نواكشوط: قرب السوق المركزي بمقاطعة السبخة وفي أحد شوارعها المزدحمة محطة نقل لا تشبهها أي محطة في العاصمة نواكشوط فهي متميزة بوسائل نقلها التي هي عبارة عن عربات تجرها البراذين أو ما يعرف في اللهجة الحسانية بـquot;إيكجولنquot; هذه العربات التي تستطيع حمل أربعة أشخاص يقبل عليها كثير من سكان هذه المقاطعة بسبب ملائمتها لمستواهم المادي وبساطتها وأيضا لكونها الوحيدة التي تنقل إلى أحياء من هذه المقاطعة بعيدة عن السوق ومركز التجمعات.


بائعات سوق الخضار غالبية الركاب

هذه العربات وبسبب مزاحمة وسائل النقل الحديثة انحصر مسارها الآن في اتجاهين قصيرين ينطلق أحدهما من قرب السوق ويصل إلى ما يعرف بسينما السعادة بينما يتجه الآخر من نفس النقطة ليصل إلى مستشفى الأعصاب المعروف شعبيا بquot;طب جاهquot; أما تعرفة هذه العربات فهي 50 أوقية دون التوصيل للمنزل و100 أوقية مع التوصيل.

ويستقل هذه العربات يوميا عشرات الأشخاص في هذا الاتجاهين غالبيتهم من النساء اللائي يبعن الخضراوات والأسماك في سوق الخضار بالمقاطعة حيث تمكنهن هذه العربات من حمل أمتعتهن بأسعار معقولة ويقول أصحاب هذه العربات التي تناهز الثلاثين في هذه المحطة أن العربة الواحدة تقوم بعدة مشاوير في اليوم تصل أحيانا عشرة مشاوير خاصة في الصباح الباكر وكذلك في المساء وقت إقفال الأسواق الشعبية، ويرى هؤلاء البائعات أن وسيلة النقل هذه ملائمة لهم كثيرا ففضلا عن أسعارها اللائقة فهي أيضا متوفرة دواما ومحطاتها قريبة من أماكن سكنهن وإذا أردن الوصول إلى منازلهن فهي توفر لهم ذلك بأقل تكلفة كما أنها حميمية فركابها كأنهم في رحلة سياحية رغم تعودهم الطويل عليها.

مهنة وهواية

جبريل جوب واحد من ثلاثة شبان يعملون على عربات للنقل التقتهم وكالة أنباء quot;الأخبارquot; وتحدثوا لها عن هذه المهنة التي يرون فيها أكثر من مجرد وسيلة عيش فهي تراث تقليدي حيث أنها كانت من وسائل النقل القديمة في موريتانيا خاصة في مناطق النهر لذلك يقول جبريل أنه يغدو على عمله باكرا حتى قبل أن يبدأ الطابور الرسمي للمحطة ويرى هو وزميليه في هذه البراذين خير رفيق في العمل اليومي quot;فهي تختلف كلية عن تلك الكتل من الحديد (السيارات) التي يعمل عليها السائقون والتي ليس لها حس ولا يجد الإنسان متعة في العمل عليهاquot; يقول جبريل ملوحا بالسوط الذي يستخدمه لإثارة البرذون وتهييجه على السير السريع.

ودعنا هذه المحطة مع العصر وهي تستعد لاستقبال بائعات الخضار في طريق العودة إلى منازلهن بعد يوم من العمل الشاق ولكن الممتع في سبيل كسب العيش الكريم في مشهد من الحياة الهادئة وتساءلنا هل ستحافظ هذه المراكب التقليدية على مكانتها في قلوب محبيها؟