الأمل معقود على .. (الأمل)!
عـلي ريـاح


علي رياح
أكثر ما يدهشك فرحاً وسروراً في الشخصية العراقية أنها تتمسك بعرى الأمل ، وتتعاطى بنهم مع التفاؤل ، وتستطيع أن تتناسى ما تشاء من الذكريات القاتلة ، وتتسامى فوق أي جرح مهما كان طال نزفه .. قد تهبط موجة الأمل في حساب أي عراقي إزاء قضية أو مسألة أو إشكالية ، ولكن هذه الموجة المنحسرة سرعان ما تعود لترتفع وتغمر كل ما حولها ..

ولا يضير أبداً أن نتفاءل ، ولكن بحساب ، خصوصا حين يتعلق الأمر بعملية فنية تستند كثيرا إلى الأرقام والمعطيات والدلالات كما هو الحال بالنسبة لتجهيز المنتخب العراقي بطل آسيا للجولة الثانية من التصفيات المؤهلة إلى مونديال 2010 .. ذلك أن إظهار القدر الكبير من المفردات المتفائلة لا يضير أبدا ، لكن الصورة الوردية ستكتمل الملامح حين تقترن بحساب ما لنا وما علينا في كل يوم من التحضير وصولا إلى مباراتنا المرتقبة أمام الصين وما يليها ، في مجموعة هي الأصعب بين سواها من المجموعات الآسيوية ..

وأتصور أن وجود عشرة لاعبين أو حتى اثني عشر لاعبا من أصل ستة وعشرين لاعبا استدعاهم المدرب ايغل أولسن في أول وحدة تدريبية للمنتخب في الإمارات ، أمر يثير تساؤلات لا تنتهي عن طبيعة العلاقة (الإدارية) التي تربط الكثير من لاعبينا المحترفين في الخارج بعملية إعداد المنتخب لمقتضيات المشاركة الرسمية ، وهذا التساؤل يحيلنا إلى تلك العقود التي وقعوها ومضامين تلك العقود وما إذا كانت تسمح لمدرب المنتخب العراقي بمرونة الاستفادة من خدماتهم في الفترات التي يحددها ، ناهيك عن قدرة إتحاد الكرة على تأمين وصول اللاعب إلى المكان المناسب للإعداد في الوقت الذي يحدده المدرب ..

هل يرى بعضنا أن في هذه التساؤلات ما يقفز فوق الظرف الذي يعيشه اللاعب العرقي في الداخل أو الخارج ؟

ثمة من يرى ذلك ، ولكننا بالضرورة لا نتفق معه .. فاللاعبون الذين التحقوا بالمنتخب في أول وحدة تدريبية يسري عليهم ما يسري على غيرهم ، ولكنهم ربما وجدوا الأرضية الممهدة لذهابهم إلى الإمارات كي يكونوا ضمن نصاب الوحدة التدريبية الأولى ، وتبقى لدينا النسبة الأكبر من اللاعبين الذين التحقوا في ما بعد على مراحل أو وجبات ، وهؤلاء يستحقون أن يستنفر إتحاد الكرة كل جهوده المحلية والإقليمية كي يجعلهم تحت تصرف المدرب في هذه الفاصلة الزمنية القصيرة التي تسبق لقاءنا التجريبي مع الأردن ، ثم التوجه نحو مباراتنا مع الصين بكل الأسلحة المتاحة ..

وللأمانة ، أشير إلى أننا لم نجد لاعبا محترفا واحدا في التوليفة لا يريد أن يكون مع المنتخب في الموعد .. كلهم يتحرّقون شوقا للانخراط في مسيرة نتمنى أن تتواصل حتى جنوب أفريقيا ، ولكن المهم ألا نهمل هذه الرغبة لدى لاعبينا ، وأن نعمل من أجل ألا تبرد همتهم في خوض التدريبات ومن بعدها المباريات !

ليست هذه المرة الأولى التي نجد فيها لاعبينا وهو يلتحقون بمعسكر المنتخب على دفعات وهو ما يعرقل كثيرا تصورات المدرب .. وعلينا أن نجعلها المرة الأخيرة ، من أجل ألا يأتي اليوم الذي نلقي فيه بتبعة الإخفاق ـ لا سمح الله ـ على كواهل اللاعبين وحدهم ، بعد أن نستنفد كل ما لدينا من رصيد الأمل (المزمن) عليهم في لحظات حرجة لا ينفع معها سوى حساب الهدف والنقطة في هذه المجموعة النارية بمسالكها العسيرة!

دعونا نفتح كل منافذ الأمل بصبغته العراقية المعهودة .. شريطة ألا نهمل العمل الجدي المدروس بكل مقتضياته ..