إن للمنتخب مدربا وشعبا يحميه
أمين الكنوني
1-
عندما جالست بعض الأصدقاء في مقهى شعبي بالرباط،أغاظني كثيرا أن يجادلني أحدهم أنه قرأ في الصفحة الرياضية لجريدة وطنية عن عودة ثلاثي (النيبت-شيبو-بصير) لتعزيز المنتخب الوطني ، فحرصي شديد على قراءة جميع ما يجري ويدور عن المنتخب الوطني المغربي ، ورغم أنني لم أفلح في إقناع الصديق بأن الخبر عار من الصحة وبأنه لا يوجد إلا في وكالة مخيلته الساذجة ،فإنني أدركت أنه مع اقتراب موعد السابع من أكتوبر ، لن تزداد أقلام بعض الصحافيين المغاربة، وبعض محترفي ترويج الشائعات ، سوى في تأليب الشعب المغربي على الناخب الوطني بادو الزاكي.
عوض أن يساهم هؤلاء الصحفيون في دعوة الجمهور المغربي لمساندة فريقه الوطني، فإنهم يختارون لبس "العشرة" بالتنقيص من كفاءات الناخب الوطني، وبالحديث عن تحول أسود الأطلس إلى قطط وديعة ،هؤلاء الصحفيون بجرائدهم الصفراء والتي تجدها متكدسة كجبل قمامة في الأكشاك، يتبعون وصفة سريعة لكسب "طرف الخبز" وهي وصفة تقوم على ترويج الأخبار الزائفة،مع شيء من الدجل الإخباري ومذاق الافتراء ،وتوابل اختلاق الأخبار التي يراد منها تغليط الجمهور الرياضي المغربي،لقد أصبح قوت هؤلاء الصحافيين اليومي هو النهش في لحم الناخب الوطني وأكله، ،كما أصبح كثير من أشباه الصحفيين الرياضيين يفضلون أكل الثوم بأفواه الآخرين ،فتراهم يركضون لإجراء لقاءات بلاعبين فاتتهم قاطرة المنتخب أو لم يعد يشملهم رضا الناخب الوطني.
2-
قبل انطلاق كأس إفريقيا 2004 ، كان أكثر المتفائلين لا يتوقع صعود المنتخب المغربي للدور الثاني بالنظر لحجم منافسيه نيجيريا وجنوب افريقيا ، لكن المنتخب المغربي وصل إلى الدور الثاني متزعما لمجموعته،أتبعه بإسقاط المنتخب الجزائري ب "الكاو" والتهامه للمنتخب المالي ،ووصوله للنهاية المعروفة والغريبة ضد تونس ،ومع عودة وفد المنتخب المغربي لأرض الوطن ، أصبح بادو الزاكي "حبيب الجماهير" ولاعبي المنتخب أبطالا وطنيين ،وانتقل صف معارضي الزاكي من صحافيين ومسيرين إلى مساندين له،وأصبح الكل يتحدث عن تضافر الجهود من أجل تأهيل المنتخب المغربي لمونديال ألمانيا 2006.
ولأن الجماهير المغربية تتقن التطبيل والتزمير ،فإن بعضها يتقن الصفير بامتياز ،فما إن بدأت عروض المنتخب المغربي في التراجع وليست حتى نتائجه ،حتى بدأت فئة من الجماهير المغربية تطالب بتغيير الهرم التسييري لكرة القدم المغربية من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين ،مع طرد الزاكي وتغيير حلة المنتخب المغربي بتعزيزه بلاعبين جدد،وإذا كنا نتفق مع الجماهير المغربية في أن صلاحية بنسليمان على رأس الجامعة قد انتهت ،وبأن بعض المسيرين المغاربة ممن يبدعون لغة الخطابة على رأس المجموعة الوطنية لكرة القدم قد حان وقت قطافهم من كراسيهم المتحجرة .فإن مسألة بقاء الزاكي على رأس الإدارة التقنية للمنتخب الوطنية هي مسألة ضرورية حتى يتبين الخط الأبيض من الخط الأسود يوم 7أكتوبر.
3-
في التسعينات بدأ مدرب تشيلسي الحالي خوسيه مورينيو حياته التدريبية كمترجم للإنجليزي بوبي روبسون، وقد أيقن مورينيو دور اللغات وخاصة الإنجليزية في ولوج ميدان التدريب من أبوابه الواسعة،وفي التسعينات أيضا تحدث الكثيرون من "ولاد الرباط" عن رؤيتهم الزاكي يتأبط محفظته ويلج المركز الثقافي الأمريكي بالرباط،كان الزاكي يدرس الإنجليزية ،رغبة منه في تحضير دبلوم تدريبي عال بإنجلترا،وإيمانا منه بأن التمكن من اللغة الإنجليزية هو طريق نحو العالمية.
يحمل بادو الزاكي شهادات تدريبية وازنة ،يمكن الإطلاع عليها عبر موقعه الشخصي ،ولا يخفى على أحد الدور الكبير الذي لعبه الزاكي كعميد للمنتخب الوطني وكحارس متألق وليس احتياطي لمايوركا،وعندما أمسك الزاكي بزمام المنتخب المغربي فليس لأنه في حاجة ل30مليون كل شهر ،أو لأنه في حاجة لمزيد من الشهرة ،ولكن لغرض في نفس الزاكي ،وهو تقديم طاقته التقنية ومخزونه التدريبي للمنتخب الذي سبق أن جاهد معه كلاعب وعميد متألق،وما حققه الزاكي حاليا لم يحققه مدرب أجني أو مغربي للمنتخب الوطني المغربي منذ1986،الزاكي قاد المنتخب المغربي إلى كأس إفريقيا للأمم2004 ولعب معه النهاية بعد أن قدم المنتخب المغربي أجمل عرض كروي منذ1986،ولا ننسى أن الزاكي أهل المنتخب المغربي لكأس إفريقيا القادمة بمصر سنة 2006 كما سيؤهله لمونديال ألمانيا 2006 وبدون هزيمة.
4-
يعتبر المدرب الأجنبي في نظر بعض الصحفيين المغاربة وبعض الجمهور ذو الثقافة الكروية المحدودة،مدربا متمكنا وواسع الدراية على المستوى التقني ،وعندما لا يجد الصحفي الرياضي المغربي "شي حاجة يدخل بها" المدرب الأجنبي،يبدأ في طرح أسئلة حول أجرته الشهرية ومدى ضخامتها في ظل مجتمع مغربي يعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية...وقلة ذات اليد،هذا الخطاب يتغير بمجرد الحديث عن المدرب المغربي فلأحد يتحدث عن أجرة فاخير ولا عن أجرة مديح وعن أجرة العديد من المدربين المغاربة لفرق الصفوة، والذين يتقاضى أقل واحد منهم وهو معد بدني سابق،أصبح بقدرة قادر مدربا 5ملايين سنتيم،كما أن مدربا آخر حصل على شهادته من ألمانيا يتقاضى أجرتين سمينتين واحدة تأتيه بحوالة بريدية من سيدي قاسم والثانية تحول لحسابه البنكي بآسفي،المثير للحنق هو أن الصحافة الرياضية تحاسب المدرب المغربي بناءا على عدم كفاءته التقنية وإمكانياته التدريبية ،لكنها تغض الطرف عن أجرته السمينة حتى "تخليه ياكل طرف ديال الخبز"،وعلى النقيض من ذلك وفي أول سقطة للمدرب الأجنبي تشهر الصحافة الرياضية سيف المال العام والترشيد في النفقات أمام المدربين الأجانب والذين تصور جلهم الصحافة الرياضية المغربية كمجموعة من النصابين التي تستنزف العملة الصعبة والتي تدخن السيجار في الملاعب المغربية ،بينما المدربون المغاربة مجموعة من الفقراء الذين يلبسون الأسمال والذين يدخنون "كازا" ويحتاجون للعمل سنوات من اجل شراء نظارات "رايبن " حديثة.
يقدم كثير من الصحفيين الرياضيين المغاربة عبر صفحات جرائدهم تحاليل تقنية عميقة كما أن قراءة أعمدتهم تبدو للوهلة الأولى ممتعة،لكن بعضهم ممن تتاح له فرصة الظهور عبر شاشة التلفاز،يفاجئني لدى مواجهته للكاميرا ، بعجزه عن تكوين جملة مفيدة ، ولدى مغادرته لبلاتو التلفزة يكون قد انضاف لقاموسي اللغوي كلمات من قبيل "السيليغان ،واللعب الطاعوني".
5-
التطور الحاصل في كرة القدم جعل اهتمام المدربين والتقنيين وأيضا اللاعبين منصبا على الخروج فائزين،حتى أن "جيرار أولييه" مدرب منتخب فرنسا وليفربول السابق والذي يدرب ليون حاليا ،ذكر في محاضرة ألقاها بنوردويك بهولندا ،ونظمها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في31ماي2005،ذكر"أولييه"أن الوصول للفوز هو الغاية ،حتى لو ساهمت تلك الغاية في إذكاء شعور الجمهور بالسخط على فريقه ،فالمهم هو الفوز بطرق مشروعة ومقبولة ،وحالة سخط الجمهور ستتغير فور إدراكه لأهمية النتيجة.
في ندوته الأخيرة دعا الزاكي الباحثين للفرجة للذهاب للسيرك ،وبالفعل يوجد حاليا قرب الأوداية بالرباط سيرك إيطالي شهير،تجرى عروضه أمام الجمهور بأثمنة مناسبة...من كلام الزاكي لن نتوقف عند ويل للمصلين،فالزاكي يبحث عن ثلاث نقاط كأي مدرب آخر في التصفيات ،هل نريد أن نقدم الفرجة في تونس ،ليشاهد اللاعبون المغاربة مونديال2006 على التلفزة،الزاكي يعدنا بالفرجة في ملاعب ألمانيا 2006،حيث لا يوجد حكم متحيز ،ولا حجارة تنهال من المدرجات ،ولا طائر ضخم يحتل الملعب.
6-
في ختام مشاركة المنتخب المغربي بكأس العالم 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية ،كان خليل عزمي حارس الأسود والمدرب عبد الله بليندة،أول من تلظى بنار الإقصاء ،ففضل عزمي الهجرة إلى أمريكا بعيدا عن الأقاويل التي تشكك في وطنيته،بينما "عطى" بليندة "الراحة الراسو" على مستوى التدريب ،بليندة الذي حمل على الأكتاف ذات مساء من أكتوبر1994،والذي قيل في حقه ما لم يقله مالك في الخمر،،أصبح اليوم يفضل أن ينتزع لقمة العيش من أحضان فرق القسم الوطني الثاني عوض صداع الجمهور وبلبلة الصحافة.
من فضلكم دعوا الناخب الوطني الزاكي يعمل في صمت ، تأكدوا من أنه مدرب عصامي ،يعمل لخير هذا الوطن الذي يحبه ، قاطعوا تلك الجرائد الصفراء التي تريد أن تبيع الوهم والأكاذيب للجمهور المغربي في هذا الزمن الرديء آمنوا بقدرتنا على الوصول إلى مونديال ألمانيا2006 ،وشككوا في جميع من سولت له نفسه التطاول على منتخبنا الوطني ،تفاءلوا بقدرة المغرب على دحر تونس في عقر دارها،اشحذوا أقلامكم من أجل تشجيع الرأي العام وأفراد الفريق الوطني ولا تدافعوا عن الزاكي وأبنائه فإن للمنتخب مدربا وشعبا يحميه.
التعليقات