لا تقلقوا على مونديال الشباب المصري
عزالدين الكلاوي
تحدوني الكثير من الثقة أن مونديال كأس العالم للشباب لكرة القدم الذي سينطلق في مصر 24 سبتمبر الجاري، سيسجل نجاحاً مدوياً، رغم بعض الهنات التي تعرض لها في المرحلة الأخيرة من الاستعداد، وأبرزها ضعف الترويج وقلة الاهتمام الإعلامي الذي أدي بدوره إلى غياب الشركات الراعية المحلية، وهذا الغياب ترتب على تأخر وضعف حملة الترويج التي كان لابد من انطلاقها مبكراً لتحقيق أهدافها التسويقية، بعيداً عن الخلط الذي حدث في تحقيق هدف التوعية الجماهيرية لشراء تذاكر المباريات، أو تحقيق الاهتمام الإعلامي الذي هو المفتاح السحري لإنجاح البطولة بكل أهدافها.
ولا أميل إلى البحث عن الشماعات ومسؤولية التقصير، والذي يصل بنا مباشرة إلى اللجنة المنظمة التي ركزت على الأمور اللوجستية مثل الملاعب والمنشآت، وتركت مسائل جوهرية كالتسويق والترويج واجتذاب وسائل الإعلام المحلية مبكراً، مما رسم صورة باهتة لا تليق بإلإعداد المحترم الذي تحقق فعلاً لبطولة هي الأكبر في تاريخ الرياضة والكرة المصرية.. لكنني أتساءل: لماذا تأخر صديقي المهندس هاني أبوريدة عضو اللجنة التنفيذية للفيفا ورئيس اللجنة المنظمة للبطولة حتي قبل انطلاق الحدث بـ3 أسابيع فقط، ليعلن عن شكواه وتذمره من مقاطعة الشركات المصرية الكبري الخاصة والحكومية لرعاية البطولة، ولديه الكثير من البدائل العالمية والعربية، كما أن لديه أوراق ضغط حكومية كبيرة قد تصل حتي القصر الجمهوري؟!
أعتقد أن هذه المشكلة ستجد حلولاً في اللحظة الأخيرة، كما أنني أثق بأن الزخم الإعلامي والجماهيري سيحدث بشكل تلقائي مع بدء العد التنازلي للبطولة التي تابعت -بتغطية مكثفة من الميدان- النسخ الثلاث الأخيرة الناجحة منها في الإمارات عام 2003 وهولندا عام 2005 وكندا عام 2007، وأستطيع القول إن حملة الترويج والتسويق في الإمارات كانت مبكرة جداً وناجحة ومتميزة، مما انعكس على نجاح تسويقي وتنظيمي وجماهيري للبطولة، أما في هولندا وكندا، فرغم النجاح في بيع حقوق الرعاية والتسويق، فإن الإحساس في الشارعين الهولندي والكندي بالبطولة كان ضعيفاً، لدرجة أنني كنت أفتش في شوارع مدينة كيركرادا جنوب هولندا التي شهدت حفل افتتاح البطولة ومباراتها الأولى بين هولندا واليابان، كنت أفتش عن أي أثر أو علامة أو يافطة تدل على أن هناك بطولة كأس عالم تقام في هذا البلد الكروي الكبير دون جدوى ولما وجدت يافطة وحيدة في أحد الشوارع الجانبية، حرصت على أن ألتقط صورة تحتها للذكرى، ولم يعتبر الفيفا هذه البطولة فاشلة رغم أن عدد الجماهير خلالها لم يزد كثيراً عن نصف مليون.
أما في كندا عام 2007، فقد رأيت بعيني رأسي إضافة وإدخال المرافق الأساسية لاستاد سوان جارد في مدينة بورنابي قبل 48 ساعة فقط من افتتاح مباريات المجموعة الثانية للبطولة، بمباراتي إسبانيا مع أوروجواي، والأردن مع زامبيا، ولم تكن فقط مظاهر الإعلان عن البطولة غائبة عن المدينة، بل عن أساسيات الاستاد مثل المداخل والبوابات والمدرجات الإضافية وغرف ملابس اللاعبين المتحركة!.. ومع ذلك انتهى الأمر بنجاح تنظيمي وجماهيري لم يسبق له مثيل، حيث حطمت كندا الرقم العالمي السابق لعدد الجماهير المسجل باسم المكسيك عام 1983 وقدره 1.156.187 مليون مشاهد، وسجلت رقماً قياسياً عالمياً للبطولة وقدره 1.195.239 مليون مشاهد.
من السهل توقع نجاح تنظيمي وجماهيري رائع للبطولة في دولة ذات تقاليد كروية عريقة مثل مصر، خاصة إذا كان التوفيق حليفاً لمنتخب مصر المضيف، ولمنتخب الإمارات الذي لن تختلف مدينة الإسكندرية بالنسبة له كثيراً عن أبوظبي أو دبي.. وأعتقد أن السفيرين العربيين أمامهما فرصة كبيرة ليشقا طريقيهما نحو مراحل حاسمة في مشوار البطولة التي قد تحزن لغياب فناني التانجو الأرجنتييين الذين أمتعوني كثيراً في هولندا وكندا بفنونهم ومواهبهم الفذة بقيادة ميسي وأجويرو، لكن العزاء لجماهير مونديال الشباب المصري سيكون في عروض منتخبات رائعة أخرى مثل البرازيل وإسبانيا وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا ونيجيريا والكاميرون.. وأعتقد أن عازفي المتعة الكروية سيكون من بينهم بالطبع نجومنا العرب المصريون والإماراتيون الذين سيثبتون للعالم أن مستقبل اللعبة في الوطن العربي بخير وربما يكون أفضل من حاضرها.
التعليقات