في الوقت الذي ستعرف نهائيات كأس أمم أفريقيا 2013 حضوراً قوياً للاعبين الأفارقة المحترفين في أوروبا فان حضور نظرائهم ممن يلعبون في الدوريات العربية سيقتصر على عشرين لاعباً فقط موزعين على ست منتخبات ، و يلعبون في سبع دوريات خمسة في قارة أفريقيا و ثلاثة في الخليج العربي .

ديدا ميلود - إيلاف :يطرح هذا الحضور الضعيف لأفارقة الأندية العربية الكثير من التساؤلات خاصة أن الأمر لم يقتصر على الدورة الحالية بل أصبح يتكرر مع كل دورة ، و لعل السؤال الذي يفرض نفسه بقوة يتعلق بالمستوى الفني الحقيقي للاعبين الأفارقة الذين تنتدبهم أنديتنا مع بداية و منتصف كل موسم بل و الكثير منهم يحظون بمنافسة شرسة من قبل الأندية التي تلجا إلى سلاح المزايدة للظفر بخدماتهم ، و الكثير منهم يرفضون الخضوع للتجارب التقنية قبل التوقيع على العقود بحجة أن مؤهلاتهم أكبر من الخضوع للتجارب .
و مما يؤكد تواضع أن لم نقل ضعف الإمكانيات الفنية التي يتمتع بها اللاعب الأفريقي المحترف في الملاعب العربية هو أن الأسماء التي تضمها لائحة العشرين لاعبا تعتبر مغمورة و تلعب لمنتخبات ضعيفة غير مرشحة للتنافس على الأدوار الطلائعية ، فباستثناء مهاجم منتخب زامبيا حامل اللقب ساكووا جوناس الذي يلعب لنادي المريخ السوداني و المهاجم الغاني اساموا جيان الذي يتقمص ألوان العين الإماراتي و مواطنيه المدافع افول هاريسون و المهاجم ايمانويل كلوتي اللذان يلعبان مع نادي الترجي التونسي وصيف بطل أبطال أفريقيا ،باستثناء هؤلاء فأن بقية الأسماء منتخباتها مرشحة لمغادرة البطولة من دورها الأول ، كما أن جل الأسماء ستكتفي بتسخين دكك الاحتياط و لا تدخل في حسابات مدربيها إلا كبدلاء .
فمنتخب النيجر الذي يتأهل لكأس أفريقيا للمرة الثانية فقط في تاريخه يضم في صفوفه سبعة عناصر تنشط في دوريات عربية أربعة في تونس و أثنين في المغرب و واحد في الجزائر و أبرزهم هو المهاجم الحسن يوسوفو الذي يدافع عن ألوان الوداد البيضاوي ، و بدوره يضم منتخب بوركينافاسو خمسة لاعبين قادمين من أندية عربية أبرزهم و أشهرهم المهاجم داغانو موموني من نادي السيلية القطري ، كما استعان منتخب مالي بمدافع نادي لخويا القطري ادريسا كوليبالي الذي سبق له أن شارك في دورة 2012 دون أن يلعب أي مباراة ، و استنجد المدرب الفرنسي لمنتخب الكونغو الديمقراطية كلود لوروا بمهاجم نادي الرائد السعودي ديبا ايلونغا بيفاس ، و يلعب للمنتخب الأثيوبي مهاجم نادي وادي دجلة المصري احمد صلاح الدين .
و الواقع أن كاس أفريقيا كشفت أو بالأحرى فضحت المستوى الحقيقي للاعبين الأفارقة الذين تلهث ورائهم الأندية العربية للتعاقد معهم على حساب اللاعبين المحليين ، و رغم أن اللاعب الأفريقي يتوفر على مزايا بدنية و مهارات فنية عالية و قدرة على التأقلم مع الأجواء الجديدة بسرعة إلا أن الموضوع أكبر من ذلك ، فليس كل ما يلمع ذهباً ذلك أن اللاعبين الأفارقة و أن كانوا يشتركون في القدرات البدنية فان الأمر يختلف عندما يتعلق بالمؤهلات التقنية و التكتيكية حيث تبرز في الصورة مستويات و درجات عديدة و التباين واضح من درجة لأخرى ، و الأكيد هو أن الأندية العربية تنفق أموالها من اجل انتداب لاعبي الدرجة الثانية أو ربما الثالثة ممن يقل تواجدهم في منتخبات بلدانهم و أن وجدوا فللأحتياط فقط ، فاللاعبين الأفارقة المميزين تخطفهم الأندية الأوروبية مبكراً لدعم صفوفها لأنها تعتمد على منقبين و كشافين يعرفون جيداً أدغال القارة السمراء و يمتلكون تجارب كبيرة في فن العثور على أفضل اللاعبين في سن الزهور مثلما حدث مع المهاجم الكاميروني صامويل ايتو و الليبيري جورج وياه و الغاني ابيدي بيلي و النيجيري جون اوبي ميكال و آخرون احترفوا في أوروبا في سن العشرين أو حتى قبلها . و حتى بالنسبة للاعب الأفريقي فعندما تأتيه العروض الاحترافية من الخارج فانه يصنفهاإلىدرجات فيجعل الأندية الأوروبية في المرتبة الأولى تليها اليابانية ثم تأتي الأندية العربية في أسفل الترتيب لأنها لا تطبق الاحتراف الحقيقي و لا تقدم العروض المالية المغرية التي تتركها للاعب الأوروبي أو البرازيلي و الأرجنتيني مما يفوت عليها فرصة استغلال مثل هذه المواهب .
و أما هذه المعطيات فان إعادة النظر في استراتيجيات الاتحادات و الأندية العربية في هذه المسالة بات أمراً ضرورياً خاصة انه اثر سلباً على معنويات و أداء اللاعب المحلي خاصة المهاجمين بدليل أن المنتخبات العربية خاصة الخليجية أصبحت تعاني بشكل مخيف من ندرة أصحاب الحس التهديفي العالي ، و مما يزيد من غموض هؤلاء اللاعبين أنهم يحملون في سيرهم الذاتية صفة لاعب دولي دون أن يصله استدعاء المنتخب طوال فترة تواجده في النادي ، فلا يستبعد أن يكون هناك تواطئا بين اللاعب و والسماسرة الذين يعرضونه على الأندية العربية و حتى مع الاتحادات الأفريقية التي تمنحهم وثيقة لاعب دولي لتساعده على الاسترزاق.
وفي ظل استحالة استقدام أفضل اللاعبين الأفارقة فان الاستغناء عنهم أو تقليص عددهم يبقى أحسن وسيلة لتطوير الكرة العربية مثلما فعلت العديد من الاتحادات العربية على غرار الاتحاد المصري الذي قرر قبل سنوات منع تعاقد الأندية مع الحراس الأجانب و الإتحاد الجزائري الذي فرض على الأندية تقليص عدد اللاعبين الأجانب من ثلاثةإلىاثنين فقط مع السماح بإشراك لاعب واحد فقط في المباريات الرسمية .