ما زالت تداعيات أحداث مباراتي مصر والجزائر تشتعل وتتعالى ألسنة اللهب منها، وثمة فورات اخرى تتصاعد يومًا بعد يوم، وربما قد اختلفت وجهات النظر فيما حدث، وإذ إنَّ الامر تطور وانتشر واتسع ليصل إلى كل مكان في الوطن العربي وتمت متابعته بكثير من الاهتمام والحرص بعدأن أخذت الأمور تنحى منحى خطرًا، كما وصف من قبل الكثيرين في كل مكان في البلاد العربية.

عبدالجبار العتابي من بغداد : كانت للعراقيين متابعاتهم للحدث مثلما تكوّنت لهم وجهات نظر مختلفة طبعًا، على الرغم من الروح الحيادية التي تمسّكوا بها خلال اقامة المباراتين وكانت تمنياتهم الواضحة أن يقدم المنتخبان مباراة كبيرة ويتأهل منهما الفريق الافضل، ومن هنا ذهبنا في قراءة تلك الاراءالمدرب والتدريسي في كلية التربية الرياضية بجامعة بغداد الدكتور صالح راضي تناول الموضوع من جانبه النفسي والعلمي فقال: في بعض الاحيان تكون هناك عملية تحويل الجوانب السلبية التي يعاني منها الطرف الذي تعرض للخسارة، اي اسقاط الفشل عنه وتحويل ذلك الى اساءة للخصم، وذلك لم نكن نتمناه ان يحدث في كرة القدم خاصة بين دولتين كبيرتين كمصر والجزائر وهما يعلمان ان من يمارس عليه ان يتميز بالروح الرياضية العالية ، وكرة القدم فيها فوز وخسارة ، ولكن يبدو ان الخطأ الكبير الذي وقع به المصريون انهم ذهبوا الى المباراة وكأنهم متأهلين الى المونديال ، ولهذا فإنَّ خسارتهم المباراة سببت صدمة كبيرة لهم وللجماهير وللمسؤولين في مصر .

quot;مصر
مصر x الجزائر :المعركة مستمرة

واضاف: ان الطرفين المصري والجزائري يتحملان مسؤولية المشكلة التي حدثت لأنَّ وصول الامور الى هكذا مستوى من التأزم لا يخدم الطرفين ، ولهذا فإن الحل يتمثل بأن يعتذر المصريون للجزائريين بأسلوب دبلوماسي ، وكذلك يفعل الجزائريون، لان الاسمين اكبر من كل ما حدث والرياضة هدفها التقارب وليس التشتت .

اما اللاعب الدولي السابق ومدرب نادي دهوك باسم قاسم فقال : لا يختلف اثنان ان الرياضة توحد ولا تفرق خاصة اذا كان الطرفان المتباريان مثل الفريقين المصري والجزائري لما لهما من تاريخ كبير في كرة القدم ، ولكن يبدو ان هذه المباراة طغى عليها الشد ولعب الاعلام عبر مواقع الانترنت التي تتميز بحرية اكبر في الطرح ونقل الافكار في اشعال الشرارة الاولى التي انطلق بعدها حريق التشنج ليمتد نحو الاعلام الملتزم ومن ثم الى شخصيات معروفة اخذت تدلو بدلوها عبر وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وتصاعدت وتائرها بعد المباراة .

واضاف : وان كنا نهنيء المنتخب الجزائري بالتأهل الى المونديال فأننا نطالب العقلاء ان يحتكموا الى لغة المنطق في تسوية الامور بالشكل الذي يعيد الامور الى حالتها الطبيعية ، وفي الوقت نفسه ان يتحمل الجميع مسؤولية ما حدث سواء من الجانب المصري او الجزائري ، فالمصلحة العربية فوق كل مصلحة .


اما الزميل إياد الصالحي ndash; مدير تحرير الشؤون الرياضية - جريدة المدى العراقية فقال :حقيقة ان ردة الفعل المصرية بين الأوساط الشعبية في القاهرة وبقية المدن على خسارة منتخبها بطاقة التأهل الى المونديال كانت بحاجة الى تدخل عاجل وخطاب معتدل لترويض النفوس الغاضبة لاسيما ان الجمهور المصري كان يرى في جيل ابو تريكة والحضري والكابتن حسن قمة النضوج بعد مشوار طويل في الملاعب يؤهلهم لولوج مونديال جنوب افريقيا (مكافأة) الخدمة ثم طي صفحة الملاعب بعدها ، لكن الصدمة في ام درمان بخرت كل الاحلام ، وفي الطرف الآخر وجد بعض المشجعين الجزائريين المتعصبين فوز منتخبهم دافعاً للثأر ، وفلتت من افواههم عبارات لا تليق بنا كعرب برغم ان بعض الاعلاميين في الجزائر كان دورهم مهنياً عندما ناشدوا من انحرف عن جادة الاعلام النظيف ليكفوا عن بث سمومهم في رئة الرياضة النقية بين البلدين.

واضاف : نعم ، المنحرفون لا يتورعون من اجل تمرير غايات نفسية في ظروف تحتاج الى التهدئة واتخاذ مبادئ الحكمة والتعقل عندما وصل قارب الأزمة الى ضفة خطيرة لحرق سفن العلاقة الوطيدة بين الشعبين الأصيلين المصري والجزائري ، وارى ان الصحفي في جميع شؤون العمل الاعلامي يجب ان يكون على الحياد سواء يكتب في المجال الرياضي أم السياسي أم الاقتصادي لانه ليس طرفا في ازمة ما ، بل ناقل للحقيقة ومحلل لنتائجها في التقارير او الاخبار او التحقيقات ، فكيف بمن لا يفقه بضوابط وحدود الإعلام ويمتطي صهوة التهور؟

اتمنى ان يكون سيناريو ام درمان ذكرى للاتعاظ نتوقف عندها للحظات ، نوقد شمعة توحيد الخطاب العربي الكروي بما ينسجم مع مفهوم الرياضة كرسالة انسانية في حد ذاتها تنطوي على رموز وجدانية في منافسات شريفة علينا مواصلة تثقيف الشعوب عن مضامينها السامية في المجال الذي نكتب فيه.

لقطة من مباراة مصر والجزائر الأخيرة اما القاص والاعلامي فؤاد العبودي فقال : المعروف عن المصريين انهم (حنابلة) في حب كرة القدم ، وانحيازهم يكاد يقلب المنضدة على الخصم مع ان اية نتيجة لمباراة كرة قدم لا بد ان تحمل سمة الروح الرياضية سواء كانت النتيجة سلبًا او ايجابًا، المصريون لا يعرفون هذا التقليد تمامًا بدليل ما نشاهده في خصومة مشجعي الزمالك والاهلي وهما فريقان محليان يخصان مصر لوحدها في الدوري ، الا ان التشنج والخروج عن المألوف يصل الى اهم الشخصيات ، فترى احد الفنانين الذي ينظر اليه الناس (ملائكيا) يخرج عن طوره ويصرخ، وربما يشتم، وهذا ما حدث خلال مباراة الجزائر ومصر ، لذلك ليس غريبًا ان تصل الامور الى ما وصلت اليه في المباراة وانعكاساتها السياسية وتداعياتها الخطرة على اسلوب التعامل مع النتائج الكروية

واضاف : من حق المرء تشجيع فريق بلاده ولكن ضمن مجريات اللعب في المستطيل الاخضر بشرط ان لا يتعدى ذلك التشجيع استعمال القناني لضرب مشجعي الفريق الخصم او توجيه الاهانات للاعبيه ، لان هذا الاسلوب يتنافى بالتأكيد مع تقاليد الروح الرياضية .

اما الصحفي الرياضي امير ابراهيم فقال : من المؤسف ان تتحول الافكار والاراء ووجهات النظر من الطرفين الشقيقين الى حرب كلامية وكأن الدنيا قامت ولم تقعد خاصة من جانب الاشقاء المصريين الذين لم يستسيغوا فكرة الخسارة كخسارة بل انهم تعاملوا معها على انها اهانة كبيرة تعرضوا لها وكأنه لم يمر بكل تاريخ المنتخب المصري الى خسارة مثل هذه ، والحقيقة هي انهم صدموا بالحقيقة بعد ان كانوا غارقين بالاوهام التي منحها لهم الفوز بهدفين في المباراة التي جرت في القاهرة والتي ظروفها لا تشبه ظروف المباراة الحاسمة التي جرت في السودان متناسين في الوقت ذاته ان المنتخب الجزائري له شخصيته الكروية المعروفة على الاصعدة كافة .

واضاف : للاسف الشديد نقول ايضًا ان ما حدث ليس بجديد على الساحة الكروية العربية وهناك العديد من الذكريات غير الجميلة ، ولكننا نأمل ان تكون هنالك جلسة حوار بين الجانبين المصري والجزائري ووضع النقاط على الحروف والتعامل مع الامور بروح رياضية عالية اخذين بنظر الاعتبار ان الحرب الكلامية ما هي الا بابًا ينفذ منه اعداء العرب سعيا الى زيادة الفرقة والتناحر وخلق ازمات نحن في غنى عنها .

وقال الشاعر امين جياد : كان فوز الفريق الجزائري على الفريق المصري بجدارة واستحقاق عاليين ، وهذا ما اثار حفيظة المنتخب المصري ومشجعيه الذين تمادوا كثيرا عبر وسائل اعلامهم على الجزائر كدولة، ولا ادري لماذا انجرت وراء ذلك اتحادات ادبية وفنية وثقافية، ومن الغريب ان نسمع عن مقاطعات للجزائر في الامور الفنية، بل وصل الامر الى اعلى المستويات حين قال الرئيس المصري انه لايسمح لاحد بالتجاوز على كرامة المصريين، وهذا يدلل على مدى انجرار رئيس دولة وراء لعبة كرة قدم بين فريقين عربيين ، مما اجج الوضع واخذ مداه السياسي قبل الرياضي ، وشمل ذلك تصريحات لمسؤوليين مصريين طالبوا بمحاسبة السياسيين الجزائريين وكأنهم لا يعرفون خطورة الامر ، حتى ان بعضهم وصف الحالة هذه وكأنها حرب بين دولتين .

وقال الزميل الصحفي باسم حبس : الاعلام المصري والجزائري يتحمل سبب الازمة الدبلوماسية المصرية الجزائرية وتوتر العلاقات بين ابناء الشعبين ، واجزم وبلا ادنى شك بان الاعلام المصري والجزائري يقف وراء ماجرى من توتر دبلوماسي وشعبي بين الجزائر ومصر ،فقد انتقلت حمى التصعيد الاعلامي من الصحافة والشاشة والصوت الى اليافطات المختلفة التي ابتكرها المشجعون بشكل يدعو الى الاستغراب ونفس الوقت الى الاستفزاز لكلا الطرفين وجاء ذلك الامر بسبب النقد الخاطىء والمنفلت لوسائل الاعلام المصرية والجزائرية التي دفع ثمنها ابناء الشعبين ودبلوماسي البلدين،عموما ماحدث يدعو الى الاسف ولم نكن نتوقع ان تصل الامور الى طلب الرئيس مبارك من الرئيس بو تفليقة الاعتذار العلني عما بدر من المشجعين الجزائريين ،وهذا الامر فيه غرابة كبيرة كون شرارة الانفلات انطلقت من مصر والدليل تعرض لاعبي الجزائر وهم في حافلتهم الى الضرب بالحجارة من مشجعين مصريين.

واضاف : على كل حال نتمنى من ابناء الشعبين المصري والجزائري وساستهم التروي ونسيان ماجرى لانهم اشقاء وعرب قبل اي شيء اخر جرى على الساحة الخضراء التي تلونت بدماء ابرياء الشعبين بعد حرق اعصاب ملايين الجماهير قبل نهاية حلم التاهل الى افريقيا 2010

اما الكاتب السياسي عبد الامير العبودي فقال : حين انتهت المباراتان الاخيراتان بين مصر والجزائر كنا نتوقع ان يسكت الاعلام المصري ولا ينبس ببنت شفة ، اولا لما حصل في القاهرة حين استقبلت جماهير العروبة والقومية في مصر الاخوة الجزائريين بالحجر والمدر وبالتهديد والوعيد ، وكأن الوفد الجزائري لم يقرأ قبل قليل لافتة بطول عشرة امتار في مطار القاهرة تقول (ادخلوها بسلام آمنين) ، فلم يهنأ لاعبو الجزائر بلحظة امن واحدة حتى وهم محاطون بالدرك والجند المدججين بالسلاح كأنهم في معركة او قبيل هجوم (.......) ، وحصل ما حصل واخذ المصريون النقاط الثلاثة وبفارق هدفين في المباراة ، بعد ذلك كيف يتوقع المصريون من الجزائريين ان يعاملونهم ؟ هل بأخلاق الانبياء ، فلا اعتراض ولا صوت ولا ...

واضاف : ما قام به الجزائريون كان نتيجة طبيعية لفعل قام به المصريون (والباديء اظلم) ، كما ان الجزائريين لم يرشقوا المنتخب المصري بـ (الطوب) ، كل ما قام به الجزائريون انهم تصرفوا برجولة كاملة اوقفت المد (الفرعوني) المستهتر وطاروا الى جنوب افريقيا .. وماذا بعد ؟ ان يتدخل الرئيس ومجلس الوزراء والسفراء ووكلاء الوزارات والمدراء العامون والفنانون و..... (كأن الدنيا انقلبت) ، خسرت مصر ، فلتخسر مصر ، ولتفوز الجزائر ، لان الجزائر بلد عربي شقيق ، اما نستحي من (عبد الناصر) ، ماذا نقول له يوم يتجمع العرب هناك (عند رب العرب) ، المصريون ما زالوا يعتقدون ان مصر ام الدنيا والناس سمسم وان منتخبهم الاصلح للذهاب الى كأس العالم ، اصلح الله النفسية المصرية بالتواضع .