رغم نجاح القائمين على الكرة في تونس في تثبيت بطولة الدوري الممتاز الى حد اللحظة على الأقل وتجاوز العثرات التي لاحت منذ اندلاع الثورة الشعبية التونسية إلا أن هذا لم يمنع من وجود بعض الظواهر والممارسات التي تعتبر دخيلة على المشهد الكروي في تونس والتي صارت تهدد بشكل كبير استمرارية النشاط الكروي خاصة وان التجاوزات تعدت حدود المستطيل الأخضر وضربت بعض مكونات المجتمع التونسي الذي صار مهددا بسبب ظهور النعرات الجهوية والتي لم يكن لها أي اثر في السابق.

الأزمة اندلعت شرارتها في بعض مباريات بطولة الدوري والتي استهدفت بالخصوص فريق النجم الساحلي التونسي الذي يمثل جهة الساحل الذي تظلم كثيرا في تنقلاته إلى الجنوب التونسي في وقت رددت فيه الجماهير بعض العبارات المنافية للأخلاق والتي مست بشكل كبير متساكني جهة الساحل مما خلق جدلا كبيرا خاصة وان الثورة التونسية التي تلتها بعض التصريحات الخطيرة التي أطلقها السياسيون ساهمت في تغذية هذا التوجه الخطير لتصير وحدة البلاد أولا ومن بعدها وحدة الدوري التونسي مهددة بالانقسام.

أمام خطورة الأمر كان لا بد من تحكيم لغة العقل والعودة إلى الهدوء خاصة وان الظرف لا يسمح بالتصعيد وهو ما ذهبت إليه كل الأطراف المتداخلة في الأزمة.

قيس عاشور رئيس لجنة أحباء فريق النجم الساحلي التونسي أكد في تصريح خص به إيلاف أن ما حدث مؤخرا في بطولة الدوري يعتبر نتاجا طبيعيا للثورة الشعبية في تونس مضيفا أن عائلة النجم الساحلي ساءها بعض التصريحات المسيئة للفريق ولعائلة الساحل ككل لكنها على يقين بان هذا الأمر هو ظرفي وسيزول وهو ما حصل فعلا لان ما من شيء قادر على ضرب وحدتنا الوطنية وأهل الساحل وكذلك أهل الجنوب هم أولا وأخيرا تونسيون لحما ودما والثورة المجيدة زادت في توحيد صفوفهم لذلك لا فائدة من تهويل الأمور لأنه يجب أن تبقى الأمور في إطارها والكرة عودتنا بمثل هذه الممارسات التي هي ميزتها الأولى.

فوزي القتاري رئيس فريق قوافل قفصة أكد هو الآخر أن ما حصل ما فريق النجم الساحلي لم يكن مقصودا لان جماهير الجهة تكن كل المحبة والاحترام لأهل الساحل وما حصل لا يعدو سوى حماسة مباراة كرة يفقد فيها الجميع هدوءه قبل أن تزول الظاهرة بمجرد صافرة النهاية, ويضيف القتاري أن بعض الأطراف سعت لتهويل الأمور وجعلها قضية رأي عام بهدف إحداث البلبلة في البلاد على اعتبار ان هذه الظواهر من شانها ان تضرب وحدة تونس غير أنهم فشلوا في ذلك لان التونسيون لا يمكن أن تفرقهم الكرة كما أن لغة الجنوب والساحل لا توجد إلا في مخيلة البعض والدليل أن علاقة فريقنا مع النجم على أحسن ما يرام.

يذكر أن التصريحات والتصريحات المضادة في هذا الشأن تصاعدت بشكل كبير منذ مباراة النجم الساحلي وقوافل قفصة في إطار الجولة 20 من بطولة الدوري.

أستاذ علم الاجتماع محمد الجويلي يفسر هذه الظاهرة على أنها حالة مرضية عابرة ساهمت في بروزها حالة الاحتقان الجماهيري التي كثيرا ما ميزت مباريات الكرة في تونس كما أن حالة الانفلات الأمني والأخلاقي التين برزتا للعيان منذ الثورة دعمتا هذا التيار الذي لا يمثل الشعب التونسي من شماله إلى جنوبه مضيفا انه لا بد من حصر الأمور في إطارها وعدم خلط الكرة بالسياسة لأنهما ضدان لا يلتقيان مشيرا في الآن ذاته ان هذا الوضع زائل لا محالة لان ما يغذيه هو التنافس على نتيجة مباراة ما لذلك لا خوف مما يروجه البعض.