فرض جاك روغ رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الذي سيشرف على اخر العاب اولمبية له قبل ان يترك منصبه شخصيته الهادئة والطبيعية على الحركة الاولمبية خلال فترة حكمه التي بدأت في تموز/يوليو عام 2001 خلفا للاسباني الشهير خوان انطونيو سامارانش.

ولم يتردد سامارانش بالقول لدى اختيار روغ بالقول quot;لقد تم انتخاب رجل من الوزن الثقيلquot;.

وانتخب الجراح البلجيكي روغ (70 عاما حاليا) في 16 تموز/يوليو 2001 الرئيس الثامن للجنة الاولمبية الدولية، بعد منافسة من الكوري الجنوبي كيم اون يونغ والكندي ديك باوند والمجري بال شميت والاميركية أنيتا ديفرانتس. وحصل روغ في الجولة الحاسمة على 54 صوتا من أصل 104، في مقابل 23 ليونغ و22 لباوند و6 لشميت.

وكان روغ عضوا في اللجنة الدولية منذ عام 1991، ورئيس لجنة التنسيق التابعة للجنة الدولية لتنظيم الألعاب الاولمبية في سيدني، كما أكد الاستراليون كفاية روغ ودوره الرئيس في نجاح ألعاب عام 2000، وترأس قبل ولايته الاولمبية، لجنة التنسيق التابعة للجنة الدولية لتنظيم ألعاب أثينا 2004.

وركز روغ، الذي يتكلم خمس لغات، في حملته الانتخابية على صدقية اللجنة الدولية ووضعها هدفا رئيسا مشددا على محاربة تعملق الألعاب والرشاوى بلا هوادة والمنشطات والعنف والعنصرية.

وكان روغ رئيسا لرابطة اللجنة الاولمبية الوطنية الأوروبية عام 1989، وهو زاول رياضة الألواح الشراعية quot;فئة ميسترالquot; وشارك في الدورات الاولمبية أعوام 1968 و1972 و1976. وتوج بطلا للعالم مرة واحدة، وحل في مركز الوصيف مرتين، كما كان بطل بلجيكا 16 مرة.


الدراسة ثم الرياضة

ارتقى روغ سلم الإنجازات بسرعة عبر تتويجه بطلا للعالم للناشئين في سن أل17، لكنه تراجع لاحقا عن احتراف هذه الرياضة، بعدما قرر متابعة تحصيله العلمي الجامعي في اختصاص طب العظام والتجبير، والذي استغرق فترة 13 عاما.

وحتم ذلك تراجع إنجازاته في الاستحقاقات الكبيرة، على رغم بذله قصارى جهده لمواكبة المتطلبات البدنية والفنية الكثيرة لهذه الرياضة عبر برنامج منظم وقاس لحظ استيقاظه في الساعة السادسة صباحا يوميا لمزاولة تمارين الهرولة، قبل التوجه إلى الجامعة والمستشفى، ثم الخضوع لتمارين رفع الأثقال في فترة الظهيرة، قبل التوجه مجددا إلى الجامعة والمستشفى، والقيام بجولة مسائية في قارب التدريب.

وأكد روغ تأقلمه مع هذا البرنامج، والذي اعتبره غير كاف لتأمين مقومات التطوير الفني الذي يتطلب فترة تدريب لا تقل عن ثماني ساعات يوميا يعقبها فترة راحة كافية لاستعادة الجاهزية المناسبة.

وترجم هذا التراجع ميدانيا في فشله في انتزاع أي ميدالية ذهبية في مشاركاته اولمبية الثلاث، بعدما حل فيها في المراكز بين العاشر والعشرين. وكان أهم منافسيه في هذه الفترة مواطنه بطل العالم ثلاث مرات أندريه نيليس، والدنماركي بول ايلفيشتروم، البطل الاولمبي أربع مرات.


انشغالات عملية بالجملة

من جهة أخرى، تعرف روغ إلى زوجته آن، والتي تصغره بعام واحد في سن أل19، وهي كانت تتخصص في علم التصوير الشعاعي، وتأقلمت بسرعة مع أسلوب عيشه لجهة ندرة السهرات والرحلات، واستبدال العطلات بمعسكرات تدريبية، وأيضا استعمال المدخرات المادية القليلة لشراء قوارب شراعية، علما ان روغ لم يبدأ في كسب لقمة عيشه فعليا إلا في سن أل32.

واللافت ان هذا الواقع لم يتغير بعد زواجهما وانجابهما ولدين، واستمرت آن في مواكبة انشغالات روغ المهنية الكثيرة سواء في ميدان عمله العادي أو في اللجنة الاولمبية الدولية بصبر وتفهم كبيرين أوجدا التنظيم المناسب لحياته الاجتماعية في منزله الكبير في مدينة غاند البلجيكية، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن التاسع عشر.

واكبر مثال على انشغالات روغ الكثيرة إجراءه 800 جراحة عام 2000، وخمسة ألاف معاينة، وقيامه ب15 زيارة تفقدية إلى مدينة سيدني التي استضافت دورة الألعاب الاولمبية من اجل الإشراف ميدانيا على التحضيرات، أي ما يوازي 900 ساعة من الطيران. كما تولى مسؤولياته المعهودة في رئاسة الاتحادات الأوروبية في اللجنة الاولمبية، واضطلع بدور كبير في إقرار الإصلاحات الداخلية التي باتت ضرورة ملحة بعد فضيحة الرشاوى التي واكبت اختيار مدينة سولت لايك سيتي لاستضافة دورة الألعاب الاولمبية الشتوية عام 2002.

واللافت ان روغ أشار إلى ان حبه الكبير للرياضة، والذي جعله يحقق حلم شغل منصب رئيس اللجنة الاولمبية حاليا، لم يبلغ اعتقاده الراسخ بوجود أمور أخرى أكثر أهمية في الحياة بالنسبة إليه، وهو أوضح انه يعارض الرمز القائم حاليا في اعتبار عمل رئيس اللجنة الاولمبية تطوعي ومجاني، quot;إذ انه يصيبه بنقاط ضعف عدة، من هنا وجوب مطالبة السلطات الحكومية بتنظيم العمل الاحترافي في الاتحادات الوطنية وصولا إلى اللجنة الاولمبية ذاتهاquot;.

وعموما، اعتاد روغ الترويح عن نفسه في فترات الراحة القليلة التي يمضيها خارج إطار أعماله عبر الاهتمام بالنادي الذي أنشأه في غاند لمزاولة رياضة الركبي، التي تشكل نطاق شغفه الأول حتى قبل الألواح الشراعية، وهو اعتاد مزاولتها خلال فترة الشتاء من اجل المحافظة على لياقته البدنية، واتيح له فرصة تمثيل بلاده في 17 مباراة فيها، وحدد ميزات هذه الرياضة في الاحتكاك والسيطرة على القدرات الفردية من اجل إنجاح مهمة تطبيق التكتيكات الجماعية ذات الصعوبات الكبيرة.

وعلى غرار الركبي، حفظ روغ تقديرا كبيرا لرياضة رفع الأثقال، باعتبارها وسيلة تحرر الذات من الضغوط كما جاء على لسانه، في حين كشف ان الرياضيين الذين اثروا في شخصيته، هم الاميركي بوب بيمون، الذي سجل 90،8 م في مسابقة الوثب الطويل في دورة مكسيكو عام 1968، ومواطنه مايكل جونسون، الذي سجل زمن 32،19 ث الأسطوري في سباق أل200 متر في دورة ألعاب اتلانتا عام 1996، علما انه شكك شخصيا في quot;نظافةquot; هذا الإنجاز، وصديقه بطل الدراجات البلجيكي ادي ميركس، الذي اعجب كبيرا بموهبته.

أما اللغات الخمس التي يتقنها روغ فهي الهولندية لغته من جهة ألام، والفرنسية لغته من جهة الأب، والألمانية والإنكليزية والأسبانية، وعلى صعيد الطباع الشخصية يتميز بالقساوة في العمل، والتنظيم اللا محدود والموضوعية في معالجة الأمور والتكيف مع الظروف الطارئة سواء ايجابية أو سلبية.

وأظهر روغ غالبا تصميما كبيرا على تجسيد مبادئه، على غرار ما حصل في دورة موسكو عام 1980، حين رفض بصفته رئيس بعثة بلاده مقاطعة الألعاب، واقنع رئيس الوزراء البلجيكي بالمشاركة، والسير خلف شعار اللجنة الاولمبية البلجيكية بدلا من علم البلاد في حفلة الافتتاح، وهو ما حصل فعليا.

وبخلاف رئيس اللجنة الاولمبية السابق سامارانش، لا يملك روغ رؤية شخصية لبسط سلطته في العمل، لحساب إدارة فريق متكامل ومتضامن يوجد الحلول الناجحة للمشكلات، ويسهم في تقريب وجهات النظر التي تزيل الاختلافات كلها. ويعكس ذلك عموما ميله إلى معالجة مشكلات الآخرين في حياته العادية.

واذا كان البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان يعتبر مؤسس الالعاب الاولمبية الحديثة، فان روغ نجح في اطلاق الالعاب الاولمبية للشباب والتي انطلقت النسخة الاولى منها في سنغافورة عام 2010.