لم يكن للحكومة البريطانية خيارات كثيرة فيما يتعلقبمنح الجنرال موفق جمعة رئيس اللجنة الأولمبية السورية تأشيرة حضور إلى دورة الألعاب الأولمبية في لندن 2012.

وبصفته رئيساً للجنة الأولمبية السورية وعضواً بارزاً في الجيش، فإنه يقال إن لديه صلات وثيقة مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وكان الجنرال جمعة قد أصر في وقت سابق من هذا العام على أنه لا توجد أي أعمال عنف في بلاده، على رغم ادعاء الأمم المتحدة أن حوالي 9000 شخص قتلوا على يد قوات الأمن السورية.

ووصفت المجموعة البريطانية للتضامن مع سورية في رسالة وجهتها إلى هيو روبرتسون وزير الرياضة البريطاني، الجنرال جمعة بأنه quot;مؤيد ومساعد ومدافع عن نظام يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك العنف والتعذيب الجنسي وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاءquot;.

ولكن رئيس أولمبياد سورية نفى تورطه في أي من عمليات سفك الدماء في بلاده، وأعرب عن عزمه إلى المجيء إلى لندن مع مجموعة صغيرة من الرياضيين والمدربين.

وخلافاً لغيره من أعضاء النظام السوري، بما في ذلك الرئيس بشار الأسد نفسه، قال الجنرال إنه لا يخضع لحظر السفر الذي فرضته الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي على المسؤولين في بلاده.

واتخذت لجنة حكومية صغيرة متكونة من كبار المسؤولين في وزارتي الداخلية والخارجية ودائرة الإعلام والثقافة والرياضة قرار المنع.

وفي حين أن اللجنة الأولمبية الدولية هي المسؤولة في نهاية المطاف عن دعوة أعضاء ما يسمى بـquot;الأسرة الأولمبيةquot; للحضول إلى أولمبياد لندن، إلا أن الحكومة البريطانية لها كل الحق في رفض دخول أي شخص تعتبره يتعارض مع مصلحتها الوطنية.

وعادة تستند مثل هذه القرارات على التهديدات الأمنية، ولكن ليس من الواضح، في حالة الجنرال جمعة، حتى الآن، ما هي الأدلة التي استخدمتها اللجنة لتبرير حظره.

ولكن من الواضح أن فكرة قيام أي من كبار القادة السوريين بإقامة علاقات والاحتكاك مع زعماء العالم والمسؤولين الأولمبيين في حفل افتتاح أولمبياد لندن 2012، من المحتمل أن تؤدي إلى احراج الحكومة البريطانية بصورة كبيرة.

وتريد اللجنة الأولمبية الدولية الآن أن ترى الأسباب الكاملة لقرار الحكومة البريطانية قبل وضع ختمها عليها.

من ناحية المبدأ، تقاوم اللجنة الأولمبية الدولية بشدة أي تدخل في شؤونها، أو كيفية توجيه الدعوة أو عدمها لدورة الألعاب. وقبل كل شيء، تنتمي دورة الألعاب الأولمبية في نهاية المطاف إلى اللجنة الأولمبية الدولية وليس إلى المدن المضيفة مثل لندن.
ولكن للتذكير، هذا لا يحدث في الكثير من الأحيان.

وفي أحدث قضية الأكثر شهرة قبل دورة ألعاب سيدني 2000، عندما رفضت الحكومة الاسترالية السماح لكافور رحيموف، كبير مسؤولي فريق أوزبكستان للملاكمة من دخول بلادها، بزعم أنه كان مرتبطاً في ذلك الوقت ارتباطاً وثيقاً بعالم الجريمة الجنائية في روسيا.

وفي تلك المناسبة، كتب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية آنذاك خوان انطونيو سامارانش، رسالة إلى رئيس الوزراء الاسترالي السابق جون هوارد، معرباً عن quot;قلقه العميقquot; ازاء هذه الخطوة.

ولكن من غير المرجح للغاية أن يحدث هذا هذه المرة، لأن اللجنة الأولمبية الدولية أكثر حساسة الآن حول القضايا التي تتعلق بالسياسة والتي تنطوي على البلدان المضيفة. وفي مسألة مثل سورية، فإنها تعرف بأنها ستضطر إلى الاعتماد على الحكم الصادر عن الحكومة البريطانية.

وعلى حد سواء، فإنها تدرك أن كل بلد مضيف لديه وجهات نظر سياسية مختلفة وجداول أعمال.

على سبيل المثال، في بكين عام 2008، كان هناك عدد كبير من مسؤولي الدول التي كانت الحكومة الصينية تعتبرهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم. فكيف كان ذلك مستساغاً بالنسبة إلى بلدان مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة من قبوله؟

كل هذا لا يكاد يكون أراضٍ جديدة للأولمبياد. فقد ارسلت دعوة إلى الاتحاد السوفياتي للمشاركة في أولمبياد لندن 1948 ولكنها اعتذرت. وقاطعت بريطانيا الألعاب الأولمبية لعامي 1980 و1984 بسبب الحرب الباردة وخلال الغزو السوفياتي لأفغانستان. ولم تشارك الصين في المنافسات لمدة 32 عاماً.
فقد استُغلت دورة الألعاب الأولمبية مراراً وتكراراً لتوضيح بعض النقاط السياسية.

ولكن بعدما قررت الحكومة البريطانية تسجيل نقطة ضد سورية، فإنه من الصعب أن يفهم بعض المراقبين لماذا ترددت وزارتي الداخلية والخارجية في توجيه رسالة إلى بشار الأسد حتى اليوم؟

وكان المسؤولين قد اتخذوا قرارهم بالفعل في الأسبوع الماضي، ولكن مع تسريب الخبر يوم الجمعة، طالبت هيئة الإذاعة البريطانية بإجراء مقابلات معهم، أو حتى تأكيد الخبر الذي قابله الصمت.

مثلما الحال مع مقاطعة كبار السياسيين البريطانيين لمباريات يورو 2012 ndash; والتي هي بمثابة بيان سياسي الذي كان ضعيفاً بسبب الطريقة الذي صاغته وزارة الخارجية بعبارات لوجستية متصلة بالأشغال اليومية للوزراء ndash; فإنه يبدو أن هناك رسالة متفاوتة تأتي من الحكومة البريطانية عن الرياضة والسياسة.

ومهما كان رأي المراقبين في ذلك ndash; ويبدو أن بعضهم يدعي أنه لا مفر من علاقة الرياضة بالسياسة في عصر عندما تكون الأولى دولية إلى درجة كبيرة وضخمة بشكل لا يصدق من الناحية المالية ndash; فإنه إذا كانت الحكومة البريطانية تريد استخدام الرياضة لتوضيح بعض النقاط السياسية، فإن عليها أن تملك ثقة تامة بقناعاتها.