السابع من أيار.. ها هو يعود مجددا في ذكراه الأولى بشكل مغاير لم يتوقعه إلاّ المتحكمون بمن نزل إلى الشارع من كافة الأطراف. لا لم يتوقعوا. ليسوا ميشال حايك أو سمير زعيتر ليتوقعوا. هم يعرفون الأمور بخواتيمها دائما. أما من نزل إلى الشارع واقتتل وقتل وقُتل فهو في صورة الآن اهترأت على أحد الجدران وألصقت فوقها صور الكثير من مرشحي حزبه وجهته للإنتخابات النيابية أنفسهم.

غريب انقلاب الصورة في لبنان للغاية وغريب أكثر استمرار المؤيد في تأييده لولي أمره رغم انقلاب الصورة. كيفما اتجه الزعماء وكيفما سعوا في الأرض تتبعهم أذيالهم. أتذكر مشهدا من فيلم الممثل توم هانكس الشهير quot;فوريست غامبquot; حين توقف فجأة عن الركض وبدون سابق إنذار بعدما أطبقت شهرة فوريست العدّاء كل الولايات المتحدة ومضى دون أن يتبعه أيّ من العشرات الذين باتوا كالحزب خلفه أو كالقطيع، ولم يعلموا غاية من ركضه، وكلّ منهم فسر الأمر كما يروق له. لكن فوريست حين توقف ومضى في سبيله لم يتبعه أي منهم.. ذلك هو الفارق.

في السابع من أيار كنت في الشارع فعلا ولو أني بصفة أخرى غير تلك التي لقاطعي الطرق من الطرفين، وكتبت تقريرا يومها عن مشاهداتي الشخصية البحتة بعنوان quot;مشاهدات يوم الإضراب المشتعل quot; فاتهمت بأني quot;سنّي طائفيquot; من 14 آذار. وفي الثاني عشر من أيار بعد خمسة أيام من تقريري الأول كتبت مجددا عن quot;خمسة أيام من الإقتتال السياسي لا الطائفي في لبنان quot; فاتهمت بأنّي quot;شيعي طائفيquot; وطبعا من 8 آذار.

لست هنا بوارد الحديث عن مذهبي والجميع يدّعون كذبا أنهم يبغضون الطائفية والمذهبية والمناطقية ويريدون quot;لبنان واحدا لجميع أبنائهquot; وquot;بناء دولة المواطنquot; وquot;لبننة المؤسساتquot; وغيرها من العبارات المتساوية مع نداء بائعي الخضار يختلط بأصوات البشر والسيارات وآلات التسجيل في أحد الأسواق الشعبية.

لكن أليس غريبا أن أتنقل بين المذهبين من أقصى اليمين إلى أقصى اليمين خلال خمسة أيام فحسب!؟ هو غريب على الأقل بالنسبة لي غرابة السابع من أيار نفسه؛ تلك التظاهرة المطلبية التي تحولت سياسية وفوضوية بعدها بفضل تساوي الغباء لدى الحكومة وفريق 14 آذار بمعظمه وكذلك لدى فريق المعارضة بمعظمه على حد سواء.

غباء أطلق شهية آلات التصوير في المطابع تنسخ صورا لشهداء ملأوا المناطق. بعضهم مات منفردا وآخرون جماعيا. بعضهم مات سريعا وغيرهم نكل بهم. بعضهم لم يكن له أي علاقة سوى أنه كان مارا فحسب فقتل برصاص طائش، أو مختلفا في الإنتماء فحسب. وبعضهم كان يغرق إلى ما فوق رأسه بالقتال والإقتتال ويزين لنفسه صورة الشهادة والجنة التي سيدخلها عند قتاله quot;الكفارquot;.

تقاتلوا فقتلوا وقُتلوا.. وما زال نواب الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل أنفسهم وأعيد ترشيحهم كذلك ليكونوا هم أنفسهم. وما زال الزعماء كما هم بل إن كثيرا منهم استفاد أكثر عقب اتفاق الدوحة ونال غنائم ومن خسر عرف طرقا أخرى للإستفادة.

وما زال وسيكون دوما هنالك صناديق اقتراع تملأ بغباء ديمقراطي تظلله أموال من هنا وفتاوي من هناك وطائفية بغيضة بينهما.
كل 7 أيار وأنتم كما أنتم..

عصام سحمراني
[email protected]
http://essam.maktoobblog.com/