أعلنت اللجنة التحكيمية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم عن أسماء قضاة الملاعب الذين سيديرون المباريات الـ32 لنهائيات كاس أمم إفريقيا التي ستقام مناصفة بين الغابون وغينيا الاستوائية في الفترة ما بين الـ21 كانون الأول و حتى الـ12 من شباط 2012 في طبعتها الـ28.

وأهم ما يلاحظ في اللائحة هو الحضور القوي للحكام العرب في هذه البطولة الأقوى في القارة السمراء خاصة بالنسبة لحكام الساحة ، فمن 18 حكماً نجد سبعة منهم من جنسيات عربية ، و يتعلق الأمر بالثنائي الجزائري جمال حيمودي ومحمد بنوزة ، والمغربي سليم جديدي ، ومواطنه أبو شعيب الاحرش ، والمصري جهاد جريشة ، الموريتاني علي لمغيفري ، و السودانيعبد الرحمن خالد ، يضاف إليهم ثلاث حكام عرب من المساعدين هم الجزائر عبد الحق ايت شيعلي و رضوان عشيق من المغرب و بشير حساني من تونس.

الحكم السوداني عبد الرحمن خالد

ويعتبر هذا الحضور الأقوى للتحكيم العربي على هذا المستوى الدولي العالي ، والذي يؤكد الثقة الكبيرة التي يحظى بها الحكام العرب الأفارقة من قبل تحكيمية الكاف بفضل مؤهلاتهم و خبراتهم العالية من جهة و من جهة أخرى النزاهة الكبيرة التي يتمتعون بها في وقت يعاني فيه التحكيم الإفريقي من آفة الانحياز التي طالما اشتكت منها الكثير من المنتخبات الإفريقية في هذه البطولة التي أصبحت تحظى بمتابعة إعلامية و رسمية كبيرة اجبر الكاف على اتخاذ معايير فنية و موضوعية دقيقة جدا لاختيار الحكام الأكفاء لتفادي إفساد المونديال الإفريقي خاصة أن الأضواء ستكون مسلطة بدرجة اكبر على الحكام ، كما أن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في دورات سابقة و منها دورة انغولا الأخيرة قبل عامين ستلقي بظلالها بعدما أثرت في نتائج عدة مباريات مصيرية بعدما احتسبت أهداف غير شرعية و ألغيت أخرى شرعية. لذلك يدرك رئيس الكاف الكاميروني عيسى حياتو و رئيس لجنته التحكيمية السنغالي بادارا سيني أن أي تجاوزات من قبل الحكام في دورة الغابون وغينيا الاستوائية ستعيد التحكيم الإفريقي إلى نقطة الصفر ، وستقود أصحابها إلى التقاعد الدولي المبكر ، بينما سيحظى المتألقون بمكانة مرموقة في الاستحقاقات الدولية القادمة و ما أكثرها بما فيها كاس أمم إفريقيا نفسها التي ستقام بعد سنة فقط في جنوب إفريقيا.

والواقع أن اختيار هذا العدد من الحكام العرب لإدارة نهائيات الكان لم يكن لا صدفة ولا مفاجأة ، بعد تألقهم الواضح في السنوات الأخيرة في إدارة مباريات دوري الابطال و كاس الكنفدرالية و التي عادة ما تجرى في ظروف عصيبة عليهم تعيقهم في تطبيق القوانين بسبب الضغوط النفسية الكبيرة التي تمارس عليهم من قبل جهات مختلفة من إعلام و مدربين و غيرهم لدرجة أن الكثير منهم تعرض لاعتداءات كما حدث مع الحكم الجزائري جمال حيمودي في السودان ، كما تعرض آخرون لمحاولات الرشاوى ، و مع ذلك خرجوا سالمين و بتقدير جيد لأدائهم .

كما ان تعيين هذا السباعي يمثل اعترافا رسميا بالمستوى العالي للصافرة العربية التي تعاني في عقر دارها من التهميش و عقوبات الإيقاف التي طالت عددا من الحكام ، فضلا عن إعلان الكثير من الأندية العربية عن رفضها لهم و تفضيلها التحكيم الأجنبي ، فضلا عن توجيه اتهامات صريحة لهم بالانحياز لصالح أندية على حساب أخرى لدرجة أن البعض يعتقد بأنهم هم من يحددون النتائج سلفا ، و ذمتهم مشكوك فيها دوما .

هذا و يرشح الكثير من الخبراء أن يتم اختيار حكم عربي لإدارة المباراة النهائية خاصة الجزائريان و المصري ليس إنقاصا من شان بقية الحكام العرب و لكن لان منتخبي بلديهما غير معنيان أصلا بهذه البطولة ، و يحملون الشارة الدولية منذ سنوات ،خاصة حيمودي الذي اختير أفضل حكم عربي من قبل مجلة الأهرام المصرية و كان ضمن المرشحين لجائزة أفضل حكم إفريقي من قبل الكاف ، و بنوزة الذي كان حاضرا في آخر دورتين بغانا 2008 و بانغولا 2010.

وسبق للحكام العرب في إفريقيا أن أداروا اللقاء النهائي للكان في 14 دورة ، و كان للصافرة التونسية حصة الأسد برصيد خمس مرات ، بفضل تألقها على الساحة الدولية في عشرتي الثمانينات و التسعينات من القرن الماضي مع نخبة مميزة من الحكام على غرار بن ناصر و ألدعمي و بن خديجة و آخرون.

فالدورة الأولى عام 1957 أدارها الحكم السوداني محمد يوسف بين منتخبي مصر و إثيوبيا ، ثم أدار التونسي هدي بن عبد القادر نهائي عام 1963 بين غانا و السودان ، و أدار الجزائري شكايمي نهائي الدورة الموالية عام 1965 بين تونس و غانا ، و جاء الدور على التحكيم المصري ممثلا في شخص محمد ذياب العطار لإدارة نهائي 1968 بين الكونغو و غانا ، و عادت الصافرة الجزائرية للتألق في نهائي 1972 مع الحكم عبد القادر عويسي ، و الذي جمع منتخبي الكونغو و مالي ، و هي آخر مرة يدير فيها حكم جزائري نهائي هذه المسابقة. و أدار السوداني سعد عمار نهائي دورة 1974 بين زايير و زامبيا. و في نهائي 1978 تألقت الصافرة الليبية بفضل الحكم يوسف الغول الذي انيطت له مهمة إدارة مباراة غانا مع أوغندا.

وغاب التحكيم العربي في الدورتين المواليتين رغم تألق حكام كثيرين منهم الجزائري بلعيد لكارن ، و ذلك قبل ان يعود ليتالق بشكل لافت حيث نال التونسي علي بناصر شرف إدارة نهائيين متتاليين في 1984 و 1986 و نال الموريتاني ادريسا سار نهائي 1988. ثم اختفى الحكام العرب في الدورات الأربع الموالية قبل أن يعيده المغربي الراحل سعيد بلقولة إلى الواجهة في دورة 1998 بين مصر و جنوب إفريقيا ، و في نفس السنة أدار نفس الحكم نهائي مونديال فرنسا.

و في 2000 قاد الحكم التونسي مراد دعمي النهائي بين الكمرون و نيجيريا ، و في الدورة الموالية قاد المصري جمال الغندور النهائي بين الكمرون و السنغال ، و عاد ألدعمي لقيادة نهائي 2006 بين مصر و ساحل العاج حيث احتسب ركلة جزاء مشكوك في صحتها فشل الصقر احمد حسن في ترجمتها إلى هدف.

وغاب الحكم العربي كحكم ساحة عن آخر بطولتين لكنه حضر كمساعد في انغولا بفضل المغربي رضوان عشيق.