أشرف أبوجلالة من القاهرة : بعيدا ً عن صراع المقدمة والقاع في جدول ترتيب الأندية في الدوري المصري لموسم 2009 / 2010، مع استمرار الأهلي على القمة، ومواصلة نادي الزمالك صحوته التي بدأها أخيراً تحت قيادة المتحمس حسام حسن، ليس هناك ما يشغل ساحة الأحداث خلال الأسابيع القليلة الماضية سوى مستوى الحكام المصريين، في ظل ما يرتكبونه من أخطاء مؤثرة ndash; يمكن أن توصف بـ quot;الساذجةquot; تارة و quot;الفادحةquot; تارة ً أخرى.

ورغم اعتراف الجميع ( وأولهم رئيس لجنة الحكام محمد حسام ) بأن الأخطاء واردة في جميع أنحاء العالم، إلا أن تجربة التحكيم المصري التي حصلت على إشادة نوعية في أسابيع الدوري الأولى نظراً لقلة الأخطاء حينها بالتزامن مع عدم احتدام الأجواء التنافسية في المسابقة كما هو حاصل الآن، بدأت تواجه الآن عاصفة من الانتقادات، على مختلف الأصعدة والمستويات، جماهيرياً، وإعلاميا ً، وكذلك إدارياً. والسبب لم يعد يقتصر فقط على الأخطاء أو درجة سذاجتها، بعدما وصلت الأمور لحد التشكيك في بعض الحالات بدرجة نزاهة الحكم نفسه، وهي مرحلة بالغة الخطورة في عالم الساحرة المستديرة.

حملات تشكيك، وأخرى تطالب بالمقاطعة، وثالثة تطالب باستيراد الأجنبي، كلها عناوين لموجات غضب صاخبة، تسببت في حرج شديد للجنة الحكام الرئيسة أمام الجماهير المصرية قاطبة على مدار الأسابيع الأخيرة من عمر الدوري. ويكفي القول إن الأسبوع قبل الماضي من عمر المسابقة شهد ميلاد حالة أطلق عليها البعض quot;الفوبيا الكروية من الحكام المصريينquot;، بعدما تكررت الأخطاء بصورة أصابت البعض بالهلع المرضي من التحكيم quot;المحليquot;. ولعل واقعة quot;هدف الشرطةquot; المشبوه في صحته بمرمى المنصورة، ومن ثم ادعاء نادي المصري البورسعيدي أحقيته بركلة جزاء في مباراته مع النادي الأهلي في الجولة قبل الأخيرة من بطولة الدوري، كانا بمثابة الشرارة التي أطلقت بركان الغضب الخامد من مستوى الحكام.

وأمام كل هذه الضغوطات، في ظل تكرار الشكاوى، والتهديد من جانب بعض الأندية بتصعيد الأمور إلى الفيفا، ما لم يتم تصحيح المسار واستردادهم لحقوقهم، لم تجد لجنة الحكام أمامها من بد سوى الإعلان عن ترحيبها باستقدام حكام أجانب لأي ناد يرغب في ذلك. وهو الأمر الذي اعتبره البعض quot;عيبا ًquot; في حق التحكيم المصري المعروف بريادته في المنطقة، رغم حالة الهبوط التي يمر بها الآن. في حين رأى فريق آخر أن خطوة مثل هذه لا تنتقص بأي حال من الأحوال من قيمة الحكم المصري، بل على العكس، ستساعد في تخفيف الأعباء النفسية عنه، في ظل ما يتعرض له من حملات باتت تشكك في نزاهته كإنسان بعيدا ً عن أدائه كحكم داخل أرضية الميدان.

ومع الاعتراف بصورة لا تقبل أي شك أو جدل بحق جميع الأندية في الحصول على مستوى راق من التحكيم، لا يجب إغفال تلك الحقيقة التي يمكن وصفها بالـ quot;مريرةquot; بكل ما تحمل الكلمة من معنى، في ما يتعلق بأجر الحكم، أو ذلك المقابل المادي الهزيل الذي يتقاضاه عن كل مباراة يُحكِّمها في الدوري الممتاز. إنها بالفعل معادلة غير متكافئة، مخطئ من ينتظر من ورائها نتائج مبهرة، لما لهذا الجانب من أهمية قصوى في نفسية الحكم، وكذلك مستواه الفني والبدني وأيضا ً quot;الأخلاقيquot; داخل الملعب وخارجه. ويكفي الإشارة هنا إلى تلك التصريحات بالغة الخطورة التي أطلقها الحكم الدولي، فهيم عمر، عقب انتهائه من تحكيم إحدى المباريات، بعدما تعرض للهجوم من جانب لاعبي وإداريي أحد الفريقين، حيث تحدث صراحة ً وبشكل مباشر عما يتقاضاه من مقابل مادي، في الوقت الذي يحصل فيه اللاعبون على الملايين من الجنيهات.