي الشيعي quot; على وجه الخصوص وهي تنزف على الارصفة مع انتهاك الحرمات دون أدنى رادع او خجل او حياء او مخافة الله.

وخلال سنوات الموت الشيعي هذه كان السياسيون والاعلاميون ورجال الدين والمراجع الشيعة تناشد كل العرب وكل سنة العراق بموقف قوي وصريح وواضح يوقف هذا النزيف الدموي وهذا الاستهداف الحيواني الطائفي فكانت اذان العرب و الكثير من سنة العراق وكما يقول المثل العراق الدارج quot; أذن من طين واخرى من عجين quot;. ووقعوا جميعا بوهم ضعف الشيعة وهوانهم. حتى جاءت اللحظة التاريخية السوداء حينما تم تفجير مرقد الامامين الهادي والعسكري quot;عquot;. وهنا كانت لحظة ايضا تاريخية انطلقت فيه أليات نظرية quot; توازن الرعب quot; حينما ظهرت غضبت الحليم و تناقصت مقاديرالصبر الشيعي العراقي عند بعضهم بشكل لم يسبق له مثيل فارتفعت اعداد الموت والقتل الطائفي في العراق لكن هذه المرة quot; من الطرفين سنة وشيعة وليس شيعة فحسب مثل سابقاتها من الاعوام بل والقرون الماضيةquot;. فكانت صورة سوداء قاتمه ملطخة بدماء الابرياء من ابناء كل مدن العراق دون استثناء. صورة تدمي القلوب والعيون والافئدة حينما أمتلئت ارصفة بغداد بالجثث وبشكل فاق كل تصور. ولايفوتني هنا التذكير بالضجيج الذي ارتفع من ابواق الاعلام العربي بل والداوئر السياسية العربية الطائفية. وكأن البطش بالشيعة خلال الاعوام السابقة كان نزهة او واجب قومي واسلامي وان مجرد الرد ولو بقدر محدود هو كارثة بحق الاسلام والقومية. فكفر العراقيين بهذه quot; القومجية والاسلامجية quot; الفارغة والطائفية.

ولابد من التذكير ان الخاسر الاكبر في كل هذه اللعبة الطائفية كانوا العراقيون أنفسهم جميعا دون استثناء.

وكانت دمائنا عرض مجاني ويومي تلعق به رموز الموت والطائفية العربية المقيته التي فتحت ابواقها وخزائنها لذبح شيعة العراق العرب الاقحاح واهل العراق الاصلاء. فكانت موازنة الرعب هذه هي التي صنعت الصحوة ومجالسها حينما شعر الجميع ان الموت ليس صديق لطائفة معينة دون غيرها بل انه قد يفرض قسرا ليكون صديق لطوائف وايضا قوميات اخرى وبطريقة شكلت صدمة ورعب للطرف الاخر الذي بدات اصوات الاستنجاد والشكوى والصريخ ترتفع عنده بشكل كبير جدا.

اليوم ومع ارتفاع رائحة الموت الطائفي بحق شيعة العراق وبداية التطبيل الاعلامي له مرة اخرى، بدأت ذاكرة البعض تستدعي تلك المرحلة الدموية، وهذا البعض بدأ يفكر جديا ان يعيد تشغيل عناصر معادلة الرعب الدموية والتي فرح العراقيون منذ عدة اشهر بعد ان تلاشت وغابت عن شوارعهم ومدنهم حينما توحدت كل جهودهم للدفاع عن بعضهم وعن بلدهم بما يليق بارثهم الانساني. ووجهة نظر هذا البعض quot; ايقاف الموت بالموت قبل ان يستفحل الضرر quot; ورغم اني هنا اسجل اعتراضي الانساني والعراقي الكبير على هذه الافكار مع الاخذ بنظر الاعتبار ان ابرياء كثر سوف يكونون وقود لهذا القتل المستباح وايضا ان مستجدات عراقية كثيرة ظهرت في الشارع العراقي والسياسي يجب أخذها بنظر الاعتبار ومنها مواقف quot; بعض quot; مجالس الصحوة العراقية الاصيلة.

لذلك يجب ان تكون المواقف واضحة جدا من جميع العراقيين بصورة عامة ومن العرب السنة بصورة خاصة دون أدنى لبس في ادانة هذه الجرائم بحق شيعة العراق بل والتصدي لها بكل قوة وغيرة عراقية وانسانية. ولاحاجة للضحك على الذقون فبهائم تونس الخضراء التي فجرت نفسها قبل اسبوع وغيرها من البهائم لم تنزل من السماء الى اهدافها الطائفية، بل هناك اشخاص وتنظيمات ومدن وقرى احتضنت هذه البهائم واوصلتها الى اهدافها. فاذا كانت هذه رسائل للامريكان لتاخير سحب قواتهم فبئس لها من رسائل. واذا كانت هذه رسائل دموية للحصول على مكاسب ومناصب سياسية فهذا هو الهراء في عينه لان في العراق الجديد الذي يحكم هي نتائج صندوق الانتخابات والواقع السكاني. ونصيحة مخلصة للبعض بالتخلي عن اوهام الماضي فالعراق لن تحكمه أقلية بعد اليوم اطلاقا، كان ذلك خراب ودمار وعبث استمر لعقود طويلة ودفن في نيسان 2003.

اذن ياسنة العراق والعرب منهم على وجه الخصوص تعالوا نبني بلدنا سويا وكلا حسب استحقاقه الديمقراطي. فالعراق فيه خيرات تكفي لجميع العراقيين دون استثناء. وتكفي لتعمير كل مدينة وقرية عراقية. وايضا العراق فيه اليوم من المفسدين سنة وشيعة وباعداد كافية لتدمير كل الكرة الارضية وسبب قوتهم وبقائهم دون حساب او محاكمة هي هذه اللعبة الطائفية التي امتهونها و استخدام دماء العراقيين وقود لها. فتعالوا اولا نطرد البهائم وبؤرها ثم نضيق الخناق على المفسدين سنة وشيعة فلقد تعاون علينا الاثنين الارهابيين والمفسدين وحطموا امالنا وطموحاتنا الانسانية.

اما غير ذلك فسيكون عبث دموي اضافي. وايضا دافع ومبرر لتشغيل اضلاع معادلة توازن الرعب التي تاكل الابرياء دون غيرهم. وايضا لو استمر هذا الحال وتطور فان افكار اخرى سوف تجد لها ارض خصبة للتطبيق، وسنقول حينها كان العراق.

محمد الوادي

[email protected]