دمشق: تتحول دمشق في مثل هذه الأيام من كل عام إلى مقصد لمحبي الورود وعطره الفواح عبر زيارتهم لمعرض الزهور الدولي الذي بات حدثاً سنوياً مهماً يزوره الكثيرون من سورية وخارجها.
وإن كان معرض الزهور اتخذ من الوردة الشامية شعاراً له فلأنها الوردة التي عرفت بها الشام منذ آلاف السنين ولاتزال رسوماتها بالحصى الملونة تفترش أرض قصر الحمراء بغرناطة وفي بلغاريا يوجد واد مليئ بها يقول عنها البلغاريون أنها قطعة هاجرت من دمشق واستقرت لدينا.
ويعود اهتمام الإنسان بالورد إلى عصور قديمة فقد ظهرت أدلة ترجع إلى الألف السادس قبل الميلاد تؤكد اهتمام الإنسان بالورد إذ كان يرسمه على أواني الفخار وغيرها وجدت في شمال العراق وسورية.
وتقول الأسطورة السورية إن إله الحب السوري ادونيس عندما كان يصعد جبلاً في لبنان للقاء حبيبته فينوس لاقاه الخنزير البري و صرعه وعندما نزل دمه إلى الأرض تحول إلى وردة شقائق النعمان المعروفة بلونها الأحمر والتي ترمز في يومنا هذا إلى الشهادة.
وعند الرومانيين القدماء كانت زهرة الأنيمن ترمز إلى الحب وكانت تبعثر على مذابح آلهة الحب. وعند الإغريق كان أوفيد يحول الشباب جميلي الهيئة والأحجار الكريمة إلى زهور تسمى باسم الآلهة. وفي العصور الوسطى زنبقة العذراء ارتبطت بالسيدة مريم العذراء.
وفي العهد الإليزابيتي كانت النساء يحملن الباقات الصغيرة ذات رائحة زهور وذلك لتبعد الروائح الكريهة لاعتقادهم أن تلك الروائح هي وباء.
وبناء على الأساطير.. كان إذا تغير وضع الزهرة في الباقة بحيث مال ساقها إلى اليمين أو اليسار فإنه يعطي مفهوماً وانطباعاً ورمزاً مختلفاً عنه في كل وضعية ولها شعور خاص به.
وتشتهر سورية بعدد كبير من الورود و الزهور المختلفة ومن أهم هذه الورود الياسمين و الوردة الدمشقية التي تعد الأشهر بين الورود في العالم على مدى العصور.
فقد ذكرت الوردة الدمشقية في الإلياذة والأوديسا للمؤرخ الإغريقي هوميروس ودونت في ذاكرة الإغريق عندما ذكرتها الشاعرة الإغريقية سافو في القرن السادس قبل الميلاد وأطلقت عليها ملكة الأزهار كما ذكرها الكاتب والشاعر الانكليزي شكسبير في إحدى مسرحياته بقوله.. جميلة كجمال وردة دمشق .. وفي شعر نزار قباني.
اشتهرت دول كثيرة بزراعة الوردة الدمشقية مثل فرنسا وبلغاريا ونقلها الحجاج المسلمون إلى المغرب العربي وتركيا وإيران.
ووصل صيت الوردة الدمشقية التي ارتبط اسمها باسم بلاد الشام إلى جميع أرجاء العالم تحت اسم الوردة الدمشقية لاروزا داما سكينا.
ويذكر المؤرخون أن زراعة الوردة الدمشقية انتقلت إلى العالم القديم بواسطة اليونانيين والرومان وقدماء المصريين ثم إلى أوروبا في العصور الوسطى خلال حرب الفرنجة وأخذت أهميتها وشهرتها وانتشرت في أنحاء العالم لكثرة فوائدها العطرية والطبية والتجميلية.
ويقول أحد مصنعي العطور السوريين ان للعطور الدمشقية تطبيقات علاجية ونفسية وعصبية وبدنية اتبعت منذ مئات السنين ما جعلها تحافظ على استمراريتها.
لقد اتخذت الشعوب من الزهور والنباتات شعاراً لها فلكل شعب شعار فالنخلة شعار للعرب والأقحوان والكاميليا لليابان والباسيفلورا للصين وزهرة الرمان للاسبان وزهرة البرتقال لألمانيا والآيرس لفرنسا والتوليب لهولندا والورد لأنكلترا والبنفسج لليونان واللوتس لمصر.
وتحدثنا الأساطير القديمة بأن كيوبيد أهدى وردة إلى هربوقراط إله الصمت كرشوة له حتى لا يذيع أسراره.
وكانوا في أوروبا إذا أرادوا أن يعبروا عن سرية ما يقال في جلسة حول مائدة يعلقون وردة في السقف عند نهاية المائدة.
وفي جزر هاواي إذا وضعت الفتاة الزهرة على أذنها اليمنى فمعنى هذا أنها لم تخطب واذا وضعتها على أذنها اليسرى فمعناها أنها مخطوبة أما المتزوجة فتضع على كل أذن زهرة ..وجاء في الحكمة الصينية إذا كان لديك رغيفان من الخبز فبع أحدهما واشتر بثمنه باقة من الزهر فالخبز غذاء الجسم وأما الزهر فغذاء الروح
التعليقات