اختتم سوق انتقالات اللاعبين في الجزائر حيث شهد إبرام صفقات عديدة من العيار الثقيل مع استمرار ارتفاع أسعار اللاعبين المصنفين في خانة النجوم دون مراعاة أي سقف لتحديد الامتيازات المالية التي يتلقاها بعضهم مباشرة عقب التوقيع على العقود.

كما صنفت اغلب صفقات صيف 2012 ضمن خانة الانتقال الحر بعدما وجد جل لاعبي الدوري أنفسهم أحرار من أي التزام قانوني تجاه أنديتهم السابقة كتحصيل حاصل للسياسة المتبعة من قبلهم في المواسم الأخيرة القائمة على العقود قصيرة الآجال ، غير أن الاتحاد الجزائري تدخل هذه السنة و سن لائحة جديدة تجبر اللاعب المتنقل حديثا على توقيع عقد لا تقل مدته عن الموسمين في محاولة منه لإنهاء ظاهرة الترحال و انعدام الاستقرار التي يعرفها الدوري الجزائري و التي أثرت سلبا على أداء اللاعبين خاصة الدوليين منهم الذين لا يهمهم سوى الحصول على المزيد من المال عبر هواية تغيير الأجواء مع حلول كل ميركاتو جديد.

وساهم استدعاء مدرب المنتخب الوطني البوسني وحيد خليلوزيدش للكثير من اللاعبين المحليين في ارتفاع أسعارهم في بورصة الانتقالات.

شعلالي اثناء توقيعه العقد مع وفاق سطيف

واستمر العامل المادي في التحكم في مصير أي لاعب يريد تغيير الأجواء بعيدا عن العامل الفني الذي يفترض أن يكون أولى.

وعلى غرار المواسم المنصرمة فرضت الأندية الغنية ذات الموارد المادية الكبيرة سيطرتها على السوق و احتكرت جل الصفقات الثقيلة في إطار إستراتيجية البحث عن اللاعب الجاهز بعيدا عن التكوين ، و تركت للبقية أطراف السوق تبحث فيها عن لاعبين مغمورين أو في نهاية مشوارهم أو في أحسن الأحوال يمرون بفترات فراغ رهيبة و يتطلعون لبعث مسيراتهم الرياضية من خلال الانضمام لفرق تنافس على البقاء .

وكعادة كل ميركاتو لعب رؤساء الاندية الدور الأبرز في إنهاء الصفقات متجاوزين صلاحيات المدربين المطالبين بالعمل مع أي لاعب يتم التعاقد معه.

ويتقدم الأندية الثرية اتحاد العاصمة الذي رصد ميزانية ضخمة من أموال رئيسه علي حداد خصصها لتحقيق انتدابات وازنة على أمل صناعة فريق أحلام ثان قادر على الجمع بين الدوري و الكأس المحليين و دوري أبطال العرب ، و رغم انه سياسة جلب النجوم التي انتهجها العام الماضي لم تمنحه سوى مرتبة ثالثة في الدوري و إقصاء مر من الدور الربع النهائي للكأس إلا أن حداد يبقى مصرا على انتهاجها لبلوغ طموحاته و العودة إلى سكة البطولات الغائبة عن خزائن النادي منذ العام 2005. و فرض حداد منطقه في السوق و تمكن من خطف ابرز اللاعبين بعدما قدم لهم أفضل العروض المالية مما جعله ينهي العملية مبكرا. و هكذا تعاقدت إدارة الاتحاد مع 11 لاعب جديد و كان بإمكانه رفع العدد لولا المقاومة التي أبداها بعض اللاعبين لإغراءاته و رفض أندية تسريح آخرين ، و أصبح الاتحاد يمتلك في صفوفه اكبر عدد من اللاعبين الدوليين و عددهم ستة .

ويمكن القول أن الاتحاد سيظهر بوجه مغاير تماما لذلك الذي ظهر به الموسم المنصرم فدعم وسط ميدان بكل من احمد قاسمي من شبيبة بجاية و سعد تجار و حسين العرفي من شبيبة القبائل و حمزة كودري من الغريم مولودية الجزائر و إبراهيم بدبودة من لومان الفرنسي و يوسف بن عمارة من شباب باتنة ، و عمل على تحصين خطه الخلفي بالتعاقد مع عادل معيزة من بجاية و هشام مختاري من اتحاد البليدة ، و لتنشيط هجومه و منحه فعالية أكثر استنجد بخدمات محمد سوقار من اولمبيك الشلف و مهاجم منتخب مدغشقر اندريا كاروليس القادم من وداد تلمسان و لكن الصفقة الأهم تبقى تعاقده مع الظهير الأيسر المتألق الدولي مختار بن موسى الذي قاد وفاق سطيف لنيل بطولتي الدوري و الكأس.

حشود بقميص ناديه الجديد مولودية الجزائر

وحاول حداد خطف الحارس الدولي لاتحاد الحراش عز الدين دوخة غير أن مصلحة المنتخب جعلته يتراجع كما فشل في انتداب سعيد بلكلام و الظهير الأيمن الدولي عبد الرحمن حشود الذي اثر الانتقال إلى الغريم مولودية الجزائر.

واضطر الاتحاد إلى تسريح عدة عناصر لإفساح المجال أمام القادمين فاستغنى عن خدمات كل من خالد لموشية و فارس حميتي و سليم بومشرة و الثنائي الأجنبي الماليان مايغا و ديمانتيني.

وتحت ضغط الأنصار عملت إدارة مولودية الجزائر كل ما بوسعها على مجاراة الاتحاد لصنع فريق الأحلام القادر على استعادة البريق المفقود في الموسمين الأخيرين اللذان قضاهما في الصراع على تفادي الهبوط ، و يمكن القول أن العميد نجح في مسعاه إلى حد بعيد بالنظر إلى الأسماء الثقيلة التي أصبحت تزين تشكيلته خاصة قدوم الظهير الأيمن الهداف حشود الذي رفض كافة العروض المغرية التي توصل بها و أمضى للمولودية ، إلى جانب كل من حسين مترف الذي رفض هو الآخر التجديد للقبائل لخوض تجربة جديدة ليكون العميد هو خامس ناد يحمل ألوانه في ظرف خمس سنوات على أمل استعادة المستوى الذي يعيده إلى الخضر ، كما ضم العميد المدافع رضوان بشيري و متوسطا الميدان مهدي قاسم وبلال والي من بجاية و الحارس حميلي من وداد تلمسان و المهاجم معاوية مكلوش المعار من اتحاد العاصمة و قلب الهجوم الكونغولي ليلو مبيلي.

أما وفاق سطيف و رغم انه حامل لقبي الدوري و الكأس إلا انه فشل في الحفاظ على كوادره و تعرض لنزيف بشري حاد ، فغادره العديد من الأسماء التي بفضلها استعاد وزنه طوعا أو عصيانا ، و مس النزيف الخطوط الثلاثة ، فرحل عنه الحارس محمد بن حمو و المدافعين حشود و بن موسى و إسماعيل ديس الذي انتقل إلى اتحاد بلعباس الصاعد حديثا و المهاجم يوسف غزالي و المايسترو عبد المؤمن جابو الذي احترف في تونس مع النادي الإفريقي.

ورغم الأزمة المالية التي عاشها هذا الصيف إلا أن إدارته نجحت في إتمام صفقات وازنة من شانها أن تساهم في الحفاظ على قوة الفريق المقبل على خوض منافسة دوري أبطال إفريقيا التي شجعت عدة لاعبين لقبول عروضه على أمل التألق فيها و الحصول على عروض احترافية أجنبية أفضل ، و من ابرز الأسماء التي ضمها لكتيبة عين الفوارة المدافع المالي باري ديمبا العائد إلى الجزائر بعد تجربة احترافية دامت عدة مواسم في السودان مع الهلال بعدما سبق له أن لعب ثلاث سنوات للقبائل ليكون الأجنبي الثاني مع المهاجم العاجي ميشاك كوفي ، كما تعاقد المهاجم الدولي محمد شعلالي من نادي أبردين الاسكتلندي ، المدافع فارس بن عبد الرحمن من شباب بلوزداد و وسط ميدان نصر حسين داي هشام العقبي و العيد مادوني من مولودية سعيدة و يحيي فوزي من مولودية بجاية و زيتي محمد من قسنطينة و الذي سيعوض ذهاب بن موسى ، كما انتدب نافع علوي من بسكرة و مع المغتربين عناب و خذايرية و سلطاني.

وعلى غرار الموسم الماضي فضل النسر الأسود المزج بين الأسماء الرنانة التي يتطلب استقدامها أموال باهظة و الأسماء المغمورة التي ترغب في الحصول على فرصة في ناد مثل الوفاق لتفجير مواهبها الفنية تماما مثلما حدث في صيف 2011 و هي الإستراتيجية التي فرضتها المعطيات المالية للفريق و نجح بفضلها الموسم المنصرم في انتظار التأكيد هذا العام.

وفي ما يخص شبيبة القبائل صاحب الرقم القياسي في عدد المرات الفوز بالدوري و الذي ظل لغاية بداية الألفية الثالثة قبلة النجوم فان الأمر اختلف معه في السنوات القليلة الأخيرة مع بروز نجم اتحاد العاصمة و المولودية و أندية أخرى أصبحت تقدم عروض أغلى بكثير من تلك التي يقدمها رئيس الكناري شريف حناشي خاصة بعدما ضيع الدعم المادي للعديد من إثراء المنطقة و تراجع نتائجه محليا و قاريا .

و مع ذلك فان حناشي تمكن من اصطياد عصافير نادرة كانت محلة متابعة الأندية المنافسة ، في مقدمتها المدافع الدولي الصاعد سمير بلعمري القادم من حسين داي و الذي يتوقع له الخبراء أن يكون في التشكيل الأساسي للخضر في السنوات القليلة المقبلة في حال واصل على نفس النهج ، كما تعاقد الكناري مع صانع الألعاب عبد المالك مقداد العائد هو الآخر من تجربة احترافية فاشلة بالإمارات ، و مع المهاجمان بوعيشة و احمد مساعدية القادمان من شباب باتنة على أمل إيجاد علاج للعقم الهجومي الذي لازم الفريق المواسم الماضية ، و استعاد متوسط الميدان طيب معروسي من بجاية و هو الذي سبق له أن لعب و تألق مع القبائل قبل أربع مواسم .

و نجح حناشي أيضا في الاحتفاظ بالمدافع الدولي سعيد بلكالام رغم المحاولات الكثيرة التي قام بها للرحيل ، غير أن حناشي فشل في إتمام صفقتي محمد عودية و إسلام سليماني بسبب مطالبهما المالية الباهظة و هو ما يؤكد بان الشبيبة أصبحت تكتفي بجلب نجوم الدرجة الثانية .

وبدوره لم ينشط شباب بلوزداد كثيرا في السوق و اكتفى بالحفاظ على دعائم التشكيل الذي به بلغ نهائي مسابقة الكأس و أهم ما حققه هذا الصيف هو نجاحه في إقناع الدولي إسلام سليماني بتجديد عقده معه لموسمين بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من الرحيل بعدما فرض نفسه النجم للميركاتو الصيفي كما انتدب المهاجم البنيني انغان القادم من الوداد البيضاوي المغربي و فارس حميتي من اتحاد العاصمة . و ما يقال عن بلوزداد يقال أيضا على جاره اتحاد الحراش الذي احتفظ بحارسه الدولي عز الدين دوخة و انتدب المهاجم يونس سفيان من المولودية و منحه فرصة لبعث مشواره المتعثر بفعل الاعطاب.

أما اولمبيك الشلف و رغم انه كان معنيا بالمشاركة في دوري أبطال إفريقيا إلا انه اكتفى بصفقات لا تغني و لا تسمن من جوع بما أن الفريق خرج صفر اليدين من المسابقة القارية و ابرز صفقاته استقدام الظهير الأيسر شمس الدين نساخ الذي فضل ترك اتحاد العاصمة بعد أيام قليلة من التوقيع له تخوفا من بقائه أسير مقاعد الاحتياط بعد التعاقد مع بن موسى ، كما تعاقد الشلف مع فضيل حجاج و الياس سعيدي و سفيان جنان و الكمرونيان اينييغا و باتريك كامقانج مقابل تفريطه في محمد سوقار و حسين اشيو و عبد السلام شريف.

وعرف تعداد بجاية تغييرات كثيرة بسبب رحيل عدد هام من العناصر رغم أن الفريق أنهى الموسم الماضي وصيفا و مدعو لخوض منافسة دوري أبطال إفريقيا غير أن الخسارة التي تعرض لها في نهاية الموسم على ملعبه أمام مولودية وهران و ما تبعها من جدل حول إمكانية ترتيب نتيجتها دفعت بالعديد من اللاعبين إلى المغادرة مثل معيزة و معروسي و سعيدي و حملاوي و يابون ، و لتعويض هذه الأسماء تعاقدت الإدارة مع كل من محامحة وقاسم حاجي وبوساحة.

أما بقية الأندية على غرار مولودية وهران و تلمسان وباتنة والثلاثي الصاعد حديثا اتحاد بلعباس و أهلي البرج و شباب الساورة ، و نظرا لتواضع ميزانياتها و اكتفائها باللعب على البقاء فان انتداباتها تركزت على جلب لاعبين من أندية الدرجة الثانية و الثالثة و على اللاعبين المغمورين الذين لا يجذبون انتباه الفرق الغنية.