تواجه اللجنة المنظمة لأولمبياد لندن 2012 معضلة كبيرة تتمثل في حصول نجل العقيد الليبي معمّر القذافي على تذاكر دورة الألعاب الأولمبية، خصوصًا وأن اللجنة الأولمبية الدولية هي التي تسيطر على طريقة توزيع التذاكر على الأفراد والمعتمدين.
لندن: واحدة من القضايا التي أثارتها صحيفة quot;دايلي تلغرافquot; البريطانية أخيراً هي قصة نجل العقيد معمّر القذافي وحق ليبيا في الحصول على تذاكر دورة الألعاب الأولمبية 2012 التي ستقام في لندن في الصيف المقبل، ومستوى سيطرة البلد المضيف واللجنة المنظمة على طريقة سير أمور الألعاب، خصوصاً بعد مفاجأة الكثير من الناس - وبشكل بارز هؤلاء الذين شعروا بخيبة أملتجاه الطريقة التي يتم فيها توزيع تذاكر هذه الدورة - بأن اللجنة الأولمبية الدولية هي التي تسيطر على زمام مبادرة توزيع التذاكر على الأفراد والمعتمدين.
وفي الوقت التي كانت هذه الطريقة امتيازاً دائماً، إلا أن اللجنة الأولمبية الدولية تتسم بالحذر أيضاً، وقد لا ينسى أي مراقب الرائحة الكريهة، التي انتشرت قبل دورة ألعاب سيدني 2000، حول ما إذا كان سيسمح لكارل تشينغ وغافور رحيموف، المسؤولان المعتمدان للدورة الأولمبية، بالدخول إلى استراليا.
فقد كانت الحكومة الاسترالية قد قررت منعهما من دخول أراضيها لأسباب أمنية، لكن رئيس اللجنة الأولمبية السابق خوان انطونيو سامرانش، كتب رسالة إلى رئيس وزراء البلاد جون هاوارد طالباً فيها تفسيراً لهذا المنع، مبرراً أن منظمته غاضبة من ذلك، وتعتبر منعهما إهانة لحرية الأسرة الأولمبية من التدخل السياسي.
لكن مواقف اللجنة الأولمبية تغيرت منذ العقد الأخير، خصوصاً بعد التهديد الأمني المتزايد بعد أحداث ايلول/سبتمبر 2001، فهي تعرف أنه لم يعد أمراً واقعياً من توقعها بوجود فقاعة وعدم مطالبتها بوضع يد الدولة المستضيفة على مفاتيح الألعاب لبضعة أسابيع.
ما يحدث الآن على الهجرة الأولمبية هو الآتي: يقدم كل عضو في اللجنة الأولمبية الدولية، الذي يود أن يكون معتمداً، قائمة بأسماء اشخاص ndash; مسؤولين ومدربين ورياضيين ndash; وبعدها تمرر اللجنة الأولمبية تلك القائمة إلى وزارة الداخلية للبلد المستضيف، التي بدورها يمكنها من أن تمنع أي فرد من دخول البلاد لأسباب أمنية.
وأكدت اللجنة الأولمبية الدولية الآن وبكل وضوح أنه في قضايا تخص الأمن، فإن أسبقية اتخاذ أي قرار حولها ستكون للحكومة البريطانية، خصوصاً بعدما قال أحد المسؤولين الرسميين في اللجنة المنظمة لدورة الألعاب 2012 أخيراً إنه مجرد quot;خرافةquot; أن تظهر اللجنة الأولمبية الدولية فجأة وتتولى إدارة البلاد لمدة أسبوعين.
ويمكن القول الآن، إن كلاً من العقيد معمّر القذافي ونجله محمد يخضعان لحظر السفر الدولي، وبالتالي فإن القصة أصبحت نظرية إلى حد كبير. ولكن في الواقع، كلاهما ndash; واحد رئيس دولة والآخر رئيس اللجنة الأولمبية الليبية ndash; يمكنهما أن يتلقيا دعوة من اللجنة الأولمبية الدولية في الوقت الذي تقوم بريطانيا بقصف ليبيا، مما سيسبب غضباً وارتباكاً كبيرين.
وتصمم اللجنة الأولمبية الدولية على تجنب الإنجرار وراء الصراعات الديبلوماسية الساسية ndash; لم تطرد ليبيا من عضويتها بعد ndash; بحجة أنها لم تتلق أي شكوى حول استمرار مشاركتها في الدورات الأولمبية من عدمه.
لكن حتى لو لم تقم بريطانيا بإستضافة عائلة القذافي في العام المقبل، كما أكد متحدث باسم الحكومة أخيرًا عندما قال إنه quot;بصرف النظر عن موقف اللجنة الأولمبية الدولية في موضوع توزيع التذاكر فإن أي زائر أجنبي سيحضر لمشاهدة الأولمبياد، فإنه ستنطبق عليه المعايير الخاصة بقوانين الهجرة البريطانيةquot;، إلا أنه سيكون هناك رؤساء آخرون وسياسيون مثيرين للجدل، والمثال الأكثر وضوحاً هو روبرت موغابي رئيس زيمبابوي، الذي ستتم دعوته تلقائياً للحضور إلى لندن.
وإدراكاً للحقيقة، فإنه من الأصلح تماماً بأن تكون الرياضة معزولة عن مثل هذه الأمور، كما حصل مع بطولة الكريكيت التي اقيمت في زيمبابوي في الآونة الأخيرة عندما شارك فيها معظم الدول المهتمة بهذه الرياضة على رغم فرض حظر دولي على البلاد.
لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل من الصحيح أن يتم وبكل بساطة منع الرياضيين والرياضيات من ممارسة لعبتهم المفضلة على أعلى المستويات لأن السياسيين الذين يديرون بلدانهم منبوذين دولياً؟.
إضافة إلى ذلك، كيف يمكن للجنة الأولمبية الدولية أن تبشر بأنها رمزاً للسلام العالمي إذا اتخذت موقفاً من أي صراع يحدث للتأثير على البلد الذي سيستضيف دورة الألعاب المقبلة؟.
لكن قصة القذافي وعائلته تسلط الأضواء على كيفية تخلي المدن ndash; بعد اتفاق كامل مع حكوماتها ndash; عن بعض الحقوق الأساسية عند الاندفاع لإستضافة دورة الألعاب الأولمبية.
وإذا وضع استحقاقات اللجنة الأولمبية الليبية جانباً (التي تقاس مخصصاتها من التذاكر بالمئات، وليس الآلاف، كما أشيع - أكدت اللجنة الأولمبية قبل أيام أنها جمدت ارسال التذاكر إلى ليبيا حتى يتجلى الموقف في البلاد)، فهل من الإنصاف أن الدولة المضيفة تصرف المليارات من الجنيهات الاسترلينية من جيوب دافعي الضرائب، في وقتيتم بيع12 % من هذه التذاكر إلى أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية الـ200 أو نحو ذلك في مختلف أنحاء العالم؟.
وهل من الصواب أن تصرّ اللجنة الأولمبية الدولية على تخصيص ممرات خاصة للرياضيين والمسؤولين، وحتى وسائل الإعلام، على رغم من أن هذا سيتسبب ارباكاً كبيراً لسكان لندن الذين لا يعيرون أي اهتمام بمثل هذه الألعاب؟.
وهل من العدل أن تمارس الشركات الراعية للجنة الأولمبية الدولية سلطاتها بقوة التي تسبب في معاناة الناس العاديين من حضور إلى الملاعب؟ وأحدث جدل حول حاجة الفرد من الحصول على quot;بطاقة التأشيرةquot; لشراء تذاكر للألعاب الأولمبية هي خير مثال على ذلك.
وسيكون هناك عدد كبير منهم في طابور الانتظار مع اقتراب موعد انطلاق دورة ألعاب لندن، فيما يتطلع الرعاة إلى تحقيق أقصى قدر من المبالغ الضخمة التي تجرف إلى اللجنة الأولمبية الدولية.
ولجنة تنظيم لندن 2012 حريصة في تشديدها على أن اللجنة الأولمبية الدولية وشركاءها والحكومة البريطانية وعمدة العاصمة البريطانية كانوا يعرفون بالضبط ما كانوا يوقعون عليه في عام 2005 عندما فازت لندن بحق إستضافة الألعاب. وهذا لم يمنع من أن بعض الآثار المترتبة على اتفاق الإستضافة كان بمثابة مفاجأة للرأي العام البريطاني الذي تم في نهاية المطاف توقيع عقد الإستضافة نيابة عنه.
التعليقات