أحمد عايض من جدة : بعد مونديال كأس العالم 1994 في أميركا تلقى العديد من اللاعبين السعوديين عروضًا إحترافية بالجملة من سماسرة الدوريات الأوروبية واللاتينية بعد المستويات الرائعة التي قدمها الجيل الأول من السفراء الخضر، ولكن الأمير الراحل فيصل بن فهد كان يرى أن اللاعب السعوديغير مهيّأ بشكل كامل للاحتراف الخارجي على اعتبار أن الإحتراف حينها لم يبدأ محليًا سوى قبل كأس العالم بثلاث سنوات فقط. وظل سعيد العويران وفؤاد أنور ومحمد الدعيع وسامي الجابر وفهد المهلل سنوات في الدوري السعودي ولم يقدم الأخضر في مونديال فرنسا 98 ما يشفع لهم بالاحتراف الخارجي، وبعد أن هدأت وتيرة وحدة غضب الشارع السعودي بعد خروج منتخب بلادها من التصفيات النهائية المؤهلة لنهائيات مونديال 2010 والتي ستقام الصيف المقبل في جنوب أفريقيا، بعد أن بعثر المنتخب البحريني فرحة أنصار وصناع القرار في الرياضة السعودية في الثواني الأخيرة من الوقت بدل الضائع في المباراة التي جمعت المنتخبين في مباراة الرد في على أرض ووسط الجماهير السعودية في إستاد الملك فهد الدولي في الرياض.
وعلى الرغم من توالي الأحداث السعودية خلال الفترة الماضية إلا أن السعوديّين ذهبوا يفنّدون الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى إخفاق المنتخب في الحلم المنتظر والذي ظل ملازمه طوال 16 عامًا، بدءًا من مونديال أميركا 94، والذي وضع المنتخب السعودي على عتبة الشهرة العالمية خصوصًا بعد أن قدم عروضًا فنيّة مذهلة وتأهله إلى دور الـ 16.
ولعل نقادًا كثيرين علقوا على خروج المنتخب بأسباب عدة منهم من ألقى اللوم على اللاعبين، ومنهم من ألقى اللوم على الجهازين الفني والإداري، ومنهم من ألقى اللوم على القيادة الرياضية في تساهلها مع اللاعبين، خصوصًا أنّ اللاعبين أنفسهم الذين قدموا واحدة من أجمل مباريات المنتخب خلال السنوات الأخيرة خصوصًا في مقابلتهم في مباراة الإياب في التصفيات النهائية في المقابلة التي حضرها أكثر من 120 ألف متفرج إيراني إلى جانب رئيس بلادهم أحمدي نجاد.
وأكد الكثير من خبراء الرياضة أن ثقافة الاحتراف عند اللاعب السعودي كانت السبب الحقيقي في هذا الخروج المر على يد المنتخب البحريني بيد أن المنتخب لم يقدم المستويات الفنية التي تجعله يستحق التأهل إلى مونديال جنوب أفريقيا في نسختها المقبلة.
فالخبراء رموا ذلك إلى أن احتراف اللاعب السعودي خدم اللاعب أكثر من الأندية أو المنتخب بدليل عدم وجود تجربة سعودية احترافية حقيقية خارج الدوري السعودي، باستثناء تجارب لم يكتب لها النجاح بدءًا من فؤاد أنور في الدوري الصيني وسامي الجابر في الدوري الانكليزي، ونايف القاضي وأحمد الدوخي في الدوري القطري، وحسين عبدالغني في نيوشاتل السويسري، الذي خاض موسما واحدا من أصل عقده الذي يمتد إلى ثلاثة مواسم، لكن ما لبث أن عاد إلى الدوري السعودي من خلال تعاقد نادي النصر معه.
ويؤكد النقاد أن المنتخب السعودي حقق الإنجازات الذهبية للكرة السعودية على مستوى الاستحقاق الآسيوي الأبرز للمنتخب ومن خلال مشاركة المنتخب الذهبية في مونديال أميركا 94، تلك الانجازات تحققت من دون دخول الاحتراف إلى الملاعب السعودية.
وفي ما تلا عام 1994م، كان انحدار واضح لمشاركات المنتخب في نهائيات مونديال فرنسا 98، ومونديال كوريا واليابان 2002، ومونديال المانيا 2006 والتي لحقت بالمنتخب فضيحة عالمية على يد منتخب المانيا لا يمكن للتاريخ أن يعدلها او يمسحها، وجاءت الكارثة المتوقعة إلى خروجه من التصفيات المؤهلة لنهائيات جنوب افريقيا2010.
وفي تلك الحقبة من عام 1994، إلى 2009، كانت الكرة السعودية في انحدار بدليل تدني مشاركات المنتخب في ظل الاستحقاقات الخليجية ( كأس الخليج للمنتخب).
ثم تدني مستوياته في مشاركات المنتخب في كأس آسيا بعد تتويج الأخضر السعودي بآخر لقب عام 2006 في دولة الإمارات، ثم غابت الفرحة السعودية الآسيوية بعد ذلك إلى أن يشاء الله أن تشرق شمس المنتخب في استحقاق مقبل منتظر.
وكان المحللون الرياضيون والشارع السعودي يأملون في أن يتطور المستوى الفني للاعب السعودي بعد الشروع في نظام الاحتراف، خصوصا في ظل المستويات الفنية الراقية التي كان لاعبو المنتخب قدظهروا فيها أيام الثمانينات والتسعينات، على يد ماجد عبدالله وصالح خليفة، وصالح النعيمة وعبدالله الدعيع وبقية رفاقهم.
ويؤكد المحللون الرياضيون أن تجربة الاحتراف السعودي التي مضى عليها عقد ونيف لم تأتِ بثمارها المنشودة، إلا لمصلحة اللاعب من خلال توفير العقود الباهظة والرواتب العالية التي حدت من طموح اللاعب في احترافه الخارجي، في ظل قصور مفهوم الوعي الثقافي الاحترافي لدى اللاعب السعودي، حتى بات كثير منهم لا يرغب في الاحتراف الخارجي الأوروبي أو يظل في الدوري السعودي في ظل الزخم المادي والرفاهية التي يعيشها اللاعب السعودي، وبات متعاليًا على التجارب الاحترافية التي تطرق وده من أندية خارجية خارج نطاق أندية الاحتراف الأوروبي الشهيرة.
إلى جانب أمور أخرى في تنظيم المسابقات السعودية، وأنظمة العقوبات والجزاءات، وخروج أمور كثيرة عن النص في ظل جهل كثير من رؤساء الأندية وأعضاء الشرف عن الاحتراف الإداري، وتصريحات مخجلة وتسريب مكالمات فاضحة طالت صناع القرار وإعلاميين وأعضاء شرف وما إلى ذلك.
ويأمل النقاد في أن يعيد الاتحاد السعودي لكرة القدم، وهيئة الاحتراف السعودي لكرة القدم، ولجنة الاحتراف صياغة مفاهيم كثيرة، تخدم مصلحة اللاعب والنادي والمنتخب السعودي.
إلى جانب ميلاد أكاديميات تعنى بالنشء سواء من قبل الأندية وإلزامها بذلك أو من خلال الاتحاد السعودي لكرة القدم، على قرار أكاديمية النادي الأهلي لكرة القدم، وتفنيد اللوائح والنظم التي تخول بمنح مسمى أكاديمية في ظل انتشار أكاديميات محلية تحمل أسماء أندية عالمية وهي لا تمت لها بصلة، بل هي أشبه باستراحات يوجد فيها ملعب كرة قدم، فالمدارس الكروية تختلف نهائيا عن الأكاديميات التي ترسخ المفهوم الحقيقي للاحتراف، وأن يعي اللاعب السعودي المفهوم الحقيقي للاحتراف وتطبيقه للوائحه وأنظمته خصوصًا أنّه يتقاضى آلاف الدولارات كراتب، وعقودًا يسيل لها اللعاب.
ولعل ما يتمناه الشارع السعودي، أن يسارع صناع القرار في الرياضة السعودية إلى إيجاد حلول شافية ومنصفة تعيد للكرة السعودية هيبتها وأن تكون الكرة السعودية أسياد أسيا وأن يكون الدوري السعودي يستحق ترتيب الـ 16 على مستوى العالم.
فالكل يترقب الجديد من القرارات والتطورات التي تنهض بالرياضة السعودية وأن غدًا لغده لقريب.
التعليقات