سؤال يطرح نفسه: لماذا ينجح هذا العدد القليل من لاعبي كرة القدم البريطانيين في الخارج؟ قبل نحو عشر سنوات قال الاسطورة الهولندي يوهان كرويف إنه يعتقد بأن واحداً من أكبر الأسئلة المحيرة في كرة القدم الأوروبية هي: quot;لماذا ليس هناك، على مدى السنوات الأربعين الماضية، سوى خمسة لاعبين بريطانيين أبلوا بلاء جيداً في الخارج. هناك شيء ما يحدث، شيء غريبquot;.

ويبدو أن المفكر والعبقري الهولندي كان قاسياً بعض الشيء. فهناك أكثر قليلاً من خمسة لاعبين. إذ جاء تصريحه أيضاً قبل رحيل المهوس ديفيد بيكهام إلى ريال مدريد ليضيف إلى العدد لاعباً واحداً.

ومع ذلك، فإنه كان صائباً في ذلك. وباعترافه بعد ذلك أنه كان يعني اللاعبين البريطانيين بدلاً من الانكليز فقط، فإن تحليله أصبح عندئذ أكثر سوداوية. إذ يبدو أن اللاعبين البريطانيين مازالوا، حتى يومنا هذا، يذبلون في الخارج ولأي سبب من الأسباب.

والفكرة المثيرة للاهتمام الذي يواجهها لاعبون بريطانيون عندما يذهبون إلى الخارج، قدمها درايوس فاسيل، المهاجم السابق لاستون فيلا ومانشستر سيتي ومنتخب انكلترا، الذي هو الآن في نادي أنقرة غوجو التركي الضعيف جداً.

وبدأ فاسيل (29 عاماً) يكتب عاموداً، جزئياً لتخفيف الملل المتوقع، وأيضاً للتخلص من مشاعر الإحباط لنمط حياته الجديدة، التي شملت طرده من غرفته في الفندق عندما فشل ناديه في تسديد الفواتير. وكتابة عموده ليس بسبب العلاقات العامة المعتادة الذي يكتب من قبل مساعدي اللاعبين المترفين، بل إنه يكتبه بنفسه وبكل اخلاص.

ومع ذلك، وعلى رغم صدقه وجهوده في محاولة حل المتاعب التي يواجهها، إلا أن أحداً لا يرتاب من أن عودته إلى انكلترا أصبحت قريبة، ولم يعد مرشحاً للحصول على موافقة كرويف في ذلك.

وقد تكون مدة بقاء فاسيل في الخارج أطول من ستان كاليمور، الذي لا يحتاج إلى تذكير أنصار أوفييدو، إذ أن مهاجم ليفربول ومنتخب انكلترا السابق لم يستطع من البقاء في النادي لأكثر من ثلاث مباريات قبل أن يقرر إنه من الصعب التكيّف مع الطريقة الجديدة للحياة والأسلوب الجديد في اللعب، حتى أنه على رغم أن مدربه رادومير أنتيتش كان يتحدث الانكليزية بطلاقة، إلا أن ذلك لم يساعده على التكيّف.

أما غاري لينيكر فقد كان واحداً من اللاعبين البريطانيين القليلين الذين تألقوا في الخارج. ولكن لكل واحد مثل لينيكر كان هناك واحداً مثل مارك هيوز الذي من الواضح أنه فشل بالاستقرار في برشلونة، على رغم أن مدربه في ذلك الوقت الانكليزي تيري فينابلز كان يلعب بالطريقة الانكليزية، لذا تم ارساله إلى بايرن ميونيخ على سبيل الإعارة بعد موسم واحد فقط.

وفي الكثير من الأحيان شرح لينيكر أسباب النجاح الذي حققه في برشلونة وفشل اللاعبين البريطانيين الآخرين في الأندية الأوروبية. وهناك الكثير من الأسباب التي كانت تتوقف على اللغة، إذ قال بعد سنوات: quot;لقد نظرت إلى نجاح اللاعبين البريطانيين الذين سافروا إلى الخارج. وهم الذين تعلموا لغة البلاد وتأقلموا مع ثقافته. انظروا إلى توني ودكوك وراي ويلكينز. أما الذين لم يراعوا ذلك فقد عادوا إلى البلاد سريعاًquot;.

ومع ذلك، فهناك عامل آخر حاسم وهو القدرة على التكيّف مع أسلوب اللعب السائد. فلاعب واحد كان مستواه مميزاً، على الأقل في عيون أنصار ريال مدريد، هو ستيف ماكمنامان، إذ عقب على ذلك بقوله: quot;بمجرد أنا وفيكتوريا (صديقته آنذاك وحالياً زوجته) علقنا ملابسنا شعرنا اننا في بلادنا. لقد بذلت جهداً لتعلم الاسبانية وكنت اعتقد أحياناً بأنني أحرز تقدماً، ولكن عندما كانت مجموعة من المشجعين تقترب مني وتبدأ بالحديث معي، فإنني كنت أشعر بأن تفكيري قد تحجر. ولكن على أرض الملعب كنت أعرف ماذا أفعلquot;.

ويبدو أن هذا الشيء قد أقره جيرمين بينانت في سرقسطة. اللاعب البريطاني الأحدث الذي تم تصديره إلى كرة القدم الاسبانية. فقد كانت هناك آمالاً كبيرة لتألقه في بداية الموسم، ولكن في كل مرة كان ينزل إلى أرض الملعب كان يتشفع من زملائه لتكييف تكتيكاته مع مهاراتهم.

ومثل أي تلميذ يذهب إلى مدرسة جديدة، فإن اللاعب سيتذكر أن عليه أن يتكيف، وأن الوقت سيكون طويلاً قبل أن يتمكن من املاء الأحداث. وبالتأكيد، أنه أحياناً حتى عندما يبذل قصارى جهده، فقد لا تسير الأمور في الطريق التي يرغبها. ومن دون شك أن فاسيل سيتفق مع هذا.

جوناثان ودغيت، كان يجيد الاسبانية. وبحلول الوقت الذي ترك ريال مدريد في عام 2006 كانت الإصابات قد قيدته من لعب أكثر من تسع مباريات فقط في لاليغا. إذ قال لاعب خط وسط ليدز السابق في حينه مازحاً إنه كان لديه متسعاً من الوقت لتعلم الاسبانية.

وفي حديث آخر، وصف ودغيت روتين حياته اليومية، التي قد يكون مشابهاً لحياة فاسيل، بأنه وضع مجموعة من القضايا الروتينية مثل وقت معين لتناول الغداء وكذا النوم لبضع ساعات ومشاهدة التلفزيون بالانكليزية وتثبيت أوقات التدريب وإلى غير ذلك.

ومعالجة كرويف لها الكثير من الألغاز، ومع ذلك فإن الإجابة على سبب نجاح عدد قليل من اللاعبين البريطانيين في القارة الأوروبية يظهر واضحاً مثل وضوح الشمس. ولكن في رأي بعض النقاد، فهناك خمس أكبر قصص لنجاح البريطانيين في البر الأوروبي في السنوات الخمسين الماضية:

1ـ كيفن كيغان: فاز في هامبورغ بلقب أفضل لاعب في أوروبا لعامين متتاليين في 1978 و1979. وهو اللاعب البريطاني الوحيد الذي يفوز بهذا اللقب مع نادٍ أجنبي.

2ـ غاري لينيكر: مازال بطلاً في برشلونة. احتل المركز الثاني لأفضل لاعب في أوروبا في استطلاع عام 1986 عندما كان في النادي الاسباني.

3ـ جون تشارلز: لننسى مارك هيوز أو آيان راش الذي اشتهر بمقولته: quot;اللعب في ايطاليا يشبه اللعب في بلد أجنبيquot;. الويلزي تشارلز كان أعظم لاعب للتصدير من أي وقت مضى. وخلال الذكرى المئوية في عام 1977، اختاره يوفنتوس على أنه أفضل لاعب أجنبي شارك في تشكيلته من أي وقت مضى.

4ـ ستيف ماكمنامان: بكل وضوح واخلاص ظهر تمتعه اللعب في ريال مدريد. فاز مرتين بلقب دوري أبطال أوروبا مع النادي الملكي.

5ـ ديفيد بيكهام: يبدو أن ذهابه من مانشستر يونايتد كان بسبب مخالفته لكل quot;القواعدquot;، وانتهى به المطاف بترك ريال مدريد. وبالكاد كان يعرف الاسبانية عندما تركه مثل وصوله. ولكن لا يمكن المجادلة حقاً مع ما فعله على أرض الملعب خلال السنوات الأربع التي قضاها هناك