شكلت ظاهرة عالمية على مستوى البحار

يوسف صادق من غزة: على الرغم من إكتظاظ شاطئ غزة الممتد على طوله (45 كيلو متر) بالمصطافين، إلا أن الآلاف منهم إمتنع عن السباحة فترة ظاهرة وجود القناديل التي تبدأ عادة منتصف حزيران وتنتهي تدريجياً حتى أواخر تموز (يوليو). وباتت لسعة تلك الحيوانات اللافقارية تفسد إستمتاع عشرات الآلاف من الأسر الغزية خلال وجودهم على شواطئ غزة.

وقال محمد صبّاح، شاب يعمل منقذ على شاطئ البحر، أن الآلاف اللسعات يومياً تصيب محبي السباحة من كافة الأجيال. وأضاف لإيلاف quot;نحاول قدر إستطاعتنا أن نقوم بعمليات إسعافات أولية لإصابات القناديل، لكن الأعداد الهائلة من اللسعات على أجساد الناس، يتحملها الشباب والنساء وكبار العمر، لكن الأطفال هم من يشتكون أكثر من غيرهم من تلك اللسعاتquot;.

وقال صباح أنه أنهى وغيره quot;عشرات الدورات التدريبية في الإسعافات الأولية وطرق إسعاف المصابين وإنقاذ الناس من حالات الغرق، خلال السنوات الثلاثة الماضية. وهذا الأمر منحني إستفادة كبيرة لمساعدة الناسquot;.

وتنتشر قناديل البحر، تلك المخلوقات الرخوية الضعيفة، متفاوتة الأحجام، على شواطئ بحر غزة بكثافة. وعزا خبراء عالميون زيادتها على شواطئ البحار، بعدم الإستفادة منها من قبل الإنسان كصيده واكله مثلاًَ، أو إستخدامه في أي نشاط تجاري. وبالتالي لا يوجد أي تهديد لها من جانب البشر، باستثناء بعض الأنواع القليلة التي تؤكل في شرق آسيا.


وأكدوا خبراء علم البحار أن الأسمال الكبيرة تتغذى على القناديل والأسماك الصغيرة، لكن الصيد الجائر لتلك الأسماك أدى إلى تكاثر القناديل بشكل كبير جداً خلال السنوات الماضية. وأعتبروا أن تغيير المناخ لعب دوراً هاماً في الزيادة الهائلة لتلك القناديل.


وأعتبر محمود عياش، رب أسرة كان متواجد على شاطئ بحر مدينة رفح، أقصى جنوبي قطاع غزة، أن حرارة الجو في الصيف تقود تلك القناديل للشواطئ. وقال لإيلاف quot;تخرج القناديل نحو الشاطئ، الأمر الذي يشكل مشكلة كبيرة بالنسبة للمصطافين الفلسطينيينquot;.


وأشار المنقذ صبّاح أنهم يقومون quot;بالإتصال مباشرة في سيارة الإسعاف في حال الإصابات الحساسة كالعين، لنقلة للمستشفى، لكننا نقوم بعمل بعض الإسعافات الأولية كنقع الجزء المصاب في البحر نفسه، وليس بالمياه العذبة كما بفعل الكثيرون من المواطنين دون درايةquot;.

ويلهو أطفال غزة مع القناديل دون إكتراث بتلك المخلوقات التي ليس لها عقل ولا قلب ولا عظام ولا دماء ولا خياشيم أو عيون، والتي تعرف بميوعتها ولونها الجذاب، إلا أن المنقذين الموجودين بجانب المواطنين، حذروا من الإمساك بالقناديل، حتى لو كانت ميتة. وقال الطالب مهند أبو لحية، سنة رابعة طب في الجامعة الإسلامية بغزة quot;تبقى السموم متواجدة بداخلها رغم موتها(..) ولهذا نحذر أي طفل يلعب بها بأنه قد يصاب بألم في يديه أو جسمه نتيجة تلك السمومquot;.


وقال الطفل أحمد ناجي (8 أعوام) أن لون القنديل جميل وجذاب. وأضاف لإيلاف quot;كنت العب بالقناديل الميتة قبل قليل، لكن والدي منعني وحذرني من ذلك. وقال لي أنه يؤذيني كثيراًquot;.


ونصح الدكتور محمد مشتهى المصابين بلسعة القناديل وإلتصاق أجزاء منهم في جسم المصاب، quot;بعدم لفها بالفوط أو دعكها بالرمال، لأن كل هذا يؤدي إلى انطلاق ما لم ينطلق من الخلايا اللاسعة، فيزداد التأثير اللاسعquot;. لكنه أوضح أن معظم القناديل الموجودة على شواطئ غزة quot;غير سامه بدرجة كبيرة، باستثناء أنواع موجودة في عمق البحرquot;.


وقال الدكتور مشتهى لإيلاف quot;من الأفضل إزالة أجزاء القناديل الملتصقة بالملاقط، أو بالحافة الخلفية غير الحادة للسكين إن أمكن، إذا كانت الإصابة خفيفة وفي أماكن عادية من جسم الإنسانquot;. وأكد أن حمض الخل (الخليك) يخفف من الآلام التي قد يحدثها القنديل لجسم المصاب وكذلك quot;عصير الليمون، فهو يعمل على منع انطلاق الخيوط اللاسعة وإزالة السموم من على الجسمquot;.


لكن الحلول تلك، بحسب الدكتور مشتهى، لا تنفع في إصابة العيون. وقال quot;يجب نقلة للمستشفى مباشرة، أو علاجه بقطرات ومراهم مسكنة مثل الهيدروفينوكول والسفراديكس، لكن هذا يحتاج لمختصquot;. ونصح بعد إستخدام العطور أو كريمات الحلاقة لأنها تزيد من تأثير لسعة القنديلquot;.


وتبقى حالة البحر في غزة بين مد القناديل وجذرها، كغيره من شواطئ الدول المختلفة.. لكن ما يميز غزة وبحرها هو أنه لا مجال أمام أكبر كثافة سكانية في العالم غير هذا الشاطئ حتى ولو إنتشرت التماسيح بدلا من القناديل.