أعترف صادقا بأن أسوأ الألم الذي يجده الناقد المطلع على أحوال كرة القدم في بلاده، حينما يرى الآخرين، ممن لا يفوقون بلاده مهارة وعطاء، باتوا يسبقونها بمراحل.. إلا أنهم مدركون لأبعاد هذه الكرة.. وما تحتاجه.. وعليه كان تعاملهم معها على أفضل حال.. وبات تفضيلهم حاضرا ملموسا.

أقول ذلك بعدما أثبتت كرة القدم العالمية أن الحلول المتسرعة هي العنوان الأبرز للإخفاق.. ولدينا، تأخذنا الخسارة لكي نفعل ما لم يفعله أحد من قبلنا.. ففي مفاهيمنا.. من الممكن أن يرحل المدرب الذي نتعاقد معه لسنين كثيرة بعد شهر من قدومه.. ومن الممكن أن يُطرد أثناء البطولات.. والسبب أننا نعنى بعمل إداري، أقل ما يقال عنه إنه متسرع، وينطلق في عمله من الفردية التي لا تنضوي إلى رأي الخبراء.. ولا إجماع أصحاب الرأي. هاهي اليابان ترتقي. وكوريا الجنوبية تفعل ذلك.. وفي المقاييس المهارية شأننا كشأنهم، بل إن هناك من يصف كرة السعودية بأنها مقر المهارات آسيويا.. لكن لماذا لا تتقدم؟ ذلك هو السؤال الذي يثير القلق دائما.. قد يكون الجواب أن الأخطاء تتكرر وتستمر.. دون أي حلول ظاهرة.. بل مجرد قرارات تتخذ.. ولا سبيل إلى مراجعتها.

السؤال المقلق.. لماذا نجحت اليابان وكوريا الجنوبية مع مدربين محليين؟ وهل من ينتمون لهم تدريبيا.. خارقون وأفضل من غيرهم في القارة الصفراء.. الإجابة بلا شك معروفة.. فالأمر ليس كذلك.. الأمر ينطوي على ثقة.. وتعامل خلّاق من قبل الاتحاد المحلي.. أي أن المدرب هو صاحب كل الصلاحيات.. مما يمنحه القدرة على منح فريقه التفضيل.. أستشهد بذلك وأنا أعلم أن القراءة الموضوعية لتاريخ الكرة السعودية تشير إلى أن أفضل إنجازات هذه الكرة قد تمت تحت إدارة فنية وطنية سعودية، والكل يدرك تلك الأدوار الكبرى التي لعبها الثلاثي الشهير، خليل الزياني، ومحمد الخراشي، وناصر الجوهر، من خلال قيادة الكرة السعودية عبر حقب زمنية مختلفة، كانت هي المنطلق الحقيقي للارتقاء والتطور والإنجاز.

غير نجاحات المدرب المحلي سعوديا.. فقد تم تجريب أبرز الأسماء العالمية.. لكنهم لم ينجحوا، والسبب أن أيا منهم لم يهنأ بالفرصة كاملة..

علينا أن نكون أكثر منطقية وعقلانية بدراسة أسباب إخفاق كرتنا وتراجعها، بحيث لا نكتفي بما اعتدنا عليه سابقا كأصحاب قرارات.. فالكل بات أكثر تطورا، إلا أولئك الذين يشابهوننا في التسرع! الأمر يتطلب عملا كبيرا، نستشرف من خلاله آراء المتخصصين العارفين، مبتعدين عن وقع laquo;المطبلينraquo; الباحثين عن التمسك بمواقعهم، أولئك الذين يستمرئون المجاملة، ويطالبون عند كل نقد بالهدوء وخفض الصوت!! نشير إلى ذلك ونحن نثق بأن الأخذ بالرأي الحصيف سبيل لأجل وضع الأمور في نصابها، لمصلحة الكرة السعودية، وبما يعيد كرتها إلى الوهج والتطور اللذين بدأت بهما.


جريدة quot;الشرق الأوسطquot; اللندنية