الدوري بنظام .. quot;أي كلامquot;!
علي رياح
حين كانت الكرة العراقية تعيش سنوات الانضباط التنظيمي في ظل ظروف حياتية وأمنية مستقرة ، وحين كانت أندية مثل الزوراء والشرطة والجوية والطلبة والميناء ثم النجف تفرض كلمتها في المسابقات المحلية المختلفة ، كان لدينا الكثير من الأندية الأخرى التي تتمتع بالقدرة على المنافسة وعلى إحداث التوازن في مسابقة مهمة كالدوري العام .. ولم تكن هنالك هوة واسعة في المستويات ، لا بل انك تجد في مباريات عدة أن ما نسميه بالتصنيف الفني للأندية قد تضاءل .. وكان كل ذلك ميزة تمنح الدوري أسباب الإثارة .. أما السبب الأهم الذي كان يقف وراء نجاح المسابقة ، فهو الاقتصار غالبا على عدد يكاد يكون ثابتا للفرق المشاركة مع إتاحة إمكانية الهبوط إلى الدرجة الثانية لفريقين في معظم المواسم على أن يمنح فريقان آخران فرصة الصعود بدلا منهما إلى دوري الأضواء ..
هذا ما نسميه الاستقرار الذي يوفر مناخ التخطيط للمستقبل من دون أن تتسلل الأهواء والرغبات وquot;الصفقاتquot; الانتخابية إلى حساب كهذا لتجعل كل موسم حكاية لوحده بسبب هذا التناقض في الطريقة التي يتم فيها تنظيم الدوري أو التباين في عدد الأندية التي تخوض مبارياته ابتداء مما أصبحنا تطلق عليه quot;دوري التأهيلquot; وصولا إلى quot;دوري النخبةquot; أو quot;الدوري الممتازquot;!
في الماضي كان الخلاف يدور حول زيادة عدد أندية الدوري من 12 إلى 14 ناديا ، واليوم يفتح اتحاد كرة القدم باب المشاركة على مصراعيه ، لنصل إلى الرقم (43) ناديا وهو اغرب ما يمكن أن نقدمه من أرقام إلى العالم الكروي من حولنا .. هل نحن أكثر تطورا من الأسبان الذين اعتمدوا 20 ناديا للدوري منذ عشرات السنين ؟ وهل نجادل الطليان والانكليز في تثبيت عدد مماثل ، أم أننا أكثر نضجا من الألمان الذين اعتمدوا 18 ناديا في السنوات الأربعين الأخيرة ثم لم يحيدوا عنه؟!
أصحاب الرد الوحيد على وجهة نظرنا ، سيتذرعون بالوضع العام في البلد وهو ما يحتم رفع عدد الأندية وتقسيمه إلى سبع مجموعات .. والرد على هذا الرد يتمثل في القول إن سياسة اتحاد الكرة ليست واضحة لأنها مبنية على أساس زمني موسمي يتغير باستمرار ، وهذه السياسة لن تتيح لنا أية محاولة لتثبيت عدد أندية الدوري العام أسوة بكل دول العالم ..
وإذا كنا قد قبلنا أن يطبق الاتحاد سياسة توسيع رقعة المشاركة قبل أربع سنوات حين كان الوسط الكروي يجمع شتاته ، فان ذلك لا يليق بنا بعد أن تم تنظيم الدوري كل هذه السنوات وأبدت الأندية ـ برغم كل العراقيل الأمنية والمالية ـ قدرتها على الإيفاء بأقصى ما تستطيع من التزامات ، فهل إن إقامة الدوري بمشاركة أربعة عشر ناديا ولمرحلتين أكثر تكلفة من إقامة الدوري بمشاركة 43 ناديا ويستهلك تسعة أشهر كاملة ، وهو ما حدث في الموسم الماضي؟!
السؤال يحيلنا إلى quot;دوافعquot; أخرى غير فنية يراعيها الاتحاد بتنظيم الدوري بهذا الشكل العائم الغريب الذي لا يرفع المستوى ، ولا يقلل التكلفة ، ولا يتيح لنا فرصة مشاهدة مباريات قوية .. أهم هذه الدوافع توجه الاتحاد نحو quot;استرضاءquot; أكبر عدد من الأندية ، واستيعاب أصواتها وطموحاتها .. كل ذلك يتم لأغراض دعائية انتخابية فجّة ومعروفة للجميع .. أما مستوى اللعبة في البلد .. أما مستوى مباريات الدوري .. أما التطور الحقيقي لإمكانيات الأندية واللاعبين وللمنتخبات ، فلا بأس من التضحية بكل هذا ما دام الدوري بنظام quot;أي كلام quot; يحقق غايات ضيقة لعدد محدود من القائمين على شؤون اللعبة!
التعليقات