كيف يفهم رجال الأعمال الاحتراف وانتقالات اللاعبين:
الأندية السعودية .. بين المزايدة وتصفية الحسابات

تقرير: يوسف السعد من الرياض: بانتهاء أزمة فريقي الشباب و الفيصلي quot;إعلامياًquot; تعود للأذهان ولمتابعي الشأن الرياضي السعودي القضية الجديدة

محمد الدعيع حارس نادي الهلال السعودي
القديمة، وهي quot;المزايدةquot; وسعي رجال الأعمال في الأندية السعودية للحصول على خدمات لاعب معين, بل ولا ينتهي الأمر عند ذلك فلكل زلزال توابع وقضية المزايدات الخيالية بين الأندية السعودية هي بمثابة الزلزال الذي سبب الكثير من الحرج للأندية نفسها وهو الأمر الذي يعني المزيد من التوابع كما سيتضح في ثنايا التقرير التالي والذي يسلط الضوء على الكثير من المزايدات التي حدثت قبل قليل من العام 2000 حتى القضية الأخيرة وما تبع هذه المزايدات على المدى القريب والبعيد.

الحكاية الأخيرة بين الفيصلي والشباب حدثت عندما اتفق رئيس الأول فهد المدلج مع مسؤولي النادي الأهلي على أن ينقل مهاجم الفريق المستبعد وليد الجيزاني إلى صفوف الفيصلي لتدعيم موقفه في الدوري السعودي والهرب به من شبح الهبوط واتفق أيضاً مع اللاعب نفسه وتمت الأمور على ما أراد الجميع حتى سافر في اليوم نفسه إلى جدة ليوقع العقد رسميا مع اللاعب وهناك تفاجأ باختفاء اللاعب وانقطاع جميع الاتصالات به حتى أتى الخبر من الرياض بأن الجيزاني وقع للشباب وانتهى الأمر!

هنا ابتدأت حرب بيانات رمى فيها الكل التهمة على الآخر فذكر رئيس الفيصلي أن رئيس نادي الشباب خالد البلطان لا يريد اللاعب من أجل الشباب وإنما من أجل إضعاف الفيصلي أمام منافسه على الهبوط إلى دوري الدرجة الأولى فريق الحزم والذي يرأس هيئة شرفييه البلطان نفسه!.

بل وزاد على ذلك بأن الشباب خطف مدرب الفيصلي من قبل, وكان مدرب الفيصلي خوسيه موريس قد اعتذر عن إكمال المهمة مع الفريق واتجه بعدها مباشرة إلى فريق الشباب.

ورد البلطان بأن كل ما تفوه به رئيس الفيصلي محض هراء وأنه أتى باللاعب للشباب لأنه يحتاجه وكذلك فعل مع المدرب. وعلى الرغم من أن توصيات الإجتماع الذي تم بين نائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ورؤساء الأندية قبل أيام قد نصت في واحدة منها على عدم استخدام البيانات وتأجيج الجماهير الرياضية إلا أن البيانات حضرت من جديد وكأن quot;توصيةquot; نائب رئيس الاتحاد لم تك.

منصور البلوي رئيس نادي الإتحاد السعودي
وعلى الرغم أيضاً من حدة البيانات إلا أن هذه quot;المزايدةquot; كانت الأقل زخماً وصدى على جميع المستويات مقارنة بما سبقها من مزايدات ويعود ذلك الأمر لسببين رئيسين أولهما أن الناديين لا يمتلكان إعلاماً قويا كالهلال والإتحاد والنصر والأهلي مثلاً وليس لهما امتداد جماهيري كما هو الحال للأربعة الكبار والسبب الثاني يتمحور في أن اللاعب الـquot;مزايدquot; عليه هذه المرة ليس نجماً مهماً في الكرة السعودية بل وحتى في ناديه السابق.

حكاية المزايدات الرياضية وquot;حراجquot; اللاعبين بدأت منذ أن وقع حارس الهلال حسن العتيبي لنادي النصر دون علم ناديه الهلال بعد أن انتهى عقده وهو ما أغضب الهلاليين كثيراً حتى أنهم استرجعوه بعد أن دفعوا له ضعف مبلغ النصر في مقابل التوقيع للهلال وهو ما يعني أن يصبح اللاعب نظامياً في وضع خاطئ بتوقيعه لناديين وبالتالي يوقف اللاعب لمدة 3 أشهر ويعاد إلى ناديه الأصلي مع استرجاع ما دفعه الطرف الثاني وذلك بالضبط ما سعىإليه الهلال.

ثم تكرر الأمر على نحو مختلف في قضية انتقال حارس مرمى المنتخب السعودي وفريق الطائي محمد الدعيع للهلال وكان النصر يسعى إلى ضمه لصفوف فريقهم المشارك في كأس العالم للأندية العام 1999 التي أقيمت في البرازيل وحينها وافق الطائي وكان اللاعب على وشك الانتقال حتى تدخل الهلال وضاعف المبلغ حتى 5 ملايين ريال وهو الأمر الذي دفع النصر للانسحاب من الصفقة لعدم تمكنه من زيادة المبلغ وذلك بسبب تحضيراته وتعاقداته الكثيرة للبطولة العالمية, عندها تفجرت الحرب الإعلامية بين الناديين واتهم النصراويون إدارة الهلال بأنهم يحاولون إفشال مشاركة النصر العالمية إلا أن إدارة الهلال ردت بأنها على استعداد لإعارة الدعيع وغيره من لاعبي الهلال للنصر للمشاركة في هذه البطولة وهو الأمر الذي تحفظ علية النصر.

تكرر الأمر بعد ذلك بفترة وجيزة ووقع مهاجم الهلال فهد الغشيان لنادي النصر دون علم ناديه

محمد خوجه حارس نادي الشباب والمنتخب السعودي
لكن هذه المرة لم يستطع الهلال إعادة اللاعب وأعلنت إدارة الهلال بأنها لا تحتاجه في مقبل المواعيد بعد هبوط مستواه. وعادت الأمور إلى التوتر بعد ذلك بعام عندما فاوض الهلال والنصر المهاجم الكويتي بشار عبدالله الذي أعطى موافقته للنصر الذي كان أكثر جدية في المفاوضات وذهب مندوب النصر للكويت لتوقيع العقد ولكنه تفاجأ بمندوب الهلال وهو يوقع العقد مع بشار دون أن يستوعب ما جرى وكيف.

كل هذه الأمور جعلت من الهلال quot;بعبعاًquot; لا يمكن مجابهته في سوق انتقالات اللاعبين المحلية حتى ترأس منصور البلوي نادي الإتحاد وانقلبت المعادلة تماماً وأصبح الهلال ضعيفاً حتى في جلب اللاعبين الأجانب وتأزمت أوضاع الهلال أكثر بأن أصبحت الأندية الأخرى غير الاتحاد تتفق ضمنياً ضد الهلال وتحقق هذا الاتفاق على أرض الواقع في أكثر من مشهد كان آخرها(على المستوى المحلي) العام الماضي عندما عرض نادي ( أحد) حارس مرماه محمد خوجه على قائمة الانتقال وتقدم الهلال بطلب ضمه لكن الاتحاد تدخل فور علمه بعرض الهلال وهو ما جعل الأخير ينسحب ليأتي الشباب من الخلف ويضمه إلى صفوفه بمبلغ زهيد كان يمكن أن يتضاعف كثيراً لو ظل الهلال طرفاً في العملية.

وحدث الأمر بشكل مشابه مع مدافع الاتفاق أحمد البحري إلا أن الهلال هذه المرة لم يترك مجالاً للكثير من التفاوض والتدخلات وقدم عرضاً للنادي واللاعب وطلب فيه من الاتفاق الموافقة أو الرفض دون أي مزايدات وحينها تدخل الاتحاد مرة أخرى ورفع المبلغ وانسحب الهلال ولم يستمر الاتحاد في مفاوضاته حتى بقي اللاعب منذ عام على لائحة الانتقال ودون أن ينتقل أو حتى يلعب لناديه.

أما عن أطرف مزايدة تمت فقد كان أطرافها 5 أندية من ضمنها الأربعة الكبار!!

وبدأت عندما رفض حارس فريق الرياض خالد راضي التجديد وفضل الانتقال وطلب عرضه على لائحة الانتقال وعندها تقدم الأهلي بعرض رسمي لضم الحارس ووافق الرياض إلا أن اللاعب طار إلى جدة بعد أن أبدى له الاتحاديون رغبتهم في ضمه وهو الأمر الذي دفع الأهلي للانسحاب من الصفقة تماماً وفشل انتقال اللاعب للاتحاد بسبب عدم جديتهم وظل الحارس معلقاً حتى الموسم الماضي, وعندها طلب الهلال من اللاعب الحضور للوقوف على مستواه تمهيداً لضمه وهو ما تحقق في نهاية الأمر ووقع للهلال بانتظار فترة تسجيل المحترفين ليشارك رسمياً إلا أن الموضوع كان لابد وأن يتغير حين وقع خالد راضي للنصر!!

الأمير محمد بن فيصل رئيس الهلال
وهنا عادت قضية الحارس حسن العتيبي نفسها وطبق بحق خالد راضي تماماً ما طبق بحق الأول وعاد اللاعب إلى ناديه الأصلي الرياض قبل أن يوقع مرة أخرى للنصر بعد أن تنازل الهلال عن مستحقاته. واصطدم الهلال بالاتحاد مرة أخرى ولكن هذه المرة في باريس حيث جواد الزايري الذي وقع للهلال مبدئياً بمبلغ 400ألف دولار ضاعفها رئيس الاتحاد إلى مليون و200 ألف يورو لينجح في ضمه.

ولكن المزايدة الأبرز و الزلزال الكبير كانت صفقة انتقال المهاجم ياسر القحطاني من القادسية للهلال إذ امتدت لأكثر من شهرين وهي quot;تفوحquot; إعلامياً, صباحاً مقروءة ومساء على القنوات الرياضية وامتدت المفاوضات جغرافياً أيضاً حتى وصلت لأرض الكنانة حيث القاهرة وفي التفاصيل أن الهلال تقدم بعرض رسمي يبلغ 8 ملايين ريال لضم القحطاني وعندها تقدم الاتحاد بعرض عقد تبلغ قيمته 10 ملايين, هنا وكما نشرت الوثائق في الصحف خاطب رئيس الهلال نظيره في الاتحاد وطلب منه عدم المزايدة والاكتفاء بما قدم من الناديين وترك الأمر للاعب إلا أن الاتحاد ضاعف المبلغ إلى 18 مليون ريال قابلها الهلال بالمثل وعندها اختار اللاعب التوقيع للهلال وبرر ذلك بحبه وحلمه اللعب للهلال منذ صغره وأبدى احترامه للاتحاديين وشكرهم على اهتمامهم به وقال القحطاني إنه إذا لم ينتقل للهلال فسيبقى في القادسية

وتوقع الجميع أن الموضوع انتهى حتى تفاجأ الجميع برئيس الاتحاد منصور البلوي يرفع المبلغ إلى 45 مليون ريال نصفها عقود إعلانية وصيانة ملاعب وكان الهدف منها واضحاً تماماً وهو حمل اللاعب على البقاء في ناديه وعدم ذهابه للهلال و وضعه في موقف المحرج أمام إدارة ناديه وأمام الشارع الرياضي السعودي وهو الأمر الذي تحقق بأن حاولت إدارة القادسية إرغامه على الذهاب إلى الاتحاد إلا أن اللاعب رفض وأعلن بوضوح الهلال أو الاعتزال حتى انتقل للهلال بقيمة إجمالية وصلت إلى30 مليون ريال في صفقة كانت آخر فصولها عندما قال البلوي في تصريح له quot; في صفقة القحطاني حققت ما أريد quot;.

وبين هذه وتلك حدث الكثير والكثير تحت الطاولة وفوقها ولكنها كانت كلها كفيلة لتبين لنا بجلاء كيف هي العقلية الاحترافية في الأندية السعودية وكيف تبدو الأمور عن قرب, ولا يبدو في الأمر انفراج فعقول الإداريين حبلى بالأفكار التي تخرج quot;غالباquot; مشوهة و تستحق فعلاً القتل الرحيم.

صورة مركبة لعدد من اللاعبين الذين دارت حولهم المزايدات